لم يكن مفاجئا أن يتم إعفاء الدكتور ياسر على من منصبه كمتحدث باسم رئاسة الجمهورية، ونقله لمكان آخر، فطيلة الفترة الماضية كان ياسر على محل انتقاد الكثيرين ممن أطلقوا عليه وصف «النافى الرسمى» فى إشارة لا تخلو من الدلالة، فالمتحدث باسم الرئاسة إذا ما أحصيت تصريحاته منذ أن تولى منصبه عقب وصول الدكتور محمد مرسى لمقعد الرئاسة وحتى الآن ستجد أن النفى هى الصفة التى لازمتها دائما، لدرجة أنها تحولت لعادة لديه، لم يستطع التخلص منها حتى بعد صدور قرار بنقله، ففور الإعلان عن الخبر فى وسائل الإعلام خرج ياسر لينفى هذا الخبر جملة وتفصيلا ويؤكد أنه مستمر فى أداء عمله، وبعدها بيومين وبعد صدور القرار رسميا من الرئاسة عدل ياسر على عن نفيه وقال إنه هو من طلب من الرئاسة الإعفاء ونقله لمركز معلومات مجلس الوزراء لتوافق المهمة الجديدة مع المؤهلات الدراسية والعلمية الحاصل عليها، حقا إن الطبع يغلب التطبع.
لكن المفاجئ والغريب فى أمر إعفاء المتحدث من منصبه هو الجزء الآخر من القرار، والخاص باختياره ليتولى رئاسة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، والغريب هنا يكمن فى أن هذا المنصب يكون بقرار من رئيس الوزراء وليس من رئاسة الجمهورية، ووفقا للدستور الجديد فإن لرئيس الوزراء سلطات لا يجب أن تتدخل الرئاسة فيها، لكن يبدو أن الرئاسة ورئاسة الوزراء يتعاملان بمنطق «زيتنا فى دقيقنا»، فالقرار صدر من الرئاسة وتم تمريره لرئيس الوزراء لكى يعلنه رسميا وكأنه هو صاحب القرار، حتى لا يقول حاقد إن الرئاسة تسلب مجلس الوزراء حقوقه الدستورية والوظيفية، لكن هذه الحركة لن تمر مرور الكرام على المصريين، فالدكتور هشام قنديل ما كان له أن يصدر مثل هذا القرار إلا بتكليف رسمى من الرئاسة، ولا أريد من أحد أن يخرج ويقول إن الرئاسة رشحت ياسر على للمنصب، والدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء صدق على هذا الترشيح، لأن الواقعة برمتها تؤكد أن قنديل والمحيطين به فى مجلس الوزراء لم يكونوا على دراية بالقرار الذى كان قد صدر من الرئاسة قبل أسبوع تقريبا، وأنه عندما أصدرت الرئاسة القرار وعلم به قنديل قيل للرئاسة إن هذا ليس من اختصاصات الرئيس وإنما رئيس الوزراء، فتم تعديل الصيغة لتكون صادرة من قنديل وليس من مرسى. إن ما حدث يؤكد العبثية التى تحكم دولاب العمل داخل مؤسسة الرئاسة، وتؤكد أيضا أن هذه المؤسسة تتلاعب بالدستور والقانون لصالحها، وتستخدم كل الصلاحيات الممكنة وغير الممكنة فى تحقيق رغباتها فى زرع أشخاص محددين داخل وظائف عامة للاستفادة منهم فى أوقات الضرورة، ومن لم يصدق فلينظر إلى واقعة تعيين عمر، نجل رئيس الجمهورية فى الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، فهذه الواقعة تشير إلى العبثية الشديدة، فالمسابقة التى عين من خلالها نجل الرئيس كانت مسابقة «داخلية» وفقا لما أكده الكابتن مجدى عبدالهادى، رئيس مجلس إدارة الشركة، وكلنا يعلم أن المسابقات الداخلية يكون الهدف منها تثبيت العمالة المؤقتة، فهل كان نجل الرئيس ضمن العمالة المؤقتة بالشركة، أم أن المسابقة تم الإعلان عنها خصيصا مرضاة لنجل الرئيس!