صابر حسين خليل يكتب: المتلاعبون بالعقول

الأحد، 10 فبراير 2013 10:57 ص
صابر حسين خليل يكتب: المتلاعبون بالعقول صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
داعبته أحلام اليقظة، متمنيًا أن يهجره فقره وتتحقق أحلامه، حلم بالشقة، بالسيارة، بآلاف الجنيهات، لم تتحقق أحلامـه إلا فى مخيلته، فالعمل ـ إن وجد ـ لا يكاد يكفى لقمة العيش، فأين السبيل إلى تحقيق حلمه، يأتيه الحل عبر إعلان فى التليفزيون: اتصل بنا لتفوز بسيارة. . اتصل بنا على. ..0900

يسارع صاحب الحلم بالاتصال، يستدرجه صوت الكمبيوتر دقيقة بعد أخرى، وسؤال بعد سؤال، حتى يتجاوز الخمس دقائق، يكرر الاتصال مرة أخرى ولكن هذه المرة باسم ابنه، ويكرر الاتصال عدة مرات بأسماء أولاده جميعًا وحتى زوجته.

يتابع التليفزيون لعله يحظى بالجائزة، فيجد نفسه أمام إعلان آخـر: اتصل لتفوز بشقة ويفعل ما فعله بالمرة السابقة لعله يفوز بجائزة منهما أو ربما يحالفه الحظ فيفوز بالشقة والسيارة.

ويتابع التليفزيون لعل الجائزة تأتى، ويجد مسابقة ثالثة جائزتها آلاف الجنيهات فيكرر ما فعله فى المرتين السابقتين، تمر الأيام ولا تأتى الجائزة ولكن تأتى فاتورة التليفون فينظر صاحبنا فيصعقه المبلغ الذى تجاوز الألف جنيه فيسب نفسه ويلعن المسابقات والقائمين عليها.

القائمون على هذه المسابقات صنف مـن الناس يصـح أن نطلق عليهم: "المتلاعبون بالعقول".

إنهم فئة من البشر يلعبون باقتدار على وتر الحاجة والعوز لدى الحالمين بالمال،
فى الماضى كانت المسابقات تتم عبر التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة وخاصة التى تقام فى شهر رمضان، كانت هناك الفوازير وكان المشاهد يرسل بالحلول عبر الخطابات حيث كان ذلك لا يكلفه سوى ثمن طابع البريد، وأن الجوائز كانت تقدم من الشركات نظير إعلاناتها التى تبث قبل الفوازير وبعدها، أى أن ثمن الجائزة تتبرع به شركات ولا يدفعه المشاهد.

ثم تقدمت وسائل الاتصال وظهر التليفون المحمول ودخلت الخدمات الصوتية فى السنترالات، وهذه نعمة كان يجب أن توظف فى خدمة المواطن لا فى ابتزازه ماديًّا، فنستخدمها فى خدمات البنوك للاستفسار عن التحويلات والرصيد، وفى المطارات للاستفسار عن رحلات الطيران وحجز التذاكر، وغيرها من الخدمات التى تقدم للمواطن دون انتظار لعائد مادى من ورائها.

لكن فئة من الناس تلاعبت بهذه الخدمة ووظفتها لتنزيل النغمات على التليفون المحمول. ثم وظفتها للمسابقات وهذه هى الطامة الكبرى؛ مئات المسابقات كل يوم، ملايين الجنيهات ينفقها المواطن على هذه المسابقات كل عام وجوائز هذه المسابقات مجتمعة لا تتعدى نصف المليون جنيه.

كل هذه المبالغ لو تم توظيفها فى مشروعات للشباب وخدمات تقدم إليهم لكان لها فائدة عظيمة تصب فى الاقتصاد القومى.

أيها المتلاعبون بعقولنا ، رفقًا بالمواطن المصرى، فمسابقاتكم لن تُسْهِم فى القضاء على مشاكله الاقتصادية بل ستعمل على تضخيمها. أن مسابقاتكم ستخلق نوعًا من أحلام اليقظة يحطم العزيمة، وينمى التواكل.
أن مسابقاتكم نوع من المقامرة، يدفع الجميع فيفوز واحد أو عدد محدود للغاية، نعم هى مقامرة، فكيف تكون جائزتها الحج أو العمرة. فإن كانت مسابقاتكم لابد منها فاجعلوا سعر المكالمة هو السعر العادى.

وفى النهاية: أيها المواطـن المصرى، هـل تنتظر ضربة حظ تبنى بها مستقبلك؟!
أخى المواطن ، العمل هو سبيلك لمستقبل أفضل فهل يستوى الذين يعملون والذين لا يعملون؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة