كرمته أمانة مؤتمر الأدباء الأقاليم الرابع عشر المقام بالفيوم، لأعماله المميزة، ومسيرته العطرة، فهو واحد من كتاب جيل التسعينيات فى مصر، يمثل الريف والطب والموروث الشعبى والثقافى والدينى أهم روافده القصصية والروائية، يتبنى سردا ينضح بالعذوبة والشعرية، وأماكن روائية تتسم بالسحر والأسطورة، هو الكاتب محمد إبراهيم طه الذى التقينا به فى المؤتمر، وحدثنا عن التكريم، وأعماله القادمة، ورؤيته للمستقبل فى مصر.
_ بداية مبروك على التكريم.. وكيف تلقيت الخبر؟
شكرا جزيلا، وأنا لم أكن أتوقع ذلك التكريم، عرفت من الأخبار أنى من المكرمين، ثم إننى مشارك فى أبحاث المؤتمر ببحث عن الروائى الكبير سليمان فياض.
_ ماذا يمثل لك التكريم.. والجوائز عموما؟
برغم حصولى على جوائز كبيرة من قبل، إلا أن هذا التكريم يمثل لى تقديرا رمزيا ومعنويا، كونه صادرا عن جماعة الأدباء، أصدقاء وزملاء، أشعر تجاههم جميعا بامتنان شديد لما أضفوه على روحى من مشاعر محبة وفياضة، وهو تكريم يختلف فى أشياء كثيرة حتى عن تلك الفرحة التى انتابتنى عندما حصلت لأول مرة فى سنة 2000 على جائزة الشارقة للرواية"عن سقوط النوار"، وجائزة الدولة التشجيعية فى الآداب 2001 "توتة مائلة على نهر".
_ بمناسبة الأعمال الأولى..بعد الانتهاء من قراءة "توتة مائلة على نهر"، وروايتك الأولى "سقوط النوار" يكتشف القارئ افتتانك الشديد بعالم القرية.. لماذا كل هذا الافتتان؟
لأننى أعيش فى هذا العالم، وأحبه، وأعرف تفصيلاته ومفرداته بدقة، لذلك تناولت فى "توتة مائلة على نهر" مشاهد من الحياة فى القرية المصرية، وكنت أحاول التأكيد فيها على أن البساطة فى التعبير لا تعنى بساطة العالم الذى تحكى عنه، فتتناول القصص أعقد المشاكل ببساطة مدهشة، وقد تحققت البساطة فى هذه المجموعة بفضل اتساع العالم الريفى وطزاجته، وبفضل رؤية عالم المجموعة عبر عينى طفل فى غالبية القصص.
أما "سقوط النوار" فكنت أتناول فيها ملامح القرية المصرية قبل السقوط والتحول فى النصف الثانى من القرن الماضى، الريف بمفرداته اليومية وشخوصه وتاريخه، فى نسيج عذب من خلال سرد سيرة حياة بطل ريفى يدرس بطب عين شمس حيث يلتقى بزميلة مصرية الأم وسورية الأب، لينفتح أفق السرد أمام هذه الفترة، التاريخ والمكان والشخوص، بما يجعل من هذه الرواية شهادة على السقوط الأخير لكل شىء جميل، كنوار القطن الذى يسقط فجأة بعد أن كان بازغا، مخلفا ذلك الإحساس العام باللوعة والشجن.
_ هل أنت دائم الحرص على حضور مؤتمر الأدباء؟
لست من الوجوه دائمة التردد على المؤتمرات الأدبية بوجه عام، ولم أحضر من مؤتمرات أدباء مصر سوى دورة الفيوم 2001، ودورة بورسعيد 2005، ومؤتمر القاهرة الدولى الثانى 2003 والثالث للرواية2005، وورشة الأدب والتاريخ بالإمارات 2001، وملتقى عمان الثالث للقصة 2011، لكننى أكثر ميلا للمشاركة فى الفعاليات الثقافية فى القاهرة كندوات المجلس الأعلى للثقافة، وورشة الزيتون ومعرض الكتاب، حيث أشارك فعليا فى مناقشة أعمال أدبية، وهو ما أتاح لى معرفة حقيقية بمعظم كتاب مصر فى القصة والرواية، والإحاطة الجيدة بالمشهد القصصى والروائى المصرى فى السنوات الأخيرة.
_ من واقع هذه المعرفة بالمشهد الروائى المصرى، هل تتوقع حدوث تغيير فى شكل الكتابة الأدبية خاصة أنه بعد الثورات تنفتح الثقافة على أفق مغايرة؟
بعد ثورة 25 يناير طغت السياسة على كل شىء، ورغم هذه الصحوة ثمة ردة إلى الخلف فى الكتابة الأدبية، فانحسر التجريب وصارت الكتابة الأدبية أكثر تقليدية، بفضل المباشرة، والتسجيل، ربما لتواكب اهتمامات واحتياجات قارئ عائد إلى القراءة بعد هجر لسنوات طويلة، وبقدر ما اتسعت رقعة القراءة غابت الفنيات والمهارات الكتابية، هذا ما ألاحظه، وغاب التقييم الفنى والنقدى الصارم، لصالح الحفاظ على قاعدة عريضة من القراء الذين لا يعنيهم شكل الكتابة بقدر ما يعنيهم الوضوح والفكرة والموضوع، فلم تعد ظاهرة الأكثر مبيعا بالضرورة هى الأكثر قيمة، لكن على الكتاب أن يعوا هذه الملحوظة، وأن يستمروا فى الكتابة الجيدة التى تلبى احتياجات القارئ وتلبى أيضا الشروط الفنية والجمالية للعمل الأدبى.
_ وكيف ترى مستقبل الأحداث السياسية الواقعة فى مصر؟
المستقبل فى دولة مدنية، عصرية، دولة قانون، ومواطنة، وحريات، وفكر مستنير، دولة تنظر إلى الأمام، لا إلى الخلف، تعادى العنف وتنبذ الإرهاب، وترفض التطرف، دولة تسير على طريق صحيح، تلوح معالمه من دستور يصاغ الآن على نحو محترم، يضعنا على أول الطريق الصحيح، وأنا متفائل من هذا المستقبل، وأثق فيه بشدة.
_ كثير من المؤتمرات تصدر توصيات ثقافية تذهب أدارج الرياح..فمتى برأيك يكون المثقف له صوت مسموع فى الدولة؟
وعلى المؤتمرات أن تستمر فى هذه التوصيات، وأن لا تمل من المطالبة بتحقيقها، وسوف يكون للمثقف صوت مسموع إذا كانت الثقافة مؤثرة إذا ما كانت هذه الدولة مدنية، تؤمن بالديمقراطية، وتحترم توجهات الآخرين، وتنفذ منها ما يمكن تنفيذه، وأظن أن هذه التوصيات برغم إهمال الدولة للكثير منها إلا أنها عادت بمكاسب كثيرة على الأدباء، مثل الاهتمام بالنشر الإقليمى، وأشياء مثل مشاريع تأمين صحى للكتاب، ومعاشات، وساهمت فى إحداث تواصل بين أدباء مصر، وكسرت مركزية الأدب فى القاهرة، كما أن هناك توصيات مثل رفض التطبيع مع إسرائيل، صارت من الثوابت، وباتت تشكل موقفا موحدا لأدباء مصر تجاه القضايا الداخلية والخارجية.
_ وماذا عن أعمالك القادمة.. هل تكتب حاليا تجربة جديدة؟
انتهيت من مجموعة قصصية بعنوان "طيور ليست للزينة"، وهى قيد النشر، كما أضع اللمسات النهائية لرواية بعنوان "ظل البونسيانا" وأتعشم أن تنشر فى أوائل العام الجديد.
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامة يوسف
الف مبروك