الناس لم تصدق سعى الإخوان لتكوين جبهة (الضمير) الوطنى.. قالوا بأنه مثل كورنيش المقطم يطل على هوة وليس على النيل.. ورغم أن تكوين هذه الجبهة اعتراف ضمنى بعدم وجود ضمير وأنه شاحح فى السوق وفى دماء السياسيين.. إلا أن الناس تصدق شارلى شابلن حينما قال (الجوع لا ضمير له) فلم نر جائعين نهمين على السلطة كالإخوان المسلمين ومهما برروا ذلك بـ80 عاما من الحرمان أو عشرات السنين فى السجون والمعتقلات أو ما دفعوه من أعمارهم ومجهودهم وجيوبهم، وما وزعوه من زيت وسكر ومكرونة على جيرانهم.. سيظل نهمهم وجوعهم الشديد على بلع كل كراسى الحكم والسلطة مرحلة سوداء لا تنسى فى تاريخ مصر.. فالإخوان ركبوا الثورة حينما اكتشفوا نجاحها وهم يصرخون كأحمد السقا (من النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة أنا الحكومة)، ومن ساعتها لم يتركوا كرسيا أو منصبا فى الدولة إلا ركبوه ولا "بدلة" أو "أفرول" حكوميا إلا لبسوه.. وتحججوا بالفلول والدولة العميقة ومفاصل الدولة ومصمصوا البلد بكل ما فيها من سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية وإعلامية، وأصبح كل من يطالبهم بالمشاركة فى الحكم من الأعداء، وكل من يساعدهم على الشفط من الأحباء.
على أى حال ليست تلك هى المشكلة الوحيدة، فالحكومة بطبيعتها ليس لها ضمير كما علمنا الفيلسوف الفرنسى (البير كامو)، ولكن أحيانا يكون لها سياسة، أما الحكومة التى بلا ضمير وبلا سياسة فهى مثل البراكين والزلازل والكوارث الطبيعية لا رحمة منها إلا بفضل الله.. فلا ضمير ينفع ولا بر يشفع وسبحان من له الدوام.
ورحلتنا مع مبارك علمتنا الصبر، أما مع الإخوان فقد علمتنا الهجر.. ويمكن أن تمتلك منزلا بـ300 ألف يورو وتحصل على الجنسية القبرصية أو تقفل عليك باب بيتك، وتأكل التراب لتحافظ على الجنسية المصرية.. فلقد أصبح الغلاء وحشا قاتلا.. فكل شىء يغلو فى هذا البلد إلا شهدائها فهم يتساقطون بلا ثمن.. فلا مبارك مسئول ولا طنطاوى مسئول ولا مرسى مسئول.. المسئولية تقع دائما على المدعو (عدم الرضا)، قد كان على هذا الجيل أن يرضى بقليله كما رضت الأجيال السابقة على نهبها وقهرها وسرقة مالها وأعمارها.. كان عليه أن يرضى باحتكار الإخوان للسلطة وباحتقارهم للثورة.. وأن يتحمل فشلهم السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى أذهل الجميع، وأن يقتنع بأن الـdriving بيدخل السجن لما بيبقى drunk وأن الشعب كله يجب أن يعيش سعيدا فى سجن الإخوان المسلمين.. كان على هذا الجيل أن يستمتع بكلامهم عن الشفافية الانتخابية والشرعية والحقن الشرجية.. وأن ينام كل يوم على خوابير السمع والطاعة، ويصحو على مديح سابع الخلفاء الراشدين، كان عليه أن يبيع عقله وضميره مثل أغلبنا لكى يعيش.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد الهلباوي
حكومة هشام قنديل بلا ضمير فعلا