قال الدكتور هيثم السيد، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن ما يشهده الواقع العربى على المستوى السياسى والاجتماعى ينبئ بإمكانية ظهور بادرة مشروع عربى يحيى العقل المنطقى ويحرضه على التفاعل مع معطيات الواقع وتفعيل الاتجاه التطبيقى فى علم المنطق،خاصة بعد ما شهده الواقع العربى من قطيعة منطقية واضحة.
وأضاف السيد فى تناوله لأطروحة " الاتجاه التطبيقى فى علم المنطق مشروعا عربيا" خلال المؤتمر الفلسفى الرابع والعشرين بمقر جامعة القاهرة" إن ضرورة تفعيل الاتجاه التطبيقى فى علم المنطق يستوجب انتشال الدراسات المنهجية من إطارها التطبيقى وإعادة التركيز على دراسات المعالجة والبحث فى المشكلات المنطقية الناتجة عن عملية التطبيق ومحاولة تقديم رؤى وحلول لها.
وأشار السيد إلى الفجوة الواسعة بين اللغة والمنطق فى الوسط السياسى والاجتماعى العربى معتبرا الفروق الواضحة بين اللغة والمنطق تهدد الطريق لتطوير أنساق منطقية خاصة فيما أسماه بــ"المنطق التطبيقى العربى".
كما دعا السيد إلى ضرورة العمل على "رقمنة اللغة العربية" واستغلال التكنولوجيا الحديثة لجعل اللغة العربية والثقافة العربية بشكل عام أكثر انتشارا فى الأوساط الثقافية والمنافسة كمشروع لغوى وفكرى للخروج مما أسماه بحالة الانغلاق وعدم الانتشار الذى تعانى منه الثقافة العربية.
من جانبه قال الدكتور مصطفى بلبولة، الباحث الجزائرى فى أطروحته "الثورة اللغوية فى مشروع زكى نجيب الفكرى" أن مشروع زكى نجيب محمود يندرج تحت النقد الحداثى وأهم محور فى مشروع زكى نجيب محمود هو البعد اللغوى وما أسماه بضرورة الثورة اللغوية استنادا على الفلسفة التحليلية.
وأضاف بلبولة، أن زكى نجيب محمود كان يرى المشكلات الفلسفية زائفة لأنها أولا تقوم على سوء فهم منطق اللغة، حيث إن اللغة التى يستخدمها الفلاسفة خالية من المعنى ما دام لا يفهمها شريحة العامة من القراء مطالبا على مدار مشروعه الفكرى بضرورة وعى الفلاسفة أنهم يطرحون الفلسفة طرحا سيئا والحل فى هذه القضايا الخالية من المعنى العودة إلى الوضعية المنطقية.
وأشار بلبولة أن وظيفة اللغة عند زكى نجيب محمود ليست فى ذاتها بل بأن ينهض المتلقى ليحدث تغييرا فى الواقع إثر الانفعال بهذه اللغة، مؤكدا وضوح التأثير البراجماتى فى مفهوم زكى نجيب محمود فى التغيير.
واعتبر بلبولة، أن الثورة اللغوية عند زكى نجيب محمود المدخل إلى إحداث ثورة معرفية فاللغة عنده ليست مقصودة لذاتها بل فيما توفره من مستلزمات الثورة.
هذا وقال الدكتور أشرف عثمان، الباحث السودانى فى أطروحته"رهانات الحقيقة والمعرفة والسلطة فى المشروع الفلسفى لمحمود محمد طه "إن الدين الشعبى بمؤسساته المسئولة عن إصدار الفتاوى بالإقصاء والتكفير وازدراء الأديان لم يستوعبوا مشروع المفكر السودانى الراحل "محمود محمد طه" ومنهجه التجديدى، مشيرا أن لغة الحوار الوحيدة التى طرحوها لمباراته فكريا هى أن قادوه إلى المقصلة مكررين معه مأساة الحلاج المعروفة.
وأضاف عثمان، خلال المؤتمر الفلسفى الرابع والعشرين، إن المفكر السودانى الكبير محمد محمود طه عمل على تجديد التراث اعتمادا على المذهب العرفانى، مستندا فى آليات إنتاج المعرفة على الطابع النسقى والاستعانة بالتصورات الصورية حول المعرفة الكشفية.
وأشار عثمان، إلى أن "طه" كان دائما ما ينفى كل مغاربة عقلية للنص الدينى محرضا على فض العلاقة بين المنطوق اللفظى والدلالة، مشيرا إلى أنه فى دعواته للباحث بأن يتجاوز المستوى الظاهر للنص والمستوى الظاهر للوجود ومقولته الشهيرة "العبادة وسيلة إلى الفكر،والفكر وسيلة لرفع حجب الفكر " تجعلنا نكاد نسمع فى مشروعه أصداء محيى الدين ابن عربى.
وأضاف عثمان أن محمود طه والذى تحل ذكرى إعدامه 18 يناير المقبل كان يرى أن الإسلام برسالته الأولى لا يصلح للقرن الــ21 مبشرا بالرسالة الثانية للقرآن والتى رأى أن النبى محمد أرجأ تفسيرها إلى أن يجىء زمانها حتى يتطور مجتمع البداوة وتستطيع العقلية العربية الفاعلة اكتشافها وتفسيرها داخل النص القرآنى ذاته، فضلا عن نفيه مسائل الجهاد والحجاب والشورى عن اعتبارها أصلا فى الإسلام.
وأكد عثمان فى نهاية أطروحته على ضرورة مراجعة مشروع الرجل الذى وقف على منصة الإعدام مبتسما وواثقا فى منجزه الذى خلفه للإنسانية من بعده ثريا على المستوى الكونى والعقلى والوجدانى.