شاهد عيان من "الاتحادية" وجهاً لوجه مع جيكا وأبو ضيف وعساكر الأمن المركزى: هربت من الغاز لمنزل أسرة بمصر الجديدة.. وخرجت لأجد عساكر الأمن المركزى "مرميين" على الرصيف

الثلاثاء، 12 فبراير 2013 10:50 م
شاهد عيان من "الاتحادية" وجهاً لوجه مع جيكا وأبو ضيف وعساكر الأمن المركزى: هربت من الغاز لمنزل أسرة بمصر الجديدة.. وخرجت لأجد عساكر الأمن المركزى "مرميين" على الرصيف صورة أرشيفية
كتبت حنان شومان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هم الأعداء الذين يكرههم الثوار، هم عند البعض قتلة، هم شباب يقف فى صفوف فى مواجهة أى معترض، هم بتوع جدع يا بيه نشنت على عينه، هم السجان للحرية ولكنهم أيضا المساجين للفقر والجهل والقهر، هم عساكر الأمن المركزى يراهم الناس من زاوية ولكن للحقيقة أكثر من زاوية.. هذه شهادة حية لجزء من الصورة ربما مر عليها أسابيع ولكنها مستمرة طالما هناك ثوار ومعترضون فى الشارع وطالما هناك قوات تقف تواجههم.

يوم الجمعة قبل الماضى كنت بين آلاف من المتظاهرين عند قصر الاتحادية أهتف طلبا للحرية التى تصورنا أننا انتزعناها، وأصرخ طلبا للعدالة الاجتماعية التى حلمنا بها وما نلناها، وأحلم كملايين غيرى بوطن يسعنا جميعاً دون سمع وطاعة، كانت المظاهرة تضم سيدات ورجالا وأطفالا وشبابا من كل الطوائف يجمعهم الحلم، فإذا بحوالى عشرين شابا وفتاة يخترقون المظاهرة السلمية المتحضرة ليحولوها إلى هرج ومرج وكأنه إشارة لبدء الحرب التى دارت رحاها بين قوات الأمن المركزى وبين المتظاهرين ونزلت علينا قنابل الغاز المسيل للدموع كالأمطار الفاسدة وكانت للحق مختلفة وأكثر قسوة فى تأثيرها من أى قنابل للغاز ساقتنى الظروف لاستنشاقها، وكان مشهدا عبثيا فالبنات والسيدات اللاتى كن يصطحبن أمهاتهن المسنات صرن يحاولن حمايتهن بالابتعاد عن المشهد، والأمهات الصغيرات اللاتى اصطحبن أطفالهن يحاولن حمايتهن، والشباب والرجال يردون على الغاز ببعض الطوب هنا أو هناك، وربما فى هذه اللحظة كان حمادة صابر يتم سحله عارياً دون أن يدرك أغلبنا ما يحدث فى الطرف الآخر من الشارع، فكل منا يبحث عن خلاص أو اشتباك اضطر له.. تلك كانت صورة شارع الميرغنى الذى يقع فيه القصر وتسير فيه المظاهرات، وبغض النظر عن وصفى لهذه الحالة التى نقلتها الكاميرات وتعرفونها جيداً وتداعيات الموقف، فقد استضافتنى عائلة كريمة تسكن إحدى فيلات شارع الميرغنى دون معرفة مسبقة لمساعدتى على تجاوز تأثير الغاز فى مشهد شديد المصرية التى تتسم بالجدعنة والوطنية حتى إننى تذكرت أحداث فيلم فى بيتنا رجل مع الفارق طبعاً فلا أنا عمر الشريف ولكن هم كانوا كعائلة حسين رياض الجميلة الدافئة المحبة لهذا البلد كملايين غيرهم دون ادعاء أو أضواء.

لكل شىء نصفان كما لكل صورة أيضاً وأنا قد وصفت لكم نصف الصورة والمشهد، لأن الظروف قد ساقتنى إلى مشاهدة النصف الآخر، فبعد أن تركت بيت العائلة الكريمة التى استضافتنى اضطررت للترجل على قدمى فى الشوارع الخلفية لكى أخرج من المشهد فإذا بى أجد نفسى فى مواجهة قوات العدو التى أحرقت عينى وصدرى وجلدى، نعم قوات العدو أو هكذا كنت أشعر فى حينها.

سرت فى شارع جانبى تتمركز فيه قوات الشرطة لأجد القواد فى حالة عصبية بدت واضحة من صراخهم فى العساكر المأتمرين بأمرهم، وهؤلاء العسكر الصغار بعضهم ملقى على الرصيف من فرط التعب والإرهاق، وآخرون ينادى عليهم ضابط أو أكثر بالسباب ويصطفون وهم فى حالة أكثر إعياء من هؤلاء الملقين على الأرصفة، وآخرون مستندون على حائط تبدو عيونهم وعقولهم تبحث عن معنى لما يفعلونه وتدمع عيونهم تماماً كعيونى، توقفت لبعض الوقت أرقب مشهد قوات العدو فى شارع مظلم، وغصباً عنى وجدت ذاكرتى تستدعى موقفا عشته منذ سنوات حين كنت أقف أمام نقابة الصحفيين فى إحدى التظاهرات التى لا أذكر سببها وكان عددنا لا يتجاوز الثلاثين وتواجهنا مئات من عساكر الأمن المركزى وحين طالت الوقفة تبادلت حديثا عابرا مع الجندى المواجه لى فسألته إن كان يعرف سبب اعتراضنا أو غضبنا والمكان الذى نقف أمامه فأجاب بالنفى، وحين رأى ابتسامتى وودى طلب منى أن ألم الناس ونمشى لأنه وزملاءه تعبوا وجاعوا وطالما نحن وقوف فهم لن يتحركوا!!!

تذكرت تلك اللحظة، وأنا أقف فى الشارع المظلم أرقب قوات العدو تعيد تنظيم نفسها، واستدعت ذاكرتى أيضاً أحمد سبع الليل الشخصية التى ابتدعها وحيد حامد فى فيلم البرىء، جندى الأمن المركزى الأمى الذى علموه أن كل من يقول «لا» هو عدو الوطن، وحين اكتشف الحقيقة انقلب من العبد المطيع إلى الثور الهائج القاتل للظلم.

ولمن لا يعرف كيف يتم تعيين هؤلاء العساكر فى قوات الأمن المركزى أحكى لكم كيف، فهؤلاء المجندون يذهبون فى البداية لمعسكرات الجيش ليتم فرزهم، وهو تعبير دقيق للعملية التى تتم، فيتم حصول الجيش على الفرز الأول أى أنهم يختارون العناصر الأفضل من حيث الذكاء والتعليم والقدرات البدنية، ومن يبقى منهم فيتم توريده إلى الشرطة، فتقوم الشرطة بفرز آخر تختار منهم الأفضل للخدمات، ومن يبقى يتم إلحاقه بالأمن المركزى.
إذن العدو أو بالتحديد قوات العدو مكونة من فقراء جهلة يعملون بالسخرة فى ظروف غير آدمية نكرههم ويدفعونهم لكراهيتنا مرتين، مرة ربما لأننا أعداء الوطن أو كفرة فجرة، ومرة لأننا سبب فى تعبهم وغلبهم ووقوفهم ساعات طويلة وضربهم بالطوب الذى يردون عليه بالطوب وربما بالخرطوش!

جنود الأمن المركزى كحالة السجين والسجان فنحن السجين وهم السجانون ولكنهم مسجونون مثلنا بل أكثر، لأن من يخرج ليعترض أو يتظاهر أو حتى يموت فهو يعرف لماذا خرج وعلى ماذا يعترض وفيما مات، ولكن هؤلاء الشباب الصغار مساجين الجهل والفقر لا يعرفون فيما خرجوا ولا فيما يضربون أو يُضربون ولا لماذا يقتلون؟
هم أسرى الجهل والفقر ومجتمع ظلمهم مرات ومرات فجعلهم أداة لقمع الحرية التى يفتقدوها، وأحياناً قتلى لقضية لم يعرفوها ولا اختاروها بإرادة منهم.

كل المصريين منذ سنوات حتى قبل يناير 2011 كانوا ومازالوا ينتظرون ثورة الجياع التى لم تأت، وأتمنى ألا تأتى، ولكن أعرف وأشعر وأخاف من ثورة كل أحمد سبع الليل، وهناك جيل الثمانينيات الذى يذكر جيدا ثورة جنود الأمن المركزى التى تم قمعها بقسوة، ولكنها حدثت فى زمن غير الزمن وفى ظرف غير الظرف، ولكنى أزعم أنها قد تتكرر بقوة أكبر ووقتها لن تبقى ولن تذر.

لا تنسوا وجه جيكا ولا الحسينى أبوضيف ولا عماد عفت ولا محمد الجندى، ولكن تذكروا أيضاً وجه عدوكم الذى ليس بعدوكم ولكنهم جعلوه كذلك، تذكروا وجه أحمد سبع الليل وأحبوه حتى لو كان قاتلكم، فما رمى إذ رمى ولكن الذى يديره هو من رمى.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مــــــــــادا

مانتوا عاوزين البلد فوضى

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو

دوول اكتر ناس مظلومين بين الطرفين

ربنا يعينهم ويعدي خدمتهم على خير

عدد الردود 0

بواسطة:

حمرة الخجل

اللى اختشوا ماتو ولم يعد لهم أثر

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

عسكرى الامن المركزى غلبان

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله

ربنا يستر

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد عطاالله

مقالة رائعه

مقالة تحمل حقائق بأسلوب رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح

كلام مظبوط

عدد الردود 0

بواسطة:

مصطفي شحاتة

ايه المطلوب

عدد الردود 0

بواسطة:

mac

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

hamada_gafaar

و الله مقال جميل و يستحق ان يقرأ بالقلب و الضمير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة