هذه المقالة كتبتها ونشرت فى شهر إبريل الماضى وهى مقارنة بين محمد مرسى ونيلسون مانديلا وأعيد نشرها الآن كما هى بدون أى تغيير، حتى البند العاشر الذى تغير بعزل مرسى ووفاة الزعيم الكبير نيلسون مانديلا، وأعيد نشرها الآن لأن الإخوان يعقدون الآن المقارنات بين مرسى ومانديلا، ويشبهون مرسى بمانديلا مع أن الفروق بينهما عديدة ولا تحصى، والآن إليكم نص المقالة كما كتبتها سابقا.
الابارتهيد كلمة هولندية تعنى الفصل العنصرى، وإن هناك تمايزًا بين الأجناس وإن هناك تفوقًا لجنس على جنس بسبب اللون أو العقيدة، وقد تم ممارسة هذه التفرقة فى جنوب أفريقيا وفى روديسيا البيضاء ( زيمبابوى فيما بعد)، حيث قام البيض الأوربيون المحتلون لهاتين الدولتين بممارسة هذه السياسة، بل وتم تقنينها منذ خمسينات القرن الماضى خصوصًا فى دولة جنوب أفريقيا.
والآن إذا حاولنا أن نعقد مقارنة بسيطة بين سود جنوب أفريقيا ونيلسون مانديلا من جهة وبين إخوان مصر ومحمد مرسى من الجهة الأخرى نجد الآتى: -
أولا منع السود من سكن أحياء البيض فتم عزلهم فى جيتوهات خاصة بهم كما منعوا من استعمال نفس وسائل مواصلات البيض، باختصار كانت حياتهم جحيم وكأنهم كانوا يعيشون فى سجن كبير، برغم أنهم الأغلبية وكانوا السكان الأصليين للبلاد، فى مصر لم يكن الإخوان أغلبية الشعب بأى حال من الأحوال بل هم فقط أقلية منظمة من هذا الشعب، تعرض بعض رموزهم للسجن والأبعاد ولكنهم تمتعوا بحرية حركة كبيرة أتاحت لهم الحصول على ربع مقاعد مجلس الشعب فى 2005 وأتاحت لهم السيطرة على الشارع وتوجيهه لصالحهم وأتاحت لهم السيطرة على نقابات عديدة.
ثانيا: بالإضافة إلى ما سبق وقلناه من أن السود بجموعهم سجنوا فى جيتوهات كبيرة ومنعزلة عن البيض فان نيلسون مانديلا على وجه الخصوص سجن عام 1962 فى سجن انفرادى فى إحدى الجزر وعندما ساوموه على إطلاق سراحه بشرط التخلى عن النضال ضد التفرقة العنصرية عام 1980، فانه رفض هذا بكل آباء وشمم، لأن نضاله كان من أجل جموع السود فى جنوب أفريقيا. فى المقابل فإننا وإن كنا لا ننكر أنه قد تم الزج بمجموعة من الإخوان فى السجون أيام عبد الناصر إلا أنهم وعند أول بادرة من السادات لإطلاق سراحهم فإنهم لم يفكروا إلا فى أنفسهم وسلامتهم ولم ينظروا إلا إلى صالحهم وصالح جماعتهم وليس لصالح الوطن.
ثالثا: نتيجة الضغوط الدولية على فريدريك دى كلريك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا فانه تم إطلاق سراح نيلسون مانديلا عام 1990 بعد ما يقارب من 27 عامًا فى السجن، فى المقابل فان إخوان مصر وبالاتفاق مع جهات خارجية قاموا باقتحام السجون أثناء ثورة يناير واخرجوا محمد مرسى ورفاقه بقوة السلاح من السجن.
رابعا: تم إجراء انتخابات حرة فى جنوب أفريقيا ففاز بها مانديلا عام 1991 وتم كتابة دستور للبلاد كان بمثابة الترياق الشافى للجميع، حيث لم يستبعد أحد رغم كل المرارات والآلام المتوارثة، بل إن مانديلا كون لجنة أطلق عليها لجنة المصارحة والمصالحة برئاسة الأسقف ديزموند توتو مهمتها كانت تضميد الجراح بين السود والبيض، فى المقابل أجريت انتخابات فى بلادنا فاز بها محمد مرسى ليس لإجماع الناس عليه كما فى حالة مانديلا، ولكنه فاز بمساعدة عوامل عدة ليس هذا مجالها الآن وبأغلبية ضئيلة جدًا فما كان منه ومن فريقه، رغم أنهم الأقلية إلا أن كتبوا دستورًا لصالحه وصالح جماعته.
خامسا: جاء مانديلا بروح الغفران والمسامحة وجاء مرسى منتقما ممن ادعى أنهم ظلموه هو وجماعته.
كون مانديلا هيئة المصارحة والمصالحة وقنن مرسى قوانين العزل والاستبعاد.
استعان مانديلا بفردريك دى كلريك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا، وعينه نائبًا له واستعان بالبيض فى كافة المجالات.
فى المقابل حظر مرسى وجماعته الحزب الوطنى الديمقراطى وحظر على قياداته مزاولة السياسة وألقى برئيسه ورئيس مصر السابق ومعظم رموزه فى السجون.
سادسا: نجح مانديلا فى إزالة أى رواسب انتقامية بين السود والبيض فى جنوب أفريقيا، رغم كل الظلم الذى وقع على السود نتيجة تطبيق سياسة التفرقة العنصرية، فى المقابل جاء مرسى وجماعته ففرقوا بين جموع الشعب المصرى وقسم الشعب إلى تيارات مختلفة، واعتبر الإخوان أنفسهم أنقى العناصر فى المجتمع وكلنا يذكر جل اهتمام الرئيس بجماعته وعشيرته فقط ونذكر كذلك حديث الفلوطة لصاحبه صبحى صالح الذى استنكر الزواج بين أى إخوانى او إخوانية مع أى فرد آخر من خارج الجماعة، فهاهم الإخوان يمارسون سياسة التفرقة العنصرية ليس بينهم وبين المختلف معهم فى الدين أو اللون فقط، ولكن مع المختلف معهم فى الرؤية والتوجه أيضًا.
سابعا: نجح مانديلا نتيجة كل سياساته السابقة فى وضع جنوب أفريقيا فى مصاف الدول المتقدمة وشهدت البلاد فى عهده ومن بعده نهضة حقيقية. فى المقابل ونتيجة لسياسات مرسى واستعانته بالإخوان فى كل مناحى الحياة عوضًا عن الكفاءات المناسبة فقد شهدت مصر تدهورًا على كافة الصعد وأصبح المصرى لا يجد لا الخبز ولا السولار إلا بالكوبونات وكأننا عدنا لأيام الحروب فى الستينات والسبعينات مرة أخرى.
ثامنا: اكتفى مانديلا بفترة رئاسة واحدة واكتفى بما حققه لبلاده ولشعبه ولكن مرسى يحاول أن يحول مصر إلى ملك عضوض له ولجماعته تارة بتفصيل دستور على مقاسه ومقاس جماعته وتارة بالإخونة التى يمارسها جهارًا نهارًا ويحاول من خلالها بث رجاله ورجال جماعته كى يسيطروا على كافة مناحى الحياة فى مصر، رغم أنهم ليسوا بأهل علم ولا أهل كفاءة.
تاسعا: أطلق الجنوب أفريقيون على مانديلا لقب مادييا (( Madiba)) أى العظيم المبجل واعتبروه أبًا لجنوب أفريقيا، بينما أطلق المصريون على مرسى لقب الإستبن لأنه كان بديل لخيرت الشاطر عند الترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة وأطلق البعض عليه لقب (شرارة) لأن المصائب والكوارث حلت بمصر منذ قدومه.
عاشرًا فى جنوب أفريقيا ترفع الصلوات وتلتهب القلوب بالدعاء كى ينعم الله على مانديلا بالشفاء ويهبه موفور الصحة والسعادة بينما فى مصرنا ترفع الصلوات وتلتهب الحناجر والقلوب بالدعاء وتقام الصلوات ناهيك عن المظاهرات المليونية من أجل الخلاص من هكذا رئيس لم يجن المصريون من وراء رئاسته إلا كل ألم وتعب وانقسام.
الزعيم مانديلا
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ابراهيم ابوشنب
حرام عليك تعمل مقارنه مهما كانت بين مانديلا ومرسي
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كامل نجيب
مع تحفظى على المقارنة أوضح ما يلى :