عبد الله عيسى الشريف يكتب: دفعة عقلانية للعلاقات المصرية الإيرانية

الأحد، 10 فبراير 2013 05:19 م
عبد الله عيسى الشريف يكتب: دفعة عقلانية للعلاقات المصرية الإيرانية أحمدى نجاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما نقرأ التاريخ نجده يوضح لنا أن إيران ومن قبلها الإمبراطورية الفارسية، كانت محط الأنظار لكثير من القوى العالمية، فإيران هى دولة كبرى فى منطقة ذات أهمية دولية سواء من الناحيتين الجيويوليتكية والتاريخية أو من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وتعتبر ركيزة أساسية من ركائز التوازن الإسلامى الاستراتيجى الدولى، وهى منطقة خصبة ومجال مفتوح للصراعات الإقليمية والدولية إلى جانب الصراعات الداخلية على حد سواء، وكانت وما زالت محطا لأطماع العديد من القوى الإقليمية والدولية الكبرى ذات المصلحة فى السيطرة على تلك المنطقة وتسخير إمكانياتها لخدمة أهدافها الإمبريالية.

وقد كان لإيران ونجاح الثورة الإسلامية بها ووصول قوى جديدة ذات توجهات ثيوقراطية وسياسية مختلفة للسلطة فى نهايات العقد السابع من القرن المنصرم، دورا كبيرا فى إحداث تغييرات جذرية فى أوضاع المنطقة لما تتمتع به إيران من أهمية خاصة باعتبارها إحدى القوى الكبرى الفاعلة فى النظام الإقليمى، ومن هنا جاء الاهتمام العربى بالشأن الإيرانى الذى يتسم بأنه حاضر باستمرار، وهو ليس غريبا بل أنه منطقى، يفرضه الانتماء العربى والإيرانى إلى فضاء حضارى جامع وهو الحضارة الإسلامية، ويفرضه موقع إيران الجيوسياسى والجيوستراتيجى، وكذلك دور إيران الإقليمى، ولاسيما فى العقود الأخيرة، فزيادة التطورات فى إيران فى الآونة الأخيرة جعلت هذا البلد محط أنظار العالم واهتمام المعنيين بأى جديد من إيران.

ومن ناحيتها تعمل إيران جاهدة على بقاء دولتها ونظامها السياسى والاقتصادى قويا فى مواجهة زخم الصراعات الدولية والإقليمية والحروب الأهلية والثورات الشعبية التى أدت فى بعض الدول إلى عدم الاستقرار على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تعج بها المنطقة والعالم أجمع، وتستخدم طهران فى ذلك العديد من الوسائل والأساليب والاستراتيجيات التى تزيد من قدرتها الداخلية وقوتها، فى ظل حالة حصار اقتصادى وضغط إعلامى وحرب نفسية تتعرض لها من قبل القوة الأعظم فى عالم اليوم وهى الولايات المتحدة الأمريكية.

ففى أعقاب الثورة الإسلامية فى إيران بقيادة آية الله الخمينى فى 1979، حدثت قطيعة تاريخية وبرود فى العلاقات بين القاهرة وطهران، لسياسات السلطة الحاكمة الجديدة فى إيران والمتمثلة فى تصدير الثورة، واستضافة الرئيس الراحل محمد أنور السادات لشاه إيران وتوقيع مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وظل الوضع على ما هو عليه لأكثر من ثلاثة عقود فى ظل الاكتفاء بمكتب لرعاية المصالح فى كل بلد من البلدين، حتى جاءت زيارة الرئيس المصرى محمد مرسى لطهران لحضور قمة عدم الانحياز فى نهاية أغسطس 2012، حيث يعد بذلك أول رئيس مصرى يزور إيران بعد قيام الثورة الإسلامية بها، مما جعل كثيرين يتوقعون استئناف العلاقات المصرية الإيرانية بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاثة عقود.

وعلى الجانب الآخر جاءت زيارة الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد لمصر للمشاركة فى القمة الإسلامية التى تعقد حاليا فى القاهرة، سبقتها زيارة لمشيخة الأزهر الشريف ظهر الثلاثاء الماضى، وعلى الرغم من أن الزيارة جاءت فى ظل رفض الدعوة السلفية باعتبارها سقطة للدبلوماسية المصرية، وتحفظ من بعض القوى الثورية، إلا أنها خطوة جيدة تنم عن رؤية عقلانية للقيادة السياسية فى سبيل استئناف العلاقات المصرية الإيرانية.

وعلى الرغم من إدانة التصرفات المشينة التى كانت فى استقبال الرئيس الإيرانى لدى وصوله للقاهرة، كرفع الأحذية فى وجه الوفد المرافق له، إلا أنه يجب النظر للجانب الإيجابى لهذا التطور، فكما كانت زيارة الرئيس محمد مرسى هى الأولى من نوعها لإيران فهى كذلك أيضا بالنسبة لزيارة الرئيس الإيرانى لمصر، فيجب النظر لهذه التطورات التى تجرى فى نهر المياه الراكدة بين البلدين بعين المصلحة العليا للبلاد فى سبيل تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران، فلا أجد ما يحول دون ذلك، فحتى لو تم اعتبار إيران العدو اللدود لمصر-وهى ليست كذلك- يجب فتح قنوات للتواصل بين البلدين على أعلى مستوى لتقريب وجهات النظر والتنسيق فيما يخص القضايا المصيرية التى تتعرض لها الأمة الإسلامية، بما لا يخالف ويعوق العلاقات بين مصر ودول الخليج العربى، ولا يتم اتخاذ إيران كفزاعة للخليج، لأنه من المعلوم أن أمن الخليح خط أحمر.

يبقى لى أن أذكر بمقولة المفكر السياسى الكبير، مصطفى الفقى بأن الشعب المصرى سنى المذهب شيعى الهوى، وهذه حقيقة نلتمسها من عادات وتقاليد الشعب المصرى العظيم، الذى نتعلم منه كل يوم فهو القائد والمعلم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة