سحل وتعرية المواطن حمادة صابر بواسطة رجال الأمن المركزى أثناء المظاهرات التى جرت يوم الجمعة 2 فبراير أمام قصر الاتحادية هو تعرية لمصر كلها، وتعرية للحقيقة المُرة التى نعيشها فى عصر ما بعد ثورة 25 يناير، الذى يفترض أنه عصر يعيش المواطن المصرى فيه أزهى عصور الديمقراطية والتمتع بالحقوق والحريات ولكن للأسف العكس هو الصحيح ، فانتهاك الحقوق وقمع الحريات هو السائد.
تعرية هذا المواطن البسيط – والذى تجرد معنويا قبل أن يتجرد ماديا- وتصويره أمام شاشات التلفزيون ومشاهدة جميع أنحاء العالم له يعتبر إهدارا لأدق وأعظم حقوق الإنسان على الإطلاق، وهو الحق فى الحياة والكرامة الإنسانية التى نصت عليه كافة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان كالإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، ونصت عليه قبل كل ذلك الشرائع السماوية، وتم النص عليها أخيرا فى الدستور الجديد فى المادة رقم 36 منه.
حتى إذا فُرض أن هذا المواطن المسحول بلطجى أو مخرب، فلا يصح أبدا التعامل معه بهذه الطريقة الهمجية التى أرجعتنا سنوات وسنوات إلى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى، فحتى المجرم أو الخارج عن القانون يجب أن يكون له احترامه فى التعامل، وأن يراعى أنه إنسان أولا وأخيرا كرمه الله سبحانه وتعالى، وأن يتم القبض عليه وإحالته إلى التحقيق واعتباره بريئا حتى تثبت إدانته بقرار من المحكمة، ويجب أن يحظى أيضا بمحاكمة عادلة ومنصفة تدينه إذا كان متهما وتطلق سراحه إذا كان بريئا.
ولا يصح أبدا إجبار هذا المواطن على تغيير أقواله تحت ضغوط شديدة من الأمن لتجميل وجه النظام، ووجه جهاز الشرطة، وتشويه صورة المتظاهرين الذى أدعى – المواطن المسحول - أنهم قاموا بسحله وتجريده من ملابسه على عكس الحقيقة وبدون أى أسباب مقنعة، ثم تراجع فى أقواله تحت ضغط أسرى وعائلى!!.
للأسف الشديد، يبدو أن أساليب وزارة الداخلية لن تتغير أبدا حتى بعد اندلاع ثورة أطاحت بنظام بوليسى، كان من أحد أسبابها أسلوب الشرطة القمعى، وكان من أحد أهدافها تغيير الفلسفة الشرطية وتغيير العقيدة الأمنية فى التعامل مع المواطنين ولا سيما مع المتظاهرين، ووجود جهاز شرطة ولاؤه الأول والأخير يكون للشعب وللوطن وليس للنظام، يؤمن أشد الإيمان بثقافة حقوق الإنسان ومبادئها ليس نظريا فقط بل واقعيا وعمليا.
لقد سئمنا بيانات وزارة الداخلية التى تعتبر أن مثل هذه الحوادث عملا فرديا، ولا يعبر عن سياسة الوزارة، فقد تعودنا على هذه النغمة العجيبة منذ سنوات طويلة، والنتيجة لم يتغير شىء على أرض الواقع، فحتى الاعتذارات لم تعد كافية، ولم تشف غليل الصدور، ولم ترجع شهيدا إلى حضن أمه، ولم ترجع كرامة مواطن تمت إهانته وسحله إلى نفسه.
لقد تم تغيير خمسة وزراء داخلية فى حوالى سنتين وقبلها تغير نظام بأكمله، تغير الأشخاص فقط وبقيت السياسة واحدة، وبقيت نفس الرسالة التى يريد النظام توصيلها إلى الشعب وإلى المتظاهرين، وهى تجريدهم من حريتهم وكرامتهم واحترامهم لذواتهم فى حالة اتخاذ مواقف واتجاهات معادية.
عمرو وجدى يكتب: سحل حمادة صابر أمام الاتحادية.. "مصر التى تعرت"
الثلاثاء، 12 فبراير 2013 02:11 م