تعقد جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر الملتقى الدولى حول الفكر الإصلاحى عند الإمامين عبد الحميد بن باديس وبديع الزمان سعيد النورسى، وذلك بمشيئة الله تعالى يومى الثلاثاء والأربعاء 16 - 17 إبريل 2013م بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بمدينة قسنطينة الجزائرية ويرأس الملتقى الأستاذ الدكتور عبد الله بوخلخال رئيس جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر وينسق أشغاله الأستاذ الدكتور محمد بوالروايح نائب رئيس الجامعة.
وصرح الدكتور عبد الله بوخلخال، رئيس الملتقى أنه ليس صحيحا الاعتقاد الشائع فى بعض الفلسفات الإصلاحية الراديكالية من أن الإصلاح يعنى الثورة على كل ما هو قائم وإحداث تغيير جذرى يستغرق كل المنظومات القائمة (الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية)، لأن المفهوم الراديكالى للإصلاح يتعارض مع الإصلاح من حيث مبناه اللفظى ومؤداه الوظيفى، ولذلك فإن الصحيح بيقين هو الاعتقاد بأن الإصلاح معناه إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية، وذلك بإزالة كل الشوائب، وهذا هو المفهوم الصحيح والواقعى والعقلانى للإصلاح الذى تكرسه مناهج الإصلاح الاجتماعى على وجه العموم ومناهج الإصلاح الدينى على وجه الخصوص.
وأشار إلى أن ثنائية الاستعمار والتغريب التى اجتاحت العالم العربى والإسلامى بعد النهضة الصناعية، جعلت من الإصلاح ضرورة ملحة لعدة أسباب منها أن التراث الفكرى والموروث الدينى والاجتماعى للمسلمين قد تعرض لكثير من عمليات التشويه من قبل بعض الجماعات الدينية، ومن هنا كانت هناك حاجة ماسة لتجديد وإصلاح هذه المكونات وإعادتها إلى جادتها، وأن هذه الثنائية شكلت خطرا حقيقيا طفق يهدد الكيان المادى والمعنوى للمسلمين من خلال شعارات غربية براقة مفادها أن المد الحضارى الغربى لا يستهدف الكيان المادى والمعنوى للمسلمين، وإنما يهدف إلى إشاعة ثقافة التنوير بينهم، لكى يلتحقوا بالركب الحضارى الغربى ولا يبقون عنصرا مهملا على هامش التاريخ.
وأشار أن الحديث عن الفكر الإصلاحى يقتضى التطرق لبعض المصطلحات التى لها علاقة بالإصلاح ووضعها فى إطارها الزمانى والمكانى، مع ضرورة القيام ببعض الاستشرافات لمعرفة امتداداتها فى الزمان والمكان مستقبلا، ومنها مصطلح التغيير والتجديد والنهضة والحداثة، ومعرفة كيف يمكن تحليل العلاقة العضوية القائمة بينها، وهذا هو المحور الذى اهتمت به حركات الإصلاح فى العالم العربى والإسلامى فى نهاية القرن التاسع عشر وطوال القرن العشرين مع التباين القائم بينها فى المناهج والوسائل والدوافع.
مشيرا أن للإصلاح مظاهر وأوجه كثيرة اجتماعية واقتصادية ودينية وسياسية، ويأتى فى مقدمتها الإصلاح الدينى الذى ميز العالم العربى والإسلامى فى الفترة من نهاية القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين، وقد اغترفت جميعها من حيث المنطلق العام من القرآن الكريم والسنة النبوية وسير عظماء الإصلاح على امتداد التاريخ، وهو ما تجسد بعد ذلك فى التوجهات العملية التى سارت فى فلكها الأمة الإسلامية.
مؤكدا أن وحدة المصدر بالنسبة لحركات الإصلاح الدينى فى العالم العربى والإسلامى قد أفرز فى المقابل اختلافا فى المناهج والوسائل، وهو ما يظهر جليا فى العمل الإصلاحى الذى قام به الإمام عبد الحميد بن باديس وبديع الزمان النورسى، فالإصلاح عند كليهما يقوم على منهج الاقتداء بالسلف الصالح والرعيل الأول من هذه الأمة امتثالا لقول الإمام مالك رضى الله عنه: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)، غير أن المنهج التعليمى الكلاسيكى قد صبغ العمل الإصلاحى عند ابن باديس، وهو ما يستنبط من أقواله وأعماله، وقد سلك بديع الزمان النورسى نفس المنهج التعليمى، ولكن أسبغ عليه وأضافت إليه ما اكتسبه من تجربته فى مجال العلوم المدنية التى برع فيها كثيرا، مستفيدا من بيئته التركية التى كانت متأثرة بمخرجات وروافد الثقافة الغربية.
وفى نفس السياق أوضح الأستاذ الدكتور محمد بوالروايح نائب مدير جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية للعلاقات الخارجية والتعاون، والمنسق العام للملتقى أن الملتقى يستهدف القراءة الواعية لأعمال ابن باديس وبديع الزمان النورسى فى مجال الإصلاح، وبيان أوجه التأثير والتأثر، والتأكيد على أن الإصلاح عملية زمكانية ولكن تبقى فرص الالتقاء والتقارب قوية من أجل تجاوز حدود الزمان والمكان من خلال القيام بعمل إصلاحى صالح للتطبيق فى العالم الإسلامى رغم اختلاف الزمان والمكان بالنظر إلى معيار وحدة المصدر والأهداف رغم اختلاف الوسائل والمناهج، والعمل -من خلال الاستفادة من تجربة ابن باديس وبديع الزمان النورسى فى مجال الإصلاح- على توحيد الجهود فى العالم الإسلامى من أجل التعاون فى مجال الإصلاح وجعله أولوية الأولويات لمواجهة موجات التغريب و الغزو الثقافى وغيرها من الحركات الهدامة.
وأشار الدكتور محمد بوالروايح أن محاور الملتقى تدور حول مفهوم الإصلاح ومصادره عند ابن باديس وبديع الزمان النورسى، ودوافع الإصلاح، مقاصده ووسائله ومجالات الإصلاح عند الإمامين ابن باديس والنورسى.
يذكر أن جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ستكرم العالم المصرى الدكتور مجاهد توفيق الجندى أستاذ التاريخ الإسلامى والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، فى هذا الملتقى، حيث كان من أوائل الذين اشتركوا فى افتتاح الجامعة سنة 1984م وكان فى طليعة العلماء الأزهريين الذين تولوا التدريس بها، ورافق فضيلة الشيخ محمد الغزالى (رحمه الله) فى التدريس بالجامعة، وقام بجهود كبيرة فى سبيل الارتقاء بالجامعة والدارسين بها فى بداية إنشائها، ومن ثمرة ذلك أن تلاميذه اليوم – ومنهم أ.د. محمد بوالروايح نائب رئيس الجامعة- وآخرون كثيرون يشكلون أغلبية هيئة التدريس بالجامعة ويكملون المسيرة العلمية التى بدأها فضيلة الشيخ محمد الغزالى (رحمه الله) والأستاذ الدكتور مجاهد توفيق الجندى وغيرهما من خيرة علماء الأزهر الشريف.
وجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر، سيتم تكريمها من قِبل المنظمة العربية للمسؤولية الاجتماعية التابعة لجامعة الدول العربية، فى 26 مارس المقبل، بمناسبة اختيارها من أفضل مؤسسات التعليم العالى فى الوطن العربى الداعمة للمسؤولية الاجتماعية والنشطة فى مجال الندوات والمؤتمرات والمحاضرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة