معصوم مرزوق

ديكتاتورية فى طور التكوين!

السبت، 16 فبراير 2013 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المحزن أن نقرأ لبعض هؤلاء الذين كنا نحسن الظن بهم مقالات تبريرية لأخطاء النظام، كما أنهم لم يكتفوا بتبرير السياسات الفاشلة، بل تجاسروا على تبرير المذابح التى ترتكب ضد شباب مصر، حيث سقط خلال الأسابيع الماضية حفنة من طليعة الثورة، وكما لاحظنا جميعاً من مراجعة الأسماء، سنجد أن أغلبهم ممن صوتوا للرئيس الحالى، ثم أصبحوا من رموز معارضته..ولم يكتف هؤلاء المبررون بذلك، بل حاولوا بقدر كبير من التحايل أن يحملوا المعارضة المصرية ذنب هذه الدماء الطاهرة.. وأصبح التظاهر السلمى فى نظرهم حضاً على العنف، وأصبح الاعتراض خيانة.. وينسى هؤلاء المبررون أن التاريخ لن يغفر لهم تلك المحاولات البائسة لخديعة الرأى العام المصرى.

رغم استمرار سيل دماء المصريين فى الشوارع والميادين، وامتهان كرامتهم وانتهاك آدميتهم على أيدى النظام الحالى، فإن المعارضة المصرية ظلت تؤكد بشكل حاسم انحيازها الكامل للثورة المصرية وأهدافها فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مع تحميل النظام مسؤولية كل ما يجرى فى الشارع المصرى من عنف وفوضى، باعتبار أن سياساته تعيد إنتاج ممارسات نظام مبارك الذى أسقطه الشعب المصرى بثورته فى 25 يناير 2011، وقد كان من المدهش ما صدر من تصريحات عن قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة حول الاشتباكات التى حدثت أمام قصر الاتحادية، إذ جاءت كل هذه التصريحات الغريبة لتحمل قيادات المعارضة وعددا من الرموز السياسية مسؤولية ما يحدث فى محاولة لتشويه صورة المعارضة ووصم رموزها بالدعوة للعنف والتخريب.

ورغم أن المعارضة جددت أكثر من مرة تأكيدها برفض العنف منهجا للثورة وتمسكها بسلمية المظاهرات والتحركات الجماهيرية، إلا أن آلة الدعاية الجبارة للنظام واصلت خطة ممنهجة لتشويه المعارضين، واغتيالهم معنوياً بشكل ربما يمهد لاغتيالهم وتصفيتهم جسديا، وهو ما تفتق أخيراً على لسان أحد مناصرى النظام فى دعوة صريحة اشتملت على ما أسماه فتوى شرعية باغتيال قادة جبهة الإنقاذ. ولقد بدا أن ما حدث أمام الاتحادية من هجوم مدبر تم بإعداد وتدبير ونداء ونفير من بعض العناصر القيادية فى الحزب الحاكم لم يكن سوى سيناريو تشير بعض الشواهد إلى أنه مدبر وهو أقرب إلى «الكمين» من قبل قوى فى السلطة لجر الثوار لممارسة عنف مضاد فضلا عن أن الهدف الرئيسى من هذا «الكمين» هو الإساءة للثورة والثوار ودمغهم بممارسة العنف فى محاولة لتشويه صورتهم أمام الجماهير، ولم يكن بيان رئاسة الجمهورية الذى حمل القوى السياسية المسؤولية ودعاها لسحب أنصارها فورا إلا تأكيدا جديدا على الرغبة فى الإساءة للمعارضة وإفشال التحركات الجماهيرية السلمية التى ترفع مطالب استكمال الثورة. وقد أعلنت رموز المعارضة رفضها لممارسة العنف بأى صورة من الصور ولكنها فى ذات الوقت حملت السلطة المسؤولية الكاملة عن حالة العنف والفوضى فى الشارع المصرى، وأكدت أن سياسات هذه السلطة الحاكمة تؤدى إلى نشر الإحباط والغضب فى صدور المصريين وشبابهم بما يسد المنافذ أمام كل الحلول السياسية، وأن استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين لن يؤدى إلا إلى المزيد من دماء المصريين وسقوط المزيد من الشهداء، كما جددت المعارضة فى أكثر من مناسبة ندائها إلى جماهير الشعب لمواصلة الاعتراض بشكل سلمى من أجل الضغط لاستكمال أهداف الثورة والتأكيد على نضال المصريين من أجل وطن جديد.

وكان من الملاحظ أن رموز جبهة الإنقاذ قد خرجوا فور بدء الاشتباكات التى وقعت أمام قصر الاتحادية وطلبوا من أنصارهم التدخل لفض أى صور للعنف والتمسك بالتعبير السلمى عن الرأى، وهذا فى إطار سعى المعارضة لإفشال خطة النظام فى تشويه الثورة والثوار أمام الرأى العام بتصويرهم على أنهم بلطجية، ورغم الشكوك العميقة فى كون ما جرى كمينا مدبرا خاصة مع ما يؤكد ذلك من شواهد من إلصاق التهم المجهزة سلفا فورا للمعارضة وللشباب المحتج فى شوارع مصر، إلا أن أى مراقب محايد كان يمكنه أن يرى بوضوح أن من توجهوا بمسيرات سلمية إلى الاتحادية ليسوا أبدا بلطجية ولا مأجورين كما يحاول النظام وصمهم، وإنما هم شباب غاضب نتيجة غياب القصاص والعدالة وإحساسهم بسرقة ثورتهم لصالح جماعة الإخوان وسلطتها وانسداد أبواب الأمل فى وجوههم، ولا يمكن قبول المشاركة فى جريمة تشويه هذا الشباب الطاهر الثائر أو التخلى عنهم وعن حقهم فى التعبير عن رأيهم وغضبهم المشروع فى مواجهة السلطة.

إن تفاقم العنف منذ ذلك التاريخ يتحمل مسؤوليته أولئك الذين خططوا ودبروا الاعتداء السافر على المعتصمين السلميين أمام أسوار القصر، وما تبعه من صور التعذيب والتنكيل التى رآها العالم كله لشباب طاهر على بوابات نفس القصر..إن استمرار الوضع الراهن يمثل خطراً داهماً على الوطن ومستقبله، حيث يؤسس لدولة الفوضى والعنف، مع استمرار تجاهل مطالب المصريين المشروعة ومواصلة العناد والتجبر، بالشكل الذى يجعل الحديث عن مبادرات وحوارات مجرد تعمية لإخفاء استمرار سيل الدماء فى الشوارع وانتهاج نفس السياسات والأساليب، والحل بيد السلطة وحدها، فإذا كانت تمتلك الإرادة فلتبادر إليه الآن وفوراً، وإلا فلترحل غير مأسوف عليها بعد أن فقدت شرعيتها بقتلها للمصريين، ونكوصها عن كل ما تعهدت به، وفشلها فى التعبير عن الثورة وتحقيق أهدافها، وإشاعة الفوضى بينهم، وانتهاكها لكرامة المصريين فى الشوارع، واستمرار انتهاجها لذات السياسات التى ثار المصريون ضدها.

إن الشعب المصرى الذى خرج ثائرا فى 25 يناير 2011 لم يخرج لإسقاط أشخاص، وإنما لإسقاط نظام بسياساته وممارساته، ومتى تجددت هذه السياسات والممارسات ومتى استمرت فسيظل الشعب المصرى مطالبا بإسقاط النظام حتى تكتمل ثورته وتحقق أهدافها.
أما أولئك المبررون، فإنهم لا يخدعون سوى أنفسهم، ويسولون لمن بيده القرار أن يواصل تلك السياسة الخاطئة، وربما يتذكرون أن «مبارك» عندما تولى السلطة كان يظهر التواضع والسلاسة، إلا أن بطانة المبررين والمطبلين والزمارين صنعوا منه ديكتاتوراً قبع فوق صدور المصريين ثلاثين عاماً، فإذا كنتم تحبون رئيسكم كما تزعمون، فأخلصوا النصح إليه وإلا فإنكم سوف تبررون لديكتاتورية فى طور التكوين.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

إذا الشعب يوما أراد الحياة

عدد الردود 0

بواسطة:

جرجس فريد

بل مكتملة النمو و ذات أنياب و مخالب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة