لعبت الحكايات والأساطير والأمثال الشعبية دورًا كبيرًا فى تشويه صورة زوجة الأب وإظهارها وكأنها شيطان رجيم جاء خصيصًا ليشتت شمل الأسرة ويمزق أواصرها ويحدث فِتنة ووقيعة بين الأب وأبنائه أو بين الزوج وزوجته الأولى إن كانت على قيد الحياة ولم يطلقها!، فهى ظالمة إن عدلت، ومهينة إن أكرمت، وقاسية وإن حنت، وأنانية وبخيلة وإن أعطت كما تبرز تلك الحكايات والأمثال التى تدين زوجة الأب دائمًا وتجعل منها مجرمة ومتهمة غير مسموح لها بإثبات براءتها لمجرد أنها قبلت لأى سببٍ كان الزواج من رجل له أبناء!،
وليت الأمر وقف عند حد تشويه الحكايات والأمثال الشعبية فحسب، فالعديد من وسائل الإعلام خاصة المتبنية تنفيذ أجندات ورؤى غربية مدمرة للمجتمعات الإسلامية، فضلا عن الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية بما تتمتع به من قدرة على إقناع المشاهدين بالصوت والصورة، استكملت هذا الدور ولعبته بحرفية شديدة وتبارت فى تقديم زوجة الأب دائمًا باعتبارها هادمة اللذات ومفرقة الجماعات وشرًا ينبغى التخلص منه بأى طريقة، حيث لا تهدف من وراء تلك الزيجة سوى سرقة الزوج وكل ما يمتلكه وتحريضه على مقاطعة أبنائه لتحظى وأبناؤها بالخير كله دون أن يقاسمها أحد كائنًا من كان!!..
فالحرب الشعواء المعلنة على زوجة الأب جزء من الحرب غير المعلنة التى كان الاستعمار الغربى الغاشم يقودها فى بلادنا العربية والإسلامية ضد نظام أسرى مختلف لا يتفق وعقيدة الغرب حيث حاولوا باستماتة القضاء على الأسر الممتدة والكبيرة التى اعتاد المسلمون إنشاءها للحد من النمو السكانى المتزايد الذى يهدد وجودهم، ليبقى المواطنون فى البلاد المُستعمَرة يعانون الجهل والمرض والفقر والانغماس فى الرذائل والفواحش كى لا تخطر ببالهم فكرة الثورة والتغيير!!..
وهذا لا يعنى أن كل زوجات الآباء ملائكة ومعصومات من الخطأ وخاليات من العيوب والصفات الذميمة، فمنهن الظالمة والقاسية، ومنهن من هى سيئة الطبع والخلق وقليلة الفهم والتمييز ومنهن من هى بارعة فى تدبير المكائد والمؤامرات للزوجة الأولى وأبنائها بسبب الغيرة!.. وتلك فروق فردية بين كل فئات وأفراد المجتمع نتيجة اختلاف البيئات وسبل النشأة والتربية وتباين المستويات الأخلاقية والفكرية والاجتماعية... إلخ!..
ولذلك ينبغى على الأب عند الإقدام على خطوة الزواج بأخرى أن يشرح لأبنائه دوافع وأسباب هذا الزواج ودور هذه الزوجة فى حياتهم كى لا تحدث بعض المشكلات والتوترات النفسية، وأن يحسن اختيار زوجته خاصة فى حال وفاة الزوجة الأولى لأنها ستكون أمًا بديلة لأبنائه تعيش معهم تحت سقف واحد لترعاهم وتخدمهم وتوفر لهم كل سبل الراحة فى البيت، فيجب أن يراعى عند اختيارها البُعد الفكرى والاجتماعى والعمرى ويركز كل التركيز على الجانب الدينى والخُلُقى لتتقى الله فيه وفى أبنائه، حتى لا تكون هناك فجوة عميقة بينهم تعجز الأيام والسنون عن سدها..
لزوجة الأب حقوق شرعية واجبة ومنها: حق البر والصلة والاحترام من جانب الأبناء حتى بعد وفاة الأب، وذلك بالسؤال الدائم عنها ومساعدتها ماديًا إن كانت محتاجة، وألا يسلبوها حقها فى الميراث ولا يخرجوها من بيتها عنوة طالما لم تتزوج بآخر، وأن يحفظوا حرمتها وعرضها اللذين هما من حرمة وعرض أبيهم، فلا يستعدوا أحدًا عليها أو يشهروا بها.
وعلى الجانب الآخر فزوجة الأب تقع على عاتقها مسئولية كبيرة تجاه أبناء زوجها حتى إن كانت أمهم على قيد الحياة، إذ جعل الله تحت يديها هؤلاء الأبناء، وقد تكون هذه الزوجة صالحة تؤدى حقوق ربها، لكنها ربما تغفل عن هذا الاختبار الصعب والمسئولية العظيمة فى رعاية حقوق أبناء زوجها الذين هم ليسوا أبناءها ولكنهم فى منزلة أبنائها، ولهم عليها حقوق كثيرة لو أدتها على أكمل وجه لكان لها من الله المثوبة والأجر العظيم.
أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد سعيد
مقال عظيم وفكر أعظم
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلم ونبي محمد ( صل الله عليه وسلم)
سبحان من وهبنا العقل لنتفكر ونتدبر
عدد الردود 0
بواسطة:
yasser
سؤال
أستاذه هناء اين مقالاتك السياسيه؟
عدد الردود 0
بواسطة:
samia
مقال فوق الممتاز
جزاكى الله خيرا