نقلاً عن العدد اليومى
قبل ساعات من حلول الذكرى الثانية لتنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، والتى توافق غداً الاثنين، بدأت مراكز بحثية أمريكية فى الحديث عن تسريبات لوثائق أمريكية تكشف تفاصيل تولى مبارك لمنصب الرئيس، خلفا للرئيس الراحل أنور السادات والذى اغتيل فى حادث المنصة يوم 6 أكتوبر 1981, وتولى مبارك السلطة فى مصر فى عام 1982، ويأتى ذلك متزامنا مع مرور ثلاثون عاماً على هذه الذكرى والتى تؤدى إلى رفع الحظر عن الوثائق السرية فى أمريكا طبقا للقوانين الأمريكية.
الوثائق - كما تقول التسريبات - تدور حول أسرار اللحظات السابقة على اختيار مبارك والذى كان يشغل منصب نائب الرئيس وقتها، وما دار من توافق بين السياسيين المصريين على ترشيحه، فضلاً عن الاتصالات التى جرت بين دوائر مختلفة فى القاهرة مع واشنطن لتأمين عملية الانتقال الآمن للسلطة، خاصة فى ظل الظروف الأمنية الصعبة التى كانت تعيشها البلاد وقتها، والتى كانت كفيلة بتفجير المنطقة بشكل كامل وتغيير خريطتها إذا ما تمكنت جماعات الإسلام السياسى التى اغتالت السادات من السيطرة على الحكم فى مصر.
«ملف وصول مبارك للحكم» الذى تعده حالياً مراكز بحثية أمريكية قريبة من أجهزة المخابرات هناك، يستهدف– بحسب التسريبات أيضاً ومراقبين- وضع الإدارة الأمريكية الحالية أمام الظروف التى صاحبت وصول مبارك للحكم للاستفادة منها فى الخروج من مأزق أخطاء المرحلة الانتقالية التى تمر بها دول الربيع العربى حالياً، فيما تتناول الوثائق تفاصيل الاتصالات التى أجراها المسؤولون المصريون مع الإدارة الأمريكية وقتها برئاسة رونالد ريجان، خاصة أن واشنطن كانت مهتمة للغاية بترتيب الأمور فى قصر الحكم بالقاهرة، ومعرفة موقف القادم على رأس السلطة من ملف استكمال العلاقات مع إسرائيل، والذى بدأه السادات، فضلاً عن سعى واشنطن لمواجهة محاولات التمدد السوفيتى فى المنطقة، عبر تكوين شبكة حلفاء لها فى المنطقة، وهو ما تحقق لها من خلال تعاون عدد من الدول العربية مع الإدارة الأمريكية لمساعدة المجاهدين الأفغان فى حربهم ضد القوات السوفيتية، والتى انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتى وانفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولى.
الوثائق المتوقع الإفراج عنها خلال فترة وجيزة، ستتناول أيضاً ما يمكن وصفه بالصفقة المصرية الأمريكية لتمرير وصول مبارك لكرسى الرئاسة، والضمانات التى قدمتها القاهرة لواشنطن لتأمين المرور الآمن دون تدخلات مضادة، وعلى رأسها مواصلة الرئيس الجديد تنفيذ اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، التى كانت على وشك الوصول لمرحلتها النهائية فى منتصف عام 1982، فضلاً عن مواجهة التيارات الإسلامية المتشددة والتى بدت قريبة وقتها من الانقلاب على الحكم بمصر.
معلومات عدة ستشملها هذه الوثائق، خاصة اللحظات الأخيرة التى سبقت التوافق على ترشيح مبارك للرئاسة، والدور الذى قام به كل من الدكتور فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء وقتها، والدكتور صوفى أبوطالب رئيس مجلس الشعب والذى تولى رئاسة الجمهورية مؤقتا لترجيح كفة مبارك على الفريق عبد الحليم أبوغزالة، والذى كان يحظى بدعم المؤسسة العسكرية، إلا أن علاقته بواشنطن كانت متوترة ما دفعها إلى رفض وجوده فى كرسى الرئاسة.
الدور الأمريكى فى صعود الرئيس السابق للحكم ليس خفيا على أحد، خاصة فى ظل الاتصالات التى كان يجريها مبارك مع الإدارة الأمريكية حينما كان نائباً للسادات.
ومثلما جاءت واشنطن بمبارك للحكم، فإنها ساعدت فى الإطاحة به، وهو ما يكشف عنه الجزء الثانى والمهم من الوثائق والذى يجيب على تساؤل: «لماذا تخلت إدارة الرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما عن مبارك أثناء ثورة 25 يناير؟، كما يكشف عن طبيعة الاتصالات الذى قامت بها السفيرة الأمريكية السابقة بالقاهرة مارجريت سكوبى مع أحزاب وقوى المعارضة قبل الثورة.
ويتوقع محللون أن تكشف الوثائق وللمرة الأولى عن طبيعة الخلافات التى نشبت فى الأيام الأخيرة لنظام مبارك مع واشنطن، وعدم «ارتياح» رئيس مصر السابق للإدارة الأمريكية، ما دفعه لتحذير العقيد الليبى الراحل معمر القذافى بأن «المتغطى بأمريكا عريان»، وقوله له: «هم لو يطولوا يقصونى عن الحكم هايعملوها» كما ذكر أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق فى مذكراته، التى أكد فيها أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة تحولت إلى التنافر منذ فبراير فى العام 2005 وحتى عام 2009.
وثائق أمريكية جديدة: ريجان دعّم وصول مبارك للرئاسة.. وأوباما ساهم فى الإطاحة به..الكشف عن أسرار لحظات اختيار مبارك لخلافة السادات واتصالات أبوطالب ومحيى الدين لتمرير "الصفقة"
الأحد، 10 فبراير 2013 09:35 م