يوسف عوف

أزمة دستورية عاصفة

الجمعة، 22 فبراير 2013 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الأشهر القليلة القادمة، سنكون على موعد مع أزمة دستورية جديدة عاصفة. ولا عجب أن مصدر الأزمة هو هذا الدستور المصرى الجديد الممتلئ بالعيوب ومواضع الخلل. موضع الخلل هذه المرة هو نص المادة 177 من الدستور التى قررت أن تعرض مشروعات القوانين المنظمة لكافة أنواع الانتخابات ــ رئاسية، برلمانية، محلية ــ على المحكمة الدستورية العليا قبل إصدارها، فيما يسمى بالرقابة الدستورية السابقة (أى قبل إصدار القوانين) لتقرير مدى مطابقة هذه القوانين للدستور، وقرار المحكمة فى هذا الشأن واجب النفاذ. كما قررت المادة 177 أن القوانين المشار إليها، بعد إصدارها، لا تخضع للرقابة الدستورية اللاحقة للمحكمة الدستورية العليا.

الهدف الأساس من هذه المادة الدستورية المستحدثة هو إبعاد المحكمة الدستورية عن ممارسة الرقابة القضائية اللاحقة (بعد إصدار القوانين) على القوانين سالفة الذكر حتى نتجنب الحكم بعدم دستوريتها ــ بعد تطبيقها بالفعل ــ ومن ثمّ بطلان الانتخابات، رئاسية كانت أو برلمانية أو محلية.

كما هو معلوم، فقد دخلت هذه المادة موضع التنفيذ من خلال تعديلات قانونى مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية، وقد قررت المحكمة الدستورية العليا ــ هذا الأسبوع ــ أن التعديلات التى أدخلت على هذين القانونين غير دستورية فى عديد من المواضع، وقد دارت مناقشات واسعة داخل مجلس الشورى لدى مناقشة قرار المحكمة الدستورية العليا، غير أن الأهم فى هذا السياق هو ما أعلن رسميا من عدة مصادر أن مجلس الشورى، عقب إجراء التعديلات المطلوبة على مشروعى القانون طبقا لقرار المحكمة الدستورية، لن يعيد عرض مشروعى القانون على المحكمة الدستورية مرة ثانية لأخذ رأى هذه الأخيرة بشأن مدى دستورية التعديلات وإنما سيصدر القانون مباشرة. وهذا هو ما حدث بالفعل إذ قام رئيس مجلس الشورى بتسليم مشروعى القانون لرئيس الجمهورية تمهيداً لإصدارهما، كما وأن قراراً جمهورياً صدر بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس النواب.

على الجانب المقابل، وفى تصريح رسمى آخر، قرر نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث الرسمى باسم المحكمة، أن من حق المحكمة الدستورية أن تمارس الرقابة اللاحقة على قانونى مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية عقب إصدارهما إذا لم ينفذ ما قررته المحكمة تنفيذا كاملاً غير منقوص (وهو ما لم يحدث) وهو ما يعنى، بمفهوم المخالفة، ضرورة عرض المشروع على المحكمة الدستورية مرة ثانية ــ بعد قيام مجلس الشورى بتعديل مشروعى القانون طبقاً لقرار المحكمة الأول ــ للتأكد من أن مجلس الشورى عدّل مشروعى القانون منفذاً لكل ما جاء بقرار المحكمة وذلك خروجاً من شبهة الالتفاف على قرار المحكمة الدستورية.

يتضح من ذلك كله موضع الأزمة التى ستنشأ فى الأشهر القادمة، وهى أن تجرى انتخابات مجلس النواب الجديد بناء على قانون غير دستورى (لعدم قيام مجلس الشورى بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية بتمامه) ثم تقرر المحكمة الدستورية ــ بعد أن ينعقد مجلس النواب الجديد ــ أن تمارس دورها الأصلى فى الرقابة القضائية اللاحقة وتقضى بعدم دستورية قانون مجلس النواب وهو ما يعنى بطلان انتخابات هذا المجلس وعدم شرعيته، ولا يخفى على أحد ما يعنيه ذلك من آثار كارثية ليست فى حاجة لإيضاح.

أسلم الطرق لتجنب هذا المأزق الكبير كان أن يعاد مشروعى القانونين إلى المحكمة الدستورية مرة ثانية بعد أن انتهى مجلس الشورى من إعمال مقتضى قرار المحكمة الأول، وذلك حتى يصدر القانونين وقد استنفذت المحكمة الدستورية العليا كامل ولايتها فى الرقابة القضائية على مشروعى القانونين. وفى تقديرى أن هذا هو التفسير الصحيح لنص المادة 177 من الدستور الجديد وهو ما يحقق جوهر فكرة الرقابة السابقة ويخرجها من دائرة الرقابة الشكلية أو الرأى الاستشارى.

أما موضع الخلل الموجود بنص المادة 177 ــ وهو ما ابتدأ هذا المقال بالحديث عنه ــ فهو أن هذا النص سكت عن علاج هذا الفرض الذى نحن بصدده الآن وهو ما يظهر فى هذين السؤالين: هل يجب على مجلس الشورى أن يعيد مشروع القانون مرة ثانية للمحكمة الدستورية بعد إنفاذ قرارها الأول؟ وإذا لم يُعِد مجلس الشورى مشروع القانون للمحكمة مرة ثانية، هل من حق المحكمة الدستورية أن تمارس الرقابة القضائية اللاحقة؟ هذه أسئلة من الأهمية والخطورة بمكان بحيث ما كان يجب أن تترك الإجابة عنها للاجتهادات الشخصية التى ستتحول ــ بالقطع ــ إلى سجال سياسى كبير سيفتح الباب لأزمات عنيفة نحن أحوج ما نكون للابتعاد عنها.





مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري جدا

لعبة اخوانية

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد طلبه

الاخوان المتأسلمين

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء الدين عطا الله * كفر الشيــــــــــخ

نحن الأن امام جماعة لا تحترم قانونا ولا دستورا

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء الدين عطا الله * كفر الشيــــــــــخ

نحن الأن امام جماعة لا تحترم قانونا ولا دستورا

عدد الردود 0

بواسطة:

مجمد عوض

أين الكفاءات والمتخصصون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة