كان يعرف بالسجين إكس، وجرائمه غير محددة أو معروفة.. كان يرزح فى سجن إسرائيلى لأشهر قبل أن يعثر عليه ميتا داخل زنزانته، منتحرا كما يبدو.. فيما بعد سرت شائعات بأنه أسترالى إسرائيلى عمل مع الموساد.
وتدريجيا أميط اللثام عن شبكة السرية، التى أحاطت بالرجل، الذى يحمل ثلاثة أسماء على الأقل- بن زيغر، بن ألون، وبن ألين-، بعد أن كشفت محطة أسترالية تفاصيل قضيته، رافعة التعتيم الإعلامى الذى فرضته الحكومة الإسرائيلية لأكثر من عامين مستغلة قوانين الرقابة العسكرية.
كما أجبر التقرير، الذى بثته المحطة الحكومة الأسترالية على الإقرار بأنها كانت على علم بقضيته طوال الوقت إلا أنها أبقتها طى الكتمان.
يأتى ما كشفته هيئة الإذاعة الأسترالية من تفاصيل، مع اعتراف كل من الحكومتين الأسترالية والإسرائيلية، بمثابة اختبار للعلاقات بين الدولتين الحليفتين، ويثير تساؤلات عن مدى تأثير الموساد فى البلاد الأخرى.
بعد يوم من تعريف المحطة بأن زيجر هو السجين إكس، وأنه أحد أفراد عائلة يهودية بارزة فى ملبورن، اعترفت إسرائيل للمرة الأولى أمس، الأربعاء، بوجود هذا السجين فعلا.. وبعد قليل من التخبط، اعترفت أستراليا أيضا اليوم، الخميس، بأن إسرائيل أبلغتها فى فبراير 2010 باعتقال مواطن مزدوج الجنسية - أسترالى إسرائيلى- بتهم أمنية، ومن ثم أبلغتها بوفاته.
وأمر وزير الخارجية الأسترالى بالتحقيق فى الدائرة، التى تعاملت مع قضية حجز زيجر ووفاته، والتى أثارت العديد من الأسئلة المحرجة عن إخفاق الحكومة فى حماية حقوق أحد مواطنيها.
ومع ذلك، لم يعرف كار بوضوح الرجل باسم زيجر أو قال لماذا كان فى السجن أو إن كان يعمل فعلا لصالح الموساد.
ولم تعلن الحكومة سوى أن الرجل يحمل جواز سفر أستراليا باسم بن ألين، وبأنه يعرف أيضًا باسم بن ألون. هيئة الإذاعة الأسترالية عرفت الرجل باسم بن زيجر، وبأنه من عائلة يهودية معروفة فى ملبورن.. وأشير إليه باسم زيجر فى جلسة استماع لمجلس الشيوخ اليوم الخميس، حيث قال كار إن الحكومة سعت للحصول على ضمانات من إسرائيل عبر جهاز مخابراتها بأنه سيتم احترام حقوق زيجر القانونية.
وقال كار، إن استراليا تلقت تأكيدات أيضا بأن زيجر اختار محاميا للدفاع عنه ولم يتعرض لسوء معاملة، وتم إخطار عائلته بأمر اعتقاله.. وأضاف "الحكومة الاسترالية وثقت فى هذه الضمانات والحكومة الإسرائيلية أخبرت استراليا بأن زيجر سيعامل وفقا لحقوقه المشروعة كمواطن إسرائيلى"، لكن كار لم يذكر كيف ولماذا انتحر زيجر.. وقال إن زيجر وعائلته لم يطلبوا مساعدة القنصلية فى إسرائيل.
وقال بيتر فارجيس، وهو مسئول بوزارة الخارجية الاسترالية، إن السفارة الأسترالية فى تل أبيب نأت بنفسها عن الجدل الدائر حول القضية.
وصرح فارجيس بأنه لم يتم إبلاغ السفارة باعتقال زيجر إلا بعد اليوم الذى انتحر فيه فى الخامس عشر من ديسمبر عام 2010. وقال إنه لا يعلم ما إذا كان وزير الخارجية آنذاك، ستيفن سميث، اطلع على القضية أم لا.. من الممكن أن يكون الوزير علم بالقضية شفويا، واطلع عليها نظرا لطبيعتها، لا يشكل ذلك مفاجأة بالنسبة لى"، حسبما قال فارجيس عندما سئل عما إذا كان كار يحقق فى القضية.
واعترف فارجيس بأن استخدام قنوات أمنية بحكومة أجنبية للحصول على ضمانات بشأن حقوق مدنيين أمر غير معتاد فى استراليا.. وقال "إنها ممارسة غير عادية وغير طبيعية".
كما رفض فارجيس التعليق على تقارير إعلامية أفادت بأن زيجر خضع للتحقيق من قبل وكالة الاستخبارات الاسترالية الرئيسية "آسيو".. وذكرت صحيفة فير فاكس ميديا الاسترالية اليوم، الخميس، أن زيجر كان أحد ثلاثة إسرائيليين من أصول أسترالية خضعوا للتحقيق فى آسيو أوائل عام 2010 للاشتباه فى تجسسهم لصالح إسرائيل.
وذكرت محطة إيه بى سى أن زيجر، البالغ من العمر 34 عاما، غادر استراليا إلى إسرائيل عام 2000.. وتزوج من امرأة إسرائيلية وهو أب لطفلين.
وقالت المحطة، إنه كان يعمل لصالح الموساد عندما وضع فى سجن يخضع لحراسة مشددة لارتكابه جريمة غير محددة فى فبراير عام 2010.
وزعمت المحطة أنه شنق نفسه فى زنزانة كانت مخصصة ليغئال عمير، المتطرف اليهودى، الذى اغتال رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إسحق رابين.
وتكهنت محطة تليفزيونية إسرائيلية بأن زيجر سجن بعد ارتكابه فعلا اعتبر نوعًا من الخيانة.
واليوم الخميس، صرح المحامى أفيجدور فيلدمان للقناة الثانية الإسرائيلية بأنه التقى زيجر فى زنزانته قبل يوم أو يومين من وفاته.. وقال فيلدمان إن زيجر نفى الاتهامات "الخطيرة" التى كان يواجهها، وإنه كان يفكر فى الاتفاق مع الادعاء على تسوية قانونية. وأكد فيلدمان أن زيجر ظهر متوازنا ومتعقلا.
وفى إسرائيل، رفع أمر قضائى يوم الأربعاء جوانب من قرار حظر النشر على القضية، التى يرجع تاريخها إلى مارس لعام 2010، وأكد أن رجلا إسرائيليا مزدوج الجنسية توفى فى السجن فى عام 2010.
وحول هوية الرجل اكتفى القرار القضائى بالقول، إنه المرادف لاسم "دو جون" باللغة العبرية، وقال إن القاضى أمر بإجراء تحقيق فى وفاته. وقبل نحو ستة أسابيع، قال بيان للمحكمة، إن التحقيق خلص إلى أنه أقدم على الانتحار.. ومع ذلك، فقد طلب القاضى الآن من الدولة أن تحقق فى إمكانية حدوث إهمال.
وفى تطور آخر مثير للفضول فى القضية، ذكر التليفزيون الإسرائيلى أن زيجر كان يعمل كاتبا فى قسم إدارة الأعمال الدولية لمكتب المحاماة المرموق فى إسرائيل، "هرتسوج فوكس ونئمان". ومن بين أصحاب الأسهم فى هذا المكتب وزير العدل الإسرائيلى يعقوب نئمان.
وقال نئمان أمام البرلمان إنه لا يعلم شيئا عن القضية ولكنه قال إنه ينبغى التحقيق فى أى ادعاءات، إذا كان صحيحة.
من ناحية أخرى، طالب نواب أستراليون بالحصول على إجابات حول هذه الوفاة المثيرة للريبة.
وصرحت وزيرة الشؤون الخارجية فى حكومة الظل جولى بيشوب لقناة "إيه بى سى" إنها تريد معرفة لماذا تم فرض رقابة على تفاصيل القضية فى إسرائيل.. وقالت إنها سوف تثير هذه القضية مع السفارة الإسرائيلية.
كانت معلومات قد ظهرت لفترة وجيزة عن هذه القضية فى يونيو 2010، عندما تحدث الموقع الإلكترونى لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن وجود السجين "إكس".. وتم حذف هذا التقرير فى ظروف غامضة من الموقع بعد وقت قصير من نشره، تحت ضغوط من الجيش الإسرائيلى على ما يبدو.
ولاحقا، ذكر موقع يديعوت أحرونوت فى 27 ديسمبر لعام 2010، أن السجين انتحر أثناء وجوده فى الحبس الانفرادى قبل أسبوعين. وأيضا تم حذف هذا التقرير بسرعة.
ونشر على الإنترنت فى ديسمبر لعام 2010 إعلان وفاة بن زيجر. وذكر الإعلان أنه ابن زيجر جيفرى، المدير التنفيذى للجنة مكافحة التشهير "بناى بريث" ومقرها فى ملبورن.
وليست هذه هى القضية الأولى التى ترتبط فيها قضية تجسس إسرائيلية بجواز سفر أسترالى، ففى مايو لعام 2010، أمرت أستراليا بطرد دبلوماسى إسرائيلى بعدما خلص محققون إلى مسؤولية إسرائيل عن تزوير أربعة جوازات سفر أسترالية استخدمت من قبل متهمين فى مقتل ناشط من حماس بدبى فى عام 2010.
وفاة أسترالى إسرائيلى سجين توتر العلاقات بين البلدين
الخميس، 14 فبراير 2013 06:35 م