محمود البدرى يكتب: مين اللى يقدر يشترى مصر؟

الإثنين، 18 فبراير 2013 09:13 ص
محمود البدرى يكتب:  مين اللى يقدر يشترى مصر؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مما لا شك فيه أن الوضع الاقتصادى الراهن والذى أقل ما يوصف به أنه متدهور كان بفعل ثلاثينية الفساد التى حكمت البلاد فى فترة حكم المخلوع والتى سعى فيها إلى تجريف البلاد من خيراتها ومواردها، حيث وُجهت عن قصد وتعمد مع سبق الإصرار والترصد إلى حفنة من الساسة ورجال الأعمال وأصحاب الحظوة الذين استأثروا بها لمصالح شخصية قادتهم لمحاولة الحصول على حق انتفاع منفرد بالوطن، فعمدوا إلى تقويض أركانه وتقطيع أوصاله وامتصاص دمائه وتجويع شعبه لسنين كان يخطط لها أن تكون إلى أبد الآبدين لولا تدخل العناية الإلهية التى أنهت تلك المحاولة الشيطانية الآثمة.

وفى إطار سعى مصر الثورة الحثيث إلى النهوض من كبوتها الاقتصادية عمدت إلى قبول بعض مساعدات من دول عربية، وفى خطوة تحسب لها أبدت بعضاً منها استعداداً لتقديم يد العون للشقيقة الكبرى للخروج من عثرتها والنهوض من كبوتها.

أُطلقت تصريحات كبيرة وكثيرة راغبة فى تقديم مساعدات مالية إلاً أن المُنفذ منها كان لا يرقى إلى حجم تلك التصريحات دون تأكيد فعلى لها على أرض الواقع.

لم تلق تلك التصريحات حظاً فى الخروج إلى النور غير وديعة سعودية وأخرى تركية ثم حقبة مساعدات قطرية صاحبها استثمارات لمشاريع على الأرض المصرية.
مجهود مشكور عليه كل من تقدم به، حيث عجزت أو تقاعست دول أخرى عن القيام بذلك الدور برغم قدرتها على تأدية ذلك وأكثر، بل أنها قادرة على تغطية ميزانيات لدول عديدة وليس لدولة واحدة.

تلقفت ألسنة مصرية المساعدات القطرية بتصريحات استفزازية غير مسئولة، حيث صرحت بأن قطر تنتوى السيطرة على مصر ومدخراتها ومقدراتها من خلال فرض نفوذها المالى بحفنة مساعدات تُطوق بها رقاب المصريين، كما أنها تسعى إلى استئجار المجرى الملاحى العالمى "قناة السويس" بالانتفاع به والسيطرة عليه.

وفى تعليقه على تلك التصريحات عبر الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر عن استيائه الشديد منها واصفاً إياها بالسخيفة وأضاف أن تلك التصريحات لا تليق بمكانة مصر وحجمها.

إن تلك التصريحات ستسبب لمصر ضرراً بالغاً، فهى مدعاة إلى نفور دول أخرى من تقديم مساعدات أو استثمارات داخل مصر خوفاَ من الزج بها فى تلك المهاترات، والتى قُصد بها فى حقيقة الأمر من المزايدين زيادة الأوضاع سوءًا وتردياً لحال البلاد رغبة منها فى حجب أى تقدم أو نجاح يمكن أن يُنسب إلى تيار هى تُعاديه وتقاومه لإفشاله وإسقاطه فى تجربته السياسية، متغاضين عن مصلحة البلاد التى يجب أن نسعى إليها مهما كان منفذها.

إن بعضاً من الأحزاب أو التيارات السياسية مهما اختلفت أيديولوجياتها يجب أن تنحى المصالح الشخصية والحزبية الضيقة التى سيطرت على مفاهيمها دون مراعاة لوطن يجب أن يتكاتف الجميع لكى ينهض من كبوته وعثرته بصرف النظر عمن ستتحقق النجاة على يديه، إن كانت هناك بقية متبقية من وطنية وحباً للبلاد والتى لابد وأن تتبلور فى أداء سياسى راق يرتقى بحال البلاد من خلال تقديم آراء وحلول لما يجب أن يكون وتقديم المزيد من بدائل يجب أن تكون.

إن قيام دول بمنح مساعدات مالية أو القيام باستثمارات اقتصادية لا يجب أن يفهم على أنه محاولة استعمارية أو أنها محاولة للسيطرة على مقدراتها ومواردها وعقولها أو النيل من كبريائها أو التقليل من سيادتها أو التأثير فى قرارها خاصة إن كانت دولة بحجم الدولة المصرية.

إن تطبيقاً على أرض الواقع لما يقولون ستصبح مصر مستعمرة للسعودية وتركيا وقطر والاتحاد الأوربى وأمريكا، غير أن المساعدات والاستثمارات أمر وارد وجائز بين الدول وبعضها فى أرجاء المعمورة إلا أن ذلك ليس بكافٍ لبناء اقتصاد الدول بل يجب أن تقام مشاريع اقتصادية عملاقة تنهض بالبلاد، كما أن المساعدات والاستثمارات لا تتم إلاً فى إطار علاقات المصالح المشتركة.

إن أحداً مهما كان حجمه الاقتصادى أو وضعه المالى أو السياسى أو الدولى لا يستطيع أن يفرض نموذجه أو وصايته على الدولة المصرية أو أن يشترى شعبها أو أن يسيطر على عقلها ومقدراتها ومواردها وخيراتها.

إن أحداً كائناً من كان لا يستطيع أن يُهيمن على مصر بشعبها وتاريخها الذى يضرب بجذوره فى أعماق التاريخ صانعاً حضارة من أقدم الحضارات التى شكلت وجه الكون فى ماضيه وحاضره ومستقبله.

كفاكم يا من تحتكرون الوطنية وفرضتم الوصاية والجباية على الشعب المصرى تجنياً على وطن يئن من عذابات ذاقها ويذوقها على أيدى أبنائه.
نحن فى انتظار حلول وبرامج وسياسات من عقولكم التى تصورت أنها وفقط التى تبصر وتدرك وتفكر وتقرر مُنكرة على غيرها نفس الحقوق، ورحم الله الشافعى الذى خاطب مريديه قائلاً: "رأيى خطأ يحتمل الصواب ورأى غيرى صواب يحتمل الخطأ ".

وفى المقابل لابد من أن تكون توجهات الدولة نحو فكر اقتصادى متكامل يسهم فى إنماء لاقتصادنا بتدوير المصانع المعطلة وإنشاء أخرى جديدة وإقامة مشروعات تنتشل الوطن من حالته الاقتصادية المتردية.

وقولاً واحداً: لن يستطيع أحد أن يعتلى رقاب المصريين أو أن يفرض نفوذه و"مين اللى يقدر يشترى مصر؟".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة