جدد عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، أحد قادة جبهة الإنقاذ الوطنى، التأكيد على أن الحوار مع مؤسسة الرئاسة يستدعى ضمانات واضحة، مشيرا إلى أن إسقاط النظام ومحاكمة الرئيس هى تعبيرات عن الغضب العام بسبب الممارسات السياسية الخاطئة، ولا تعنى بالضرورة اتخاذ خطوات محددة فى هذا الاتجاه.
وقال عمرو موسى فى حوار مع صحيفة "الجريدة" الكويتية نشرته اليوم، إن سوء إدارة الأمور من جهة، وخطورة الوضع من جهة أخرى، تجعل الجبهة مسئولة عن معارضة قوية موضوعية، ولابد من خطط سريعة وفعالة للتعامل مع الوضع المتأزم، ما دفعنا لتقديم أكثر من مبادرة، ولم نرفض أبدا الحوار، وإنما طالبنا بضوابط وضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، ومع الأسف الشديد ليس هناك تجاوب من الرئاسة مع هذه المطالب.
مؤكدا أن الجبهة ضد العنف تماما ولاتوفر أى غطاء سياسى له، وقد طالبت بضرورة إجراء تحقيق فورى بشأن الأحداث الأخيرة ومحاسبة المسئولين عنها، فالعدالة الناجزة مطلب رئيسى من مطالب الجبهة لتأمين حوار فعال، والمعارضة ليس معناها وجود مؤامرة، إنما معناها وجود رأى آخر، والرأى الآخر ليس خيانة ولا كفرا، ولكنه ديمقراطية وممارسة حرة، موضحا أن الواقع هو أن المعارضة تنبع من داخل كل شخص حر ولا يحركه أحد، والجبهة لا تطالب بإسقاط شرعية الرئيس مرسى، لأنه جاء من خلال انتخابات، وبالتالى لا تسقط شرعيته إلا من خلال الصندوق، ولكن سوء الإدارة تدفع بعضنا إلى الحديث عن ضرورة الإسراع فى الانتخابات، بينما البعض الآخر يتحدث عن إعطاء الرئيس فرصته كاملة مدة 4 سنوات، مع مشاركة فى مواجهة الأزمة المصرية حيث لن يستطيع فصيل واحد أن يتصرف أو أن ينقذ الموقف وحده.
وأوضح موسى، أن هناك خطأ فى إدارة البلاد، وفصيل واحد لا يستطيع الانفراد بالحكم خصوصا أن نقص الكفاءة ظاهر، وإن كان هناك مشروع استبدادى يجب علينا منعه، كما أن هناك مخاوف لدى الشارع من أخونة الدولة والقضاء على الممارسة الديمقراطية، لذلك وجبت طمأنة الناس، لأن ثورة 25 يناير حققت مكسبا رئيسيا وهو الديمقراطية، ولابد من المحافظة على هذا المكسب، فالديمقراطية هى الحل، مشيرا إلى أن القول بإسقاط النظام ومحاكمة الرئيس هى تعبيرات عن الغضب العام بسبب الممارسات السياسية الخاطئة، ولكن من غير المتصور إجراء محاكمة دون إتباع الطرق القانونية والديمقراطية، ونؤكد مرة أخرى أننا لا نمارى فى شرعية الرئيس، وإنما نختلف مع السياسة التى يمارسها، وعندما أشارت بعض بيانات جبهة الإنقاذ إلى إسقاط نظام الاستبداد لم يكن المقصود أشخاصا، وإنما إسقاط الممارسات المستبدة، وهناك آراء فى الشارع المصرى عن أن الرئيس فقد شرعيته بسبب الأحداث الدامية وتحميله المسؤولية، لأنه المسؤول الأول عن هذه السياسات، لكنها آراء تترجم الغضب العام، إلا أن الصحيح هو أن سياسات الحكم أثرت فى مصداقيته.
وطالب عمرو موسى بتأجيل الانتخابات البرلمانية، لأن الوضع الحالى لايسمح بإقامة الانتخابات سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية أو حتى الحالة النفسية العامة، موضحا أن المؤشرات الأولية لدى جبهة الإنقاذ مطمئنة جدا، وهناك الكثير من الأشخاص والأحزاب الذين يرغبون فى الانضمام إلى الجبهة والترشح على قوائمها، خاصة وأن الخريطة السياسية اختلفت بعدما أصبح الكثيرون يخشون من انفراد فصيل سياسى واحد بكل شىء، بالإضافة إلى فشل الحكومة فى معالجة المشاكل التى تتصل بحياة الناس، ولذلك هناك تفاؤل كبير بالنسبة لنتيجة الانتخابات شريطة أن تكون نزيهة وشفافة، مشيرا إلى مطالب واضحة للجبهة قبل المشاركة وهى الرقابة الدولية والإشراف القضائى والتأمين الكامل للمواطن الذى سيدلى بصوته، ولذلك كان الاقتراح بتشكيل حكومة محايدة، تضمن نزاهة الاقتراع وطمأنة الناس، وفى حالة عدم توفر هذه الضمانات، فسنجتمع لبحث هذا الأمر واتخاذ القرار المناسب، ويجب قبول النتائج طالما نالت العملية الانتخابية مصداقية وثقة فى نزاهتها.
وأشار موسى إلى وجود مخاوف لدى جبهة الإنقاذ، مما سيكون عاملا مؤثرا على قرار المشاركة فى الانتخابات من عدمها، فالمراقبة الدولية إضافة إلى المراقبة المحلية من منظمات المجتمع المدنى والنقابات والاتحادات المصرية وغيرها مطلب أساسى بالنسبة لنا من أجل المشاركة، والمراقبة الدولية ليست تدخلا فى الشأن الداخلى، كما يروِّج بعض المتحدثين باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، فقد شاركت الجامعة العربية ومنظمات دولية مصرية فى الرقابة على العديد من الانتخابات فى كثير من الدول، الدول كلها تقبل بالرقابة الدولية (التى هى جزء من ممارسات العولمة) إلا إذا كان هناك ما تخشاه الدولة وتريد ألا يراه أحد، خاصة أن الانتخابات المقبلة مهمة جدا وحساسة جدا.
وأضاف أن هناك عالميا من يخشى الإسلام السياسى، شيعيا كان أو سنيا، وأن دعم الولايات المتحدة للنظام الحالى الذى يمثل تيار الإسلام السياسى لا يعد قفزا على إرادة المصريين، ولكنه يعنى القبول بقواعد العملية الديمقراطية والانصياع لإرادة الشعب المصرى، الذى اختار الرئيس محمد مرسى لهذا المنصب، ولكنهم فى الواقع أيدوا أو قبلوا أو توقعوا فوز تيار الإسلام السياسى نتيجة لما سموه الربيع العربي، والآن عندما يشاهدون الاضطراب الذى يحدث فى مصر هناك علامة استفهام حول ما يحدث، وعن مدى بقاء التأييد أو حجمه، ومكانة مصر كدولة محورية هو الذى يجعل كل الدول الفاعلة فى العالم مهتمة بما يحدث فيها وعلى رأسها الولايات المتحدة، لأنه إذا حدث انهيار (بسبب سوء الإدارة وغيره) فسيكون له تأثير على الاستقرار الإقليمى ومساس محتمل بالنظام الدولي، مشيرا الى أن أجراس الخطر تدق الآن فى عواصم ليست أمريكية فقط وإنما أوروبية بل عالمية أيضا، قلقا على مصر وما يحدث فيها ومدى إمكان استقرارها واستقرار المنطقة من حولها، مما قد يؤدى إلى التأثير فى مدى القبول العالمى بشكل الحكم فى مصر وأسلوبه وخططه.
وأكد عمرو موسى، أن المؤسسة العسكرية ليست مستعدة، ولا تريد أن تلعب أى دور سياسى، فالعملية السياسية بعد بدء المسار الديمقراطى باتت فى يد الشعب فقط، ودور المؤسسة العسكرية يجب أن يقتصر فقط على حماية البلاد من أى تدخل خارجى، وفى كل الأحوال فإن مهمتها إنقاذ مصر.
وعن الوضع فى سوريا، أوضح السيد عمرو موسى فى حواره مع صحيفة "الجريدة" الكويتية، أن الوضع فى سوريا يختلف عن أى دولة أخرى، نظرا لموقعها الاستراتيجى المهم، وهو وضع بالغ التعقيد، لأن نتيجة الوضع هناك ستؤثر سلبا أو إيجابا على الدول المجاورة، مثل لبنان والأردن وتركيا والعراق وإيران وفلسطين وإسرائيل، وهذا يجعل من المهم أن يكون الحل عربيا، وأن يأخذ فى شأنه مصالح الاستقرار العربى الإقليمى فى الاعتبار، ولابد أن يفهم النظام السورى أن الوضع يتغير فى العالم العربى، وأن هناك ثورة ولا يمكن العودة أبدا إلى نقطة الصفر، فمن المستحيل مثلا أن تحدث مصالحة فى سوريا ويبقى الحكم وكأن شيئا لم يحدث، بعد سقوط الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى والنازحين، فالحل يتمثل فى التغيير الذى أصبح ضروريا وملحا، إنما يجب أن يتجنب التغيير المقبل فى سوريا ما حدث فى مصر من تهميش للثورة وتحويل أهدافها إلى اتجاهات مغايرة.
وأوضح أنه أنه لا يصح استبعاد نظرية المؤامرة أوتوماتيكيا أو كليا، رغم أن ما حدث فى العالم العربى هو انتفاضة للشعوب ضد الظلم والاستبداد، وأن الثورة فى تونس أثرت بشكل فورى ومباشر على مصر وليبيا وسوريا واليمن، وقد تؤثر فى غيرها، ومن نفس المنطلق، فنقطة الانطلاق كانت رغبة الشعوب فى تغيير الأنظمة التى وصلت إلى مرحلة من الاستبداد لايمكن قبولها، وهذا لا يمنع من وجود مخاوف لدى شخصيا من محاولات رسم خريطة جديدة للعالم العربى، وهنا قد تتم المؤامرة، خاصة فى ظل ما تعانيه مصر من عدم استقرار، ومن ثم تعطل دورها العربى والإقليمى.
وعن الدور الإيرانى فى المنطقة، قال موسى، إن إيران دولة مهمة، ولا يجب النظر إلى إيران باعتبارها عدوا بكل بساطة ودون تعمق وتبصر، وتصنيفها كعدو من شأنه أن يخلق التباسا استراتيجيا، والصحيح أن هناك خلافات عميقة عربية إيرانية وشكوكا عميقة إزاء السياسة الإقليمية الإيرانية، نحن نختلف معها فيما يتعلق بالمد الشيعى واستخدام الخلاف الشيعى السنى فى محاولات هيمنة أو تموضع، موضحا أن الصراع "الشيعى - السنى"، الذى تم إطلاقه من القمقم بعد الغزو الأمريكى للعراق، أصبح جزءا من صراع قد يستمر عقودا، وسوف يضر بالعلاقات الإقليمية والعلاقات العربية الإيرانية تحديدا، وإطلاق هذا الصراع واعتماده كسياسة لأى دولة مسألة خطيرة جدا، ونحن نختلف أيضا مع إيران بسبب سياستها إزاء دول الخليج مثل دولة الإمارات والبحرين، وربما المملكة العربية السعودية، كذلك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث لم تقبل طهران مطلقا بالمبادرة العربية، بينما ترتبط السياسة العربية، حتى الآن على الأقل، بهذه المبادرة، ومن ناحية أخرى فمن الطبيعى أن ندعم موقف الإمارات فى استعادة جزرها الثلاث وموقف البحرين الرافض للتدخل الإيرانى فى شؤونها الداخلية، وكذلك متابعة ما يتعلق بالسياسة الإيرانية فى العراق وسوريا وفلسطين، بالإضافة إلى الأمن الإقليمى.
وانتقالا إلى الملف الفلسطينى، أوضح السيد عمرو موسى أنه لايرى سياسة واضحة فى التعامل مع هذا الملف، مشيرا إلى انه طالب ومازال يطالب بضرورة وجود دولة فلسطينية موحدة وجدول زمنى محدد للمفاوضات مع إسرائيل مع تحديد الهدف من خلال قرار مسبق من مجلس الأمن يضع الأسس التى تتم فى إطارها من التسوية، أما ما يحدث بعيد عن ذلك فهو مضيعة للوقت وإضاعة لحقوق الفلسطينيين، وأنه طالب عندما كان أمينا عاما للجامعة العربية بضرورة وقف المفاوضات طالما استمر الاستيطان، لأن ذلك يعد استهانة بالعقل والحق العربى، أما الدخول فى حلقة مفرغة من اللجان الرباعية والسداسية أو نصب مائدة التفاوض والحال فى الأراضى المحتلة على ما هو عليه، فهو عبارة عن عملية تهريجية تموج بالخداع والنصب السياسى ولا يصح أن نقع فى ذلك الفخ مرة أخرى.
وأشار موسى إلى ما طالب به منذ أيام فى منتدى دافوس، من ضرورة مناقشة البدائل منذ الآن ونطرحه على العالم، وهو بديل الدولة الواحدة التى تضم الإسرائيليين والفلسطينيين بحقوق متساوية تماما، دولة للأمتين العربية الفلسطينية واليهودية معا، مع اقتسام عادل للسلطات والمناصب، وأن تقوم فى إطار زمنى محدد إذا لم تتم إقامة دولة فلسطين فى هذا الإطار الزمنى، والمهم الآن هو أن على الفلسطينيين بالذات أن يتفهموا أن المصالحة الفلسطينية ضرورة إستراتيجية إذا كان للقضية الفلسطينية أن تظل على الأجندة العربية والعالمية، وأن ننجح فى تحقيق حلم الدولة الفلسطينية أو بديل لها.
موسى للجريدة الكويتية: الحوار مع مرسى يتطلب ضمان تنفيذ المتفق عليه
الأحد، 10 فبراير 2013 10:25 ص