قال الناقد الكبير عبد المنعم تليمة، إن الكاتب صبرى موسى اسم محفور فى السيناريوهات التى كتبها للأفلام، واستطاع ببراعة وموهبة أن يحفر اسمه مع كبار الممثلين والمخرجين الذين قدموا العمل معه، فكان يبحث عن الجوانب فى القرى والمدينة، وهو روائى رائع وكاتب قصة قصيرة مميز وكتابته للمقال غير مسبوقة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صبرى موسى الذى عقد صباح اليوم السبت، بمقر اتحاد الكتاب، وقدم خلاله الروائى محمد جبريل، بحثًا عن الكاتب والروائى الكبير صبرى موسى بعنوان "فساد الأمكنة..قراءة فسيولوجية" قال فيه مع أن البداوى هى أقدم نمط اجتماعى فى الحياة عرفه الإنسان لكن تأثيرها على قيم العصر ظل كبيرا وواضحاً، وحين كتب صبرى موسى روايته فساد الأمكنة فإن البادية كانت غائبة، أو تكاد فى الأعمال الأدبية المصرية، ولا شك أن شخصية المواطن البدوى، المستقل قد بدأت تغيب شيئا فشيئا لتحل بدلا منها شخصية المواطن القومى، الذى يدين بالتبعية للدولة لا للقبيلة، ويخضع لقوانين عامة تسرى على كل مناطق الدولة.
وأضاف جبريل أنه فى المقابل فإن تأثير البداوى على قيم مجتمعنا المعاصر لا يزال واضحا وسائدا حتى فى المدن والعواصم برغم أنها كما يقول محيى الدين صابر، أقدم نمط اجتماعى فى الحياة عرفه الإنسان ومن هنا اكتسبت "فساد الأمكنة" بعدا اجتماعيا مهما يضاف إلى أبعادها المتفرقة الشكلية والمضمونية الأخرى.
من جهته قدم الناقد شوقى بدر يوسف، ورقة بحثية بعنوان "صبرى موسى وبنية الروية القصيرة" وقال إن المفارقة لا تكون مفارقة إلا عندما يكون آثارها مزيجا من الألم والعمل، فيتضمن الجزء الخامس من الأعمال الكاملة للكاتب موسى ثلاث روايات قصيرة، تقع من ناحية الشكل فى مرحلة مابين القصة القصيرة التى بدأ بها الكاتب حياته، الإبداعية بمجموعة "القميص" سنة 1958" ثم مجموعة "وجها لظهر" ثم حكايات صبرى موسى"، ثم "مشروع قتل جاره"، وأخيرا مجموعته "السيدة التى.. والرجل الذى لم" من جهة، وبين مرحلة الرواية التى بدأت بروايته القصيرة "حادث النص متر" ثم "فساد الأمكنة" هذا بخلاف احتفائه بأدب الرحلات فى أكثر من كتاب، وكتاباته فى مجال المسرح، والسيناريو لأكثر قصة فيلمية هذه المسيرة المتميزة الكبيرة من الأعمال الإبداعية المتنوعة والتى بدأها موسى فى الستينيات من القرن الماضى، وضعت بصمته على الأدب المصرى المعاصر، فى تجربة لها خصوصيتها وتميزها وتفردها فى المشهد الإبداعى العربى، باحتوائها على تنوع إبداعى ثرى وزخم وفنى له حضوره وتوهجهه، وقصصه ورواياته لها مذاق خاص فى التناول أهمها اختياره قاع المجتمع بطلا خاص لمعظم إبداعاته، واحتفاؤه بالشخصيات المهمشة المأزومة والمسحوقة فى الحياة، واختياره للأحداث غير المألوفة وموضوعات رصد من خلالها الحياة الاجتماعية فى إبداعه.
هذا وقال الكاتب المسرحى محمد عبد الحافظ ناصف، بدأت علاقاتى بالكاتب صبرى موسى سنة 1998، حين تقدمت فى مسابقة محمود تيمور بالمجلس الأعلى للثقافة وكانت مسابقة لأحسن المجموعات القصصية الصادرة فى العالم العربى، وتقدمت بمجموعتى القصصية الأولى "الفواريكة"، وفوجئت بعد ذلك بشيك حكومى لا أدرى السبب الذى ساقه القدر إلىّ، وبعد ذلك عرفت أنها جائزة المركز الأول، فى مسابقة محمود تيمور وعرفت أن من ضمن لجنة التحكيم الكاتب صبرى موسى.
وأضاف ناصف إن صبرى موسى كاتب وروائى وصحفى وسينارست، وجغرافى بديع، وعاشق للمكان، قادر على إعطائك نكهة المكان، بحرا وصحراء أو بحيرات، من خلال كلماته المغموسة فى تراب أو قطرات تلك الأماكن التى عشقها.
بينما تناول الشاعر شعبان يوسف، سيرة حياته العطرة وكيف كان الدرس النقدى غير منصف بكاتب مثل صبرى موسى لأسباب ودوافع لا يعلمها، ولا يجد لها تفسيرا، وأخيرا يظل الكاتب الكبير صبرى موسى متفردا فى كتابة السيناريو والأفلام، التى حققت نجاحا ورواجا كبيرا وفى كتابة الروايات التى كان لها أبلغ الأثر حين لفتت الانتباه إلى الصحراء المصرية الغنية وأدب الخيال العليمى الذى أثرى بذوره مع آخرين من كتاب هذا النوع الذى كان جديدا على الأدب العربى.