عقدت لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة لقاء، أمس، فى إطار سلسلة حوار الشهرية التى بدأت منذ أربع سنوات، حيث تناول اللقاء حواراً بين جيلين مختلفين، الشباب والكبار.
أدار اللقاء الكاتبة هالة البدرى، كما شارك فية الروائى يوسف القعيد، رئيس لجنة القصة، والناقدان يوسف الشارونى، والدكتورة أمانى فؤاد، والروائى عبد الوهاب الأسوانى ممثل لجيل الكبار وأحمد عبد اللطيف من جيل الشباب.
فى البداية قال يوسف القعيد رئيس لجنة القصة، إن هذا اللقاء للحوار بين الأجيال، لأن فكرة الحوار غائبة عن المجتمع فى الوقت الذى نحتاج إليه، وأضاف أن عبد الوهاب الأسوانى صديقه سوف يكمل الثمانين عاماً بعد أيام ومن هنا وجب علينا الاحتفاء به فى أولى لقاءات هذا الحوار.
وقالت هالة البدرى، إن عبد الوهاب الأسوانى ولد عام 1934 بينما ولد أحمد عبد اللطيبف عام 1978، وما بين التاريخين أحداث وتواريخ مختلفة، حيث نجد التمرد على الحياة لدى الأسوانى اختلف عنه لدى عبد اللطيف، فقد عاش الأسوانى بين عالمين فى أسوان، حيث تنتمى أسرته والأسكندرية، حيث النشأة والإقامة، ومن هنا تأثر الأسوانى بالمنتطقتين المختلفتين وهو ما تجلى فى إبداعه بصورة واضحة، انتصر للإنسان الذى يريد التغيير.
الكاتب الشاب أحمد عبد اللطيف، والذى قدم ثلاثة أعمال هى صانع المفاتيح، عالم المندل، والنحات، ذكر أن بداية علاقته بالأدب جاءت من خلال حكى الأحلام التى يراها ثم بدأ فى صنع أحلام أخرى حتى يحكيها، ومن هنا أعمالة تشبة الُحلم كما ذكرت البدرى، حيث الغموض يحيطها والاختزال الشديد والفانتازيا، فقد خلق أسطورته الخاصة به.
وعن رؤية الأسوانى للأجيال الجديدة قال، هذا السؤال صعب جداً، لأنى لا أستطيع الحكم على الأجيال الجديدة كلها كونى لم أقرأ كل ما كتبوه، لكن من خلال قرائتى للبعض أرى أنهم يتميزون بشيئين مهمين وهما: الجرأة فى تناول الموضوعات بالمقارنة بجيلنا، الأمر الثانى أنهم يقدمون أعمالهم بطريقة متجددة وبسيطة جداً ولكن بجرأة، حتى المرأة ذاتها تمردت وباحت بأسرارها وتجاربها، وأضاف بأن الموهبة تقود صاحبها .
ومن جهته قدم أحمد عبد اللطيف، رؤيته للأجيال السابقة، فقال انتشرت فى الفترة الأخيرة مقولة "أنَّا كتُاب بلا آباء" وهى مقولة قاسية ولكنى أقول بشكل متواضع أنى أؤمن بها، وليس المقصود من ذلك التقليل من قيمة الكبار، ولكنه نوع من التحفيز لنا حتى يتكرر الأمر ونجلس نفس هذه الجلسة مع الكتاب الأصغر منا سنا.
وأضاف عبد اللطيف أنا أزهرى درست ما يخص التراث العربى الذى لا غنى عنه لأى كاتب كونه يفتح له عوالم كثيرة يمكن من خلالها الولوج إلى الخيال، وتأثرت بالأدب العالمى فى صورته فقط وليس تأثير الكتابة ذاتها، خاصة كتاب أمريكا اللاتينية، كذلك عشقت القراءة فى الصوفية وطوال الوقت أستمد منها المتعة الذهنية، وأعترف أن كتاب النحات تكون فى عقلى وأنا أقرأ ابن طفيل، حيث أثارت أسئلته لدى أسئلة مختلفة فى عالم الروح وتكوينها فى الجسد البشرى، فعُدت للتراث لمعرفة كيفية قراءة الروح.
وبالنسبة لرواية "عالم المندل" هى من الروايات الأكثر جدلاً وقد كتبتها تحت ضغط كبير وتساؤل كيف تكون المرأة المصرية وماذا يجب أن تكون ولماذا يحدث لها هذا القهر؟
من جانبها قالت الناقدة أمانى فؤاد، رداً على مقولة عبداللطيف"جيل بلا آباء" التى أثارت استياء البعض، بأن هذه المقولة على سبيل المناوشة، فهو لا يريد أن يضع إطارا يضع فيه فكره وكتابته، فالرواية بلا شك منتج كبير من التراث الخاص بالحضارة العربية والإسلامية بالإضافة للأدب العالمى،كما أن حديثه لا يحمل أى تقليل، بالعكس فقد حملت أعماله نوعاً من التناص بالموروث العالمى، هناك التباس مع الموروثات، وهذا ينسحب على التقنيات التى يستخدمها كروائى، وعندما بحثت عن المشترك بين الكاتبين عُدت لأعمال الأسوانى والدراسات التى قُدمت عنه فوجدت أنه لا يوجد مشترك بين الأسوانى وعبد اللطيف.
وتضيف أمانى فؤاد ربما يكمن المشترك فقط فى الرواية والتى هى رؤية واسعة للإنسانية، قدرة الفن للتعبير عن العامل البشرى، كما أن الأسوانى يتسم برؤيته للفن والتى بها محاكاة وهى بالطبع رؤية كلاسيكية متخصصة فى المكان، حيث إن حياته فى القرية الأسوانية والانعكاس المباشر لشروط الواقع واستنطاقه للمكان بشكل واضح، يتمثل الرواية الكلاسيكية بين قدرتها على محاكاة الواقع وانعكاسه على الحياة، يغيب عنده المكان لأنه ينحو إلى معالجة إنسانية واسعة غير مختصة بمكان معين، يمتلك نوع من الالتزام فى الكتابة وهذا يكمن فى شخصيته، كما تلتصق الأسماء لديه بصفة تظهر طبيعة الشخصية وانطباع الناس عنها، هو جبرتى القرية المصرية.
أما أحمد عبد اللطيف فرؤيته مختلفة تماماً للفن، ينتهج أسلوب النص الروائى بعيداً عن الواقع، يمتلك نوعا من الغرائبية والدهشة وهو ما نطلق عليه فى النقد فانتازيا، الأسماء لديه بها نوع من الغرائبية وهذه هى سمات الكتابة الجديدة حيث تُدير رؤيته هذه ظهرها للواقع وإن كان يشتبك معه من أجل التفكيك، وهذا ما تحقق فى صانع المفاتيح وعالم المندل والنحات.
أما الناقد الكبير يوسف الشارونى، فقد تحدث عن بداية الأسوانى الإبداعية، معتبرا أنه كان ضمن مشروعاته التى كتب عنها كثيراً، يسير الزمن لدية مع الوقائع والأحداث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة