تناولت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية فى عددها الأخيرة التطورات التى شهدتها مصر هذا الأسبوع، وقالت إن الرئيس محمد مرسى لوح بإصبعه للشعب فى خطابه التليفزيونى الذى أدلى به فى وقت متأخر يوم الأحد الماضى، وأعلن حظر التجول فى بعض المدن وطلب دعم الشرطة ونشر الجيش فى الشوارع، ثم أضاف لاحقا دعوة تصالحية للحوار مع معارضيه السياسيين.
وتشير المجلة إلى أنه مثلما كان الحال فى 28 يناير 2011، كان الأمر نفسه فى 27 يناير 2013. ومثلما كان مع مبارك، حدث مع مرسى، وفى كلتا الحالتين لم يكن للخطابين تأثيرا كبيرا، حيث إنه فى الحالتين تحدت الحشود حظر التجول وتجاهل جنود الجيش المنتشرين المحتفلين، وحذر قائد الجيش من الانهيار مما أثار جدلا حول دور الجيش، وطالب زعماء المعارضة بحكومة إنقاذ وطنى واستعد المواطنون للمجهول.
وعلى الرغم من أن الموقف يبدو الآن مشابها لما كان يحدث أثناء الثورة، تتابع الصحيفة، إلا أن البلد نفسها قد تغيرت كثيرا منذ وقوع ما يُسمى الآن "ثورة" وهناك العديد من الناس يخجلون من تلك الكلمة اليوم، حيث تدهور اقتصاد مصر بشدة فى ظل غياب سياسة حكومية رشيدة، وشهدت السياسة حالة استقطاب بين معسكر الإسلاميين، والذى تم تمكينه من الحكم، وبين نخبة تضم أغلب المثقفين، ووسط تلك الفوضى، والخوف على المستقبل والإحباط من المساومات السياسية، فإن معظم المصريين لا يرغبون فى ثورة أخرى كبيرة والجيش غير راغب فى العودة للمعترك السياسى مرة أخرى
وقالت المجلة إن الشباب المتهور الموجود فى قلب الأحداث اليوم لا يبدو أنه يريد شيئا أكثر من خروج مهين لمرسى شبيها بذاك الذى حدث لمبارك، لكن المطالب الأوسع لمرسى تريد التغيير وليس رحيله، وتريده أن يتصرف كرئيس لكل المصريين وليس رجلا قادما من الإخوان المسلمين.
وتؤكد المجلة البريطانية على أنه أيا كان هدف الاضطراب الحالى، فإنه سيمثل تحديا تزداد خطورته للدولة المتصدعة، وترى الصحيفة أن الحكم على المتهمين فى قضية إستاد بورسعيد فى نفس الوقت الذى تظل فيه الممارسات الوحشية للشرطة دون مساءلة، قد أحيا الغضب الذى أشعل الثورة قبل عامين.
واعتبرت الإيكونوميست، أن ما يحدث رسالة موجهة بصوت عالى من مصر إلى مرسى بضرورة الحاجة إلى الشمولية السياسية، ولكن يظل السؤال يتعلق بما إذا كان مرسى والإخوان يسمعون.
وفى إحدى افتتاحيتها عن مصر أيضا، قالت المجلة البريطانية، إنه مع إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة فى إبريل المقبل، فإن لجوء مرسى إلى أساليب النظام القديم يمكن أن يمزق البلاد قبل موعد الانتخابات، والخطر هو أن التصاعد فى العنف يمكن أن يرجح كفة ثورة جديدة فى مصر، أو أن الجيش بالتواطؤ مع مرسى أو بدونه قد يعيد فرض الديكتاتورية.
لكن برغم ذلك، تقول الإيكونومست، إنه من السابق لأوانه اليأس بشأن مستقبل مصر، فالجيش ليس لديه رغبة فى حكم البلاد مجددا ومن مصلحة مرسى ومصلحة سلطته أن يحكم بالسبل السلمية وليس العنيفة.
ومضت الصحيفة قائلة، إنه على الإخوان بدلا من التسرع فى إحكام قبضتهم على السلطة، أن يعززوا الشرعية فى السياسات الديمقراطية والتى تأتى من الحكم الشامل والتسامح على جانب صناديق الاقتراع، ويجب أن يكون مرسى رئيسا لكل المصريين، ويجب أن يقوم بتعديل الأجزاء الخلافية فى الدستور، ويناقش تغيير قانون الانتخابات، ويبدأ فى إصلاح الشرطة والقضاء، ويعين نائبا عاما مستقلا بدلا من أن يكون دمية فى يد الإخوان.
ودعت المجلة الرئيس مرسى إلى التوصل لاتفاق بشأن قرض صندوق النقد الذى يتطلب إصلاحات صعبة لكنها حاسمة، مشددة على أن أفضل أمل لمرسى لاستعادة شعبية الإسلاميين هو إحياء الاقتصاد المصرى المتوقف تماما.
وخلصت المجلة فى النهاية إلى القول بأن العالم الخارجى بإمكانه أن يدفع مرسى فى الاتجاه الصحيح، مشيرة إلى أن التهديد من جانب أوروبا وغيرها بتعليق مساعدات التنمية يمكن أن يكون مفيدا.ِ
"الإيكونوميست": معظم المصريين لا يرغبون فى ثورة أخرى.. والجيش يرفض الانخراط فى السياسة.. وما يحدث رسالة موجهة بصوت عال من الشعب للرئيس.. واستخدام مرسى أساليب مبارك تمزيق للبلاد قبل الانتخابات
الجمعة، 01 فبراير 2013 05:05 م