قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الرئيس السابق حسنى مبارك رحل تاركا إرثه السام، والذى من بينه 2 مليون من موظفى الداخلية وقوة الشرطة التى ينعدم لديها القانون، وكذلك أسلوب المساومة الذى أرغم المصريين على التخلى عن حريتهم مقابل العيش، ومن أجل صدقات الدولة، مشيرا إلى الدعم.
وأشار فؤاد عجمى، زميل معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد، فى مقاله بالصحيفة، الأحد، إلى أنه قبل عامين تمت الإطاحة بمبارك الذى منح لرجاله سلطات واسعة مقابل هدية وحيدة وهى الاستقرار، لكن هذا الاستقرار "المتبجح" الذى استمر قرابة 30 عاما يتمزق إربا.
ويقول الكاتب إنه من خلال المشهد السياسى القذر فى مصر حاليا، حيث البلطجة وغياب القانون والصدع بين المعسكر العلمانى الضعيف والإخوان المسلمين الذين يسعون لاحتكار السلطة السياسية، يمكن تقدير العمل الحقيقى لاستبداد مبارك. فالدولة العميقة، والتى أحد أجهزتها وزارة الداخلية بقوة تبلغ نحو 2 مليون عامل بالشرطة، هى إرثه الحقيقى.
فالإضرابات اليوم فى شوارع مصر يعتبرها البعض دليل على أن المخلوع كان يعلم ما يقوم به، لكن هذا الرأى لا يلتفت إلى الضرر الذى لحقه هذا الرجل وعائلته وحاشيته بأمه تتكون من أكثر من 80 مليون نسمة، ومع ذلك فقد تعامل المصريون برحمة وتسامح معه ومع أبنائه حتى أنه لم يلق النهاية البشعة لمعمر القذافى ومنحه القضاء هبة الوفاة الطبيعية بعيدا عن حبل المشنقة.
ويشير عجمى إلى أن مبارك وصل إلى السلطة بالمحسوبية وإرادة سلفه أنور السادات حيث إنه كان مطيعا له ومقربا منه. وقد سار بالفعل على خطاه بحذر. وطوال فترة حكمه، تسممت حياة المصريين بالعداء للحداثة والأمريكية والصيهونية. وهذا الثالوث استشرى داخل الجامعات والنقابات المهنية ووسائل الإعلام الرسمية، وبينما أصبح النهب هاجسا للأسرة الحاكمة، فإن الرئيس السابق ترك الطبقة الفقيرة فى حكم الظلام وثقافة المؤامرة، فيما تقلصت الطبقة الوسطى وباتت غير واثقة فى نفسها.
ووسط هذا عملت جماعة الإخوان المسلمين بهدوء فى الظل، واستسلمت قطاعات واسعة للإغراء الدينى. ودعمت ثروات الخليج والدول العربية الجماعة التى اتسم أعضائها بالخبث، حيث قبلوا عرض النظام بدور الكومبارس أو "الإقامة الخفيفة" داخل المشهد السياسى.
ويتابع عجمى قائلا إنه لا يجب الاندهاش من ابتعاد الإخوان المسلمين عن الميدان فى بداية احتجاجات ثورة 2011، فإن الشجاعة ليست سمة لأعضائها. فمنظرى الجماعة كانوا وقتها لا يزالون يصرون لى طاعة الحاكم بينما الجيل الجديد من النشطاء يقاتل قوات الأمن.
ويمضى أن الإخوان ليس لديهم أى تردد فى خطف الثورة التى لم تكن لهم، لكن سجلات الثورات فى جميع أنحاء العالم تحمل شهادة للواقع بأن حكم المعتدلين وقت الثورات دائما ما يبطل بفعل صعود المتطرفين، وهو ما حدث بالفعل فى الثورة الإيرانية عام 1979 بل وقام المرشد آية الله الخمينى بإطلاق النار الجماعى على معارضيه، كما أنها ليست مفاجأة أن يحدث انقسام بين القوى الليبرالية العلمانية، فالديكتاتورية لم تكن تسمح لهم بمساحة أو خبرة سياسية.
وأشار الكاتب إلى أن كل من لديه معرفة سطحية بالمصريين يعتقد أن البلاد ترغب فى الانزلاق تحت نير الإخوان، لكن مصر بلد متشكك دائما ومرهق وشعبها لديه شكوك بالفطرة فى أولئك الذين يتطرفون فى حماسهم الدينى.
ويقول عجمى فى مقاله إن حكم المساومة الذى أرغم المصريين على التخلى عن حريتهم مقابل العيش، ومن أجل صدقات الدولة، مشيرا إلى الدعم، لا يزال مستمرا، فالنظام القديم رحل لكن أساليبه باقية. ووسط تدهور الوضع الاقتصادى والسعى للحصول على قرض صندوق النقد الدولى ترفض حكومة محمد مرسى تطبيق إجراءات التقشف المطلوبة.
ويختم الكاتب قائلا، إن الحرية الآن باتت خارج موضة التفكير الأمريكى الرسمى وحسابات سياستها الخارجية، كما باتت الاضطرابات التى تشهدها الأراضى العربية ذريعة للتنازل، لكن يجب أن ندرك جيدا أن الصفقة التى عقدتها أمريكا مع الديكتاتوريات العربية جلبت لطريقها الجهاديين، مثل أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، ومحمد عطية الذى قاد هجمات 11 سبتمبر، لذا فإنه من الحماقة والسذاجة أن نتصور أنه يمكن موالاة الطغاة.
وول ستريت جورنال: مبارك رحل تاركا إرثه السام من قوة الشرطة.. والإخوان ورثوا عنه مساومة الشعب على حريته مقابل العيش..والمصريون متشككون فى كل من يتطرف بالدين..والحرية خارج حسابات السياسة الأمريكية
الثلاثاء، 12 فبراير 2013 02:19 م
مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
emad
تقرير بعيد عن الوقاع
عدد الردود 0
بواسطة:
dr samy
الحالة النفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأش