تعترينى من وقت للثانى وتتوارى ملامحى منى واتلفت حولى وأجول بعينى فى الأفق، فلا أجد إلا سرابًا وسحب وغيوم وعيون تترصدنى ربما لا أكون أنا بالتحديد لكنى واحد من طينها وملح الأرض من طينى واحد من ملايين ومن آلاف السنين فرع من أصل أجدادى حين استقروا بالوادى، وزرعوا الأرض وحصدوا وأقاموا حضارة ملأت العالم نورًا وضياء وأملا, كم تعاقب عليها كل من ظن نفسه جبارًا فكانت الأرض مقبرة للغزاة وخير أجناد الأرض يتطلع إلى رب الأرض والسماء فى رجاء، فيستجيب الله لرجائه ويرحل الغزاة ليواصل مسيرته فى إصرار بعد أن نال الاستقلال وراح يحكم نفسه بنفسه ويتحكم فى المحكوم من بنى جلدته ومواطنيه، فأذاقهم العذاب ألوان ظلم.. واستبداد وواصل تحقيق بطولاته حتى استقر الظلم والقهر فى القلوب، وامتلأت الصدور بمرارة كبيرة كانت لابد أن تخرج ثورة إثر ثورة لكن الحال لم يتغير, مازالت الحكومة وهى فى الأصل حكومة ثورة, مازالت تتخبط وتتحسس الطريق مع أن طريق الثورة واضح فى حاجة فقط إلى قرارات ثورية يعرفها الشباب وفى حاجة أيضًا إلى السيطرة على مقدرات الدولة, مازالت الفجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء, مازالت العدالة مفقودة مهما حاولنا أن نظهر غير ذلك, نحن فى حاجة إلى عمل دؤوب ولا بد أن يشعر الفقراء بالثورة, لو قرأنا ملامحنا لن نتمكن من القراءة ولا حتى الكتابة فقد توارت ملامحنا خجلاً بعد أن ذهبت عنا الطمأنينة.. أشعر بحالة من الحزن تعترينى من وقت للثانى وتتوارى ملامحى منى.
