فى لقاء الرئيس منذ أكثر من ثلاثة أشهر مع المثقفين، جاءتنى الدعوة فذهبت مع الذاهبين لأسمعه، كان الرئيس قبل ذلك قد التقى بعض القيادات السياسية من شباب الثورة وبعض الإعلاميين، وكانت البسمات على وجوه الجميع. وكان الزهو أيضا، فهم وشباب الثورة من قاموا بإنجاحه نكاية فى أحمد شفيق وتخلصا من بقايا النظام السابق. لقد التقى بعضهم معه قبل الانتخابات واتفقوا اتفاقات لم يكن الوقت قد ابتعد بعد لاكتشاف أن كل ما جرى كان خدعة.
ذهبت مع من ذهبوا فى لقاء المثقفين لأسمعه، وأعلنت أننى أفعل ذلك لهذا السبب فقط، لأنى كنت من المبطلين أصواتهم، وكان تبريرى لذلك مع كل المبطلين أن المجلس العسكرى السابق وضعنا فى لعبة، شفيق أو مرسى سينجح وكلاهما سيكون بداية لديكتاتورية جديدة عسكرية أو دينية، لكن هذا لا يعنى ألا أسمع الرجل ربما كنت على خطأ، استغرق الرجل أكثر من نصف ساعة فى خطابه، ثم فتح باب النقاش، فإذا بأحد الموظفين فى الرئاسة، يقول إن هناك موعدا هاما للسيد الرئيس مع وفد أجنبى، ومن ثم فالوقت المتاح للنقاش قليل.
المهم تحدثنا وأكثرنا أعرب عن مخاوفه من قيام دولة دينية تعود بالبلاد إلى العصور الوسطى وتجعل الحاكم ظل الله على الأرض، وكانت إجابة الرئيس مختصرة، وهى أن مصر لن تكون دولة دينية ولا عسكرية لكن دولة مدنية. انتهى اللقاء ولم تتح الفرصة للكثيرين، لكننا أيضا تجاوزنا الوقت القليل الذى منح لنا، خرجت ولدى انطباع أن اللقاء أى كلام مقصود به فقط أن تعلن أجهزة الإعلام ذلك، وبالليل حدثت واقعة النبى دانيال فى الإسكندرية حين داهمت بلدوزرات الحى باعة الكتب، وأعلنت فى المساء تعاطفى مع باعة الكتب، وأن ماجرى يؤكد أن لقاءنا مع الرئيس أى كلام، فلقد تم الاعتداء فى نفس اليوم على الكتب.
بعد ذلك، لم أعد أشغل نفسى بلقاءات الرئيس مع أى طرف أو ما يقوله، خصوصا أن موظف الرئاسة يظهر دائما بعد كلام الرئيس ليعلن انشغاله بموعد هام، ولقد فعل ذلك آخر مرة فى لقاء الرئيس بالناشرين فى معرض الكتاب، كما حكى لى أحدهم فى غيظ، التقى بعد ذلك بقيادات المعارضة الكبيرة، حمدين صباحى والدكتور البرادعى وغيرهما واستمع لهما كما قالا لكن أيضا بلا إجابة، وكانت الإجابة بعد أيام إعلانه الدستورى الذى دمر فيه القضاء وأحدث الأزمة التى مازالت مستمرة، ثم تراجع تراجعا لا يفيد ثم ما جرى من استعجال الاستفتاء على الدستور والوعد الذى لم يتم بتغيير المواد محل الخلاف وغير ذلك مما تسبب فى الأحداث الجارية، لقد وضح للجميع الآن أن الرئيس يسمع ولا يقتنع، وأن هناك أجندة بالحكم لا نعرفها تظهر كل يوم وتعلن أنه لا أحد غيرى أنا وجماعة الإخوان المسلمين.
لن أعيد عليكم ما جرى عند الاتحادية من دعوته لميليشيات الإخوان المسلمين للاعتداء على المعتصمين، ولن أعيد أى شىء يؤكد أن الرئيس دخل فى طور الديكتاتورية، على الناحية الأخرى أغلق رئيس الوزراء كل طرق الإصلاح الاقتصادى إلا على حساب الشعب، وصدّر لنا الطرشة فلا توجد فى البلاد أى أموال وبدأ مسلسل رفع الأسعار وسيستمر، إذن هى سياسة متفق عليها بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
على خطى مبارك نسير والله معنا، فهذا شعب ليس من الإخوان ولا من المسلمين، ماذا كان يمكن للقوى الثورية أن تفعل غير الاحتشاد فى الشارع، ووجه الاحتشاد بالقتل والدهس ثم خرج علينا رئيس الجمهورية يعلن حظر التجوال لمدة شهر فى مدن القناة ويهدد الشعب بأنه سيفعل ما هو أكثر من ذلك إذا اقتضت الضرورة، ولم يقل كلمة واحدة تشير إلى التحقيق مع القتلة أو القبض عليهم وتساوى المجرمون الذين يهاجمون السجون مع الثوار الذين يتظاهرون فى الميادين، وفى يوم واحد خسرت بور سعيد ستمائة جريح وأكثر من أربعين قتيلا، وأى عاقل لا يمكن أن يصدق أنهم جميعا مجرمون، لكن خرج الرئيس يرتدى بدلة سوداء وقدم التعازى للشعب فى كلمتين وشكر وزارة الداخلية والقوات المسلحة على ما قامت وتقوم به واشتعلت الميادين، انكشفت كل الأوراق، ما جرى فى بورسعيد بعد حكم المحكمة على المتهمين فى قتل شباب الألتراس كان يمكن الاحتراز له بقوات أكبر حول السجون والأقسام هناك، لكن دعهم يأتون إلينا وطبعا نقتلهم، ثم نقتل من يحتج لقتلهم فيتساوى الثوار مع البلطجية.
الآن انكشفت كل الأوراق، هذا نظام مستعد لإبادة من يقف أمامه، ويضع الجيش مع الداخلية فى مواجهة الشعب، ويعتمد فى وزارة الداخلية على وزير للأسف مستعد لذلك بعد خلع الوزير الذى اكتفى بحماية المنشآت، ورفض ملاحقة الثوار فى الميادين ولم يشفع له عنده عنف حمايته للمنشآت الذى أدى إلى مقتل الصبى الجميل جيكا وجرح العشرات لا يكفى ذلك السيد الرئيس. دعا الرئيس إلى حوار مع القوى الوطنية رفضته جبهة الإنقاذ لأن مثله كثيرا جرى من قبل بلا فائدة، حتى الحوار الذى أقامه لتعديل الدستور مع بعض الموافقين على الحضور تم إلغاؤه أو عدم الاعتراف به.
القوى الثورية بعد كشف كل الأوراق لا تريد التصوير فى التليفزيون، تريد عملا على رأسه إقالة الوزارة وتشكيل وزارة إنقاذ وتعديل الدستور والبدء فى خطوات اجتماعية ترفع الفقر عن الشعب والقصاص للشهداء، لكن الآن لم يعد القصاص من العهد السابق فقط، امتد ليشمل عهد الإخوان وانقسمت البلاد ولا رجعة فى الانقسام إلا إذا اعترف الرئيس بمسؤوليته عن الدم الذى أزهق، والرئيس لن يعترف ويراهن على الجيش والشرطة وأمريكا التى أرسلت مندوبين لمكافحة الإرهاب لتستفيد الدولة منهم، درس التاريخ القريب والبعيد يقول إن الرئيس لن ينتصر ولا جماعته، لا تقام دولة على أنهار دم، بداية النهاية لنظام حمله الثوار إلى الحكم ففتح لهم القبور، وكل يوم يمر تضيع فيه كل فرص البقاء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام - المانيا
مرسى
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
لن ينتصر ولا جماعته، لا تقام دولة على أنهار دم