وقع أكثر من 400 مثقف من الجزائر والمغرب على مبادرة دعوا فيها سلطات البلدين إلى وقف الحملات الإعلامية، والعمل على حل المشكلات القائمة وفق المصالح المشتركة؛ من أجل تجسيد مشروع تكامل اقتصادى مغاربى يضمن مكانة مشرفة لسكان المنطقة بين شعوب العالم.
وبحسب المبادرة التى جاءت تحت شعار "نداء من مثقفين جزائريين ومغاربة"، فإنه "منذ عقود، ما فتئت العلاقات الرسمية بين بلدينا، الجزائر والمغرب، تسير من سيئ إلى أسوأ، ولا شك فى أن لهذا المنحى أسبابا، من بينها الآثار التى خلفها الاستعمار، والطابع التسلطى لنظام الحكم المعتمد بعد الاستقلال، إضافة إلى غياب المبادرات المستقلة لدى المثقفين والمجتمع المدنى فى البلدين. وما نلحظه هو أنه كلما كانت هناك بوادر للانفراج بين الدولتين إلا ووقع إجهاضها".
وتابعت: "أن العلاقات التاريخية والثقافية والاجتماعية، بين الشعبين الجزائرى والمغربى، لهى من أوثق العلاقات التى يمكن أن تجمع بين شعبين"، داعية إلى "اعتبار المسار المغاربى مسألة جوهرية وعدم ربطه بشرط فض الخلافات السياسية والكف عن تأليب الشعبين ضد بعضهما البعض بالمزايدات والشحن الإعلامي".
ودعا الموقعون، أغلبهم أساتذة جامعات وإعلاميين وناشطين سياسيين من الجانبين، فى مبادرتهم إلى ضرورة العمل على "تسوية المشكلات القائمة بين البلدين بحكمة ووفق المصالح المشتركة، والتعاطى مع القضية الإقليمية، أى قضية الصحراء، فى إطار المؤسسات الأممية المختصة وتمكين مؤسسات التشاور والتعاون المغاربية من أداء المهمات المنوطة بها".
وتعيش العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ سبعينيات القرن الماضى بسبب قضية الصحراء وهى مستعمرة اسبانية سابقة ضمها المغرب سنة 1975، وتأسست فيها جبهة تسمى اختصارا البوليساريو تطالب بالاستقلال.
وتتهم الرباط جارتها الشرقية الجزائر بدعم وتوفير الغطاء الدولى لجبهة البوليساريو، وتقترح حكما ذاتيا موسعا للإقليم فيما تقول الجزائر التى استقبلت عشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين على أراضيها إنها مع الشرعية الدولية، ولوائح الأمم المتحدة، التى تقر حق الشعوب فى تقرير مصيرها، كما أكدت دعمها لإجراء استفتاء لحسم النزاع ترفضه المملكة المغربية.
ورأى الإعلامى الجزائرى عبد النور بوخمخم، وهو أحد الموقعين على النداء أن "المبادرة تعتبر فرصة لاستنهاض ضمائر النخب حتى تتوقف عن لعب دور المتفرج على علاقات عريقة عمرها قرون ما بين شعبين جمعتهما محن التاريخ وتجمعهما آمال المستقبل".
وبشأن تأثيرها على السلطات فى البلدين أوضح بوخمخم أنه "من الخطأ الاعتقاد بأن المبادرة قد تحدث اختراقا سريعا ومهما فى الموقف الرسمى لحكومتى البلدين، لكنها تؤسس وتفعل طاقات الوحدة والخير الكامنة فى النخب المستقلة والمتحررة من سطوة الموقف الرسمى، فى عصر تحقق فيه مؤسسات المجتمع المدنى وتكنولوجيات الإعلام والاتصال مساحات أوسع لإنهاء حالة الاحتكار والأحادية التى تمارسها الأنظمة السياسية"، بحد قوله.
وتابع بوخمخم "ما من شك أن حكومتى البلدين تنفخان فى مثل هذه الأحداث السخيفة لتوظفها لحساباتها وهى ما من شك مستفيدة من تمديد حالة التوتر المزمنة فى علاقات البلدين".
واعتبر أن "فكرة النفخ فى صورة العدو وظفت لإلهاء الشعوب عن مشاكلها الحقيقية وهى الاقتصاد والحريات الديمقراطية، الخطورة أن هذا التوظيف أصبح يهدد بنسف ما تبقى سليما من علاقات الأخوة والجوار بين الشعبين".
وشهدت العلاقات المغربية الجزائرية، فى نوفمبر الماضى أزمة دبلوماسية بسبب قضية الصحراء وصلت حد استدعاء المغرب لسفيره بالجزائر عبد الله بلقزاز للتشاور احتجاجا على خطاب للرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة فى مدينة أبوجا النيجيرية، دعا فيه إلى توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة فى الصحراء إلى مراقبة حقوق الإنسان.
كما استدعت الجزائر السفير المغربى أحمد بن يمينة فور عودته من بلاده لطلب توضيحات حول حادث اقتحام مقر قنصليتها العامة بالدار البيضاء، وإنزال العلم الجزائرى من قبل أحد المتظاهرين احتجاجا على تصريحات بوتفليقة.
ورفضت الجزائر التبريرات المغربية بشأن الحادث، والتى وصفتها بـ"الفعل المعزول"، -أى فعل شخصى غير مسئول- وطالبت بالمشاركة فى التحقيق ملابسات الحادث.
وصاحب الأزمة حرب كلامية بين الطبقة السياسية والإعلام فى البلدين وصلت حد المطالبة بقطع العلاقات من جانب أطراف غير رسمية مغربية واشتراط أحزاب جزائرية صدور اعتذار رسمى من السلطات المغربية على "تدنيس العلم الجزائرى".
مثقفون من الجزائر والمغرب يطلقون نداء لإنهاء الأزمة بين البلدين
الأحد، 08 ديسمبر 2013 04:34 م