الأحداث صارت متشابهة بشكل كبير، والكلام أصبح مكررا بشكل يدعو للشفقة، ورغم كل ذلك فالموقف فى مصر مازال شديد التعقيد.
الكل لديه فكرة أو بعض فكرة يصور له عقله أنها الحق المطلق، ولا يوجد على الساحة من يبحث عن نقطة التقاء، هناك من يمتطى جواد الشرعية غير مكترث بوجهات نظر الآخرين، ومن يرتدى عباءة المعارضة غير مقدر لأهمية الاتفاق، وبين هذا وذاك إعلام يحرص كل الحرص على أن يخرج على جموع المتابعين بمادة إعلامية ليتعاطونها فى البيوت.
أتساءل كثيراً، ما الذى نريده؟ وإلى أى مدى سنظل نتجاذب أطراف الوطن حتى يتمزق بين أيدينا تماماً، أليس بينكم رجل رشيد؟ أليس بيننا من يطرح مبادرة حقيقية مكتملة النمو يرجو بها الإصلاح الحقيقى لا التلميع الإعلامى؟
المخزى حقاً أن نستمر فى هذا التنازع المحموم، حتى لا يتبقى من هذا الوطن شىء لنبنى عليه حين يأتى وقت البناء، وبينما الجميع منشغل فى الجدل السياسى والأيديولوچى العقيم تحدث شروخ يصعب إصلاحها.
المشهد العام لمصر فى عيون العالم بات مقلقا بشكل كبير للمستثمرين أو للسياح الذين يعتمد عليهم الاقتصاد، وبينما نمضى فى جهادنا نحو الهدف المنشود، فقد تم خفض تصنيف مصر الائتمانى فى الأسابيع الماضية إلى (ب -)، وهو تصنيف يضعنا كتفاً بكتف مع أوغندا وموزمبيق! هذه الصورة القاتمة تعنى بكل بساطة أننا حينما نتوقف عن الجدل والصراع سنواجه عجزا مزمنا فى موارد الدولة وصعوبة بالغة فى الحصول على تمويل لإحداث التنمية التى نزعم أننا نسعى إليها.
الغرض المنشود كان اجتماعيا فى المقام الأول، ولكنه بكل تأكيد وربما بكل براءة ضاع من أيدينا فصرنا ننتقل من رد فعل إلى رد فعل، وفى خضم ردود الأفعال تضيع الأهداف وتتعاظم المشاكل وتكثر المآسى.
استحضار الصدام بات هواية، والقمع بات ممارسة مشروعة، حتى صرنا فى وضع شديد الالتباس، فلا هذه ثورة ولا هذا تحول سياسى، إنه تدهور مستمر وسريع للأوضاع لا يفيد معه البحث عن من المخطئ ومن المصيب.
وبينما يتشبث كل منا بوجهة نظره، أصبح مثلنا جميعاً كالدبة التى حاولت أن تحمى صاحبها فسحلته، والآن أخشى أن تقتله.
