فاجأت مدينة طرابلس اللبنانيين، والعالم، ونجحت فى تطويق فتنة خطيرة مع الجيش اللبنانى الليلة قبل الماضية، راح ضحيتها جندى من الجيش، وعدد كبير من المصابين نتيجة تظاهرات واشتباكات وقعت بين متظاهرين، ومسلحين سنّة، وبين جنود الجيش.
وبينما كان يتخوف الجميع أن تستيقظ طرابلس المحتقنة على صراع مفتوح مع الجيش اللبنانى، خاصة بعد دعوة الشيخ داعى الإسلام الشهال، الذى يوصف بأنه مؤسس السلفية فى لبنان، إلى اعتصام ضد إجراءات الجيش اللبنانى، نجحت جهود علماء الدين فى المدينة، وعدد من ساستها، فى تهدئة الوضع، ولم تسجل تقريبًا أى اختراقات أمس وحتى ظهر اليوم.
تحرك رجال الدين، ومثلما كان لبعض قيادات السلفيين مثل داعى الإسلام الشهال دور فى تصعيد الموقف، فإن بعض قيادات نفس التيار كانت لها دور كبير فى تهدئة الأمور بالمدينة، مثل الشيخ سالم الرافعى رئيس هيئة علماء المسلمين فى لبنان، الذى عقد اجتماعًا فى مكتبه أثناء الأحداث، ضم علماء، وفعاليات طرابلسية، صدر عنه بيانًا أكد أن ما جرى ضد الجيش فى باب التبانة (منطقة سنية)، هو تصرف فردى ناتج عن أجواء الاحتقان، التى أعقبت الاعتداء الأخير، لما وصفوه بـ"عصابة جبل محسن" (منطقة علوية) على طلاب المدارس، وعلى النساء، والأطفال فى الطرقات.
وطالب البيان، قيادة الجيش بتفهم الوضع النفسى والاجتماعى لأهالى الشهداء والجرحى الذين سقطوا فى تفجيرى مسجدى التقوى والسلام (خلال أغسطس الماضى).
كما لعب اللواء أشرف ريفى المدير العام لقوى الأمن الداخلى فى لبنان، وأحد الشخصيات السنية البارزة فى طرابلس، دورا لتهدئة الأوضاع بالمدينة حيث كشف ريفى عن أن "اتصالات جرت بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية السابق زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريرى، وقائد الجيش العماد جان قهوجى، وأنه على إثرها أجرى اتصالات مع المواطنين، الذين كانوا يتحركون على الأرض من أجل التهدئة واحتواء التوتر.
وأفادت معلومات، أن ريفيًا الذى يعتقد أن له نفوذًا على المجموعات العاملة على الأرض، لعب دوراً فى إقناع داعى الإسلام الشهال بالتراجع عن الاعتصام الذى دعا إليه أمس الجمعة، على الرغم من أن المستفيدين من الإخلال بالأمن استجابوا لدعوته".
كما ساهم تحرك مفتى طرابلس وشمال لبنان الشيخ مالك الشعار فى اتجاه التهدئة وعدم الدخول فى مواجهة مع الجيش فى الضغط على الشهال للتراجع عن دعوته، إضافة إلى موقف الشيخ الرافعى وعدم تجاوب الأكثرية مع الاعتصام، تخوفا من أن البديل سيكون جولة جديدة من الفلتان والفوضى.
كما تحركت فعاليات المجتمع المدنى فى طرابلس للمطالبة بوقف العنف والقتال فى المدينة، ونقلت هذه الفعاليات صدى الأزمة إلى بيروت، حيث نظمت اعتصامًا فى ساحة رياض الصلح أمس، تنديداً بأحداث طرابلس ليشعر أهل بيروت بمعاناة مدينتهم.
ولم يخلُ الأمر من خطاب تصعيدى من بعض السياسيين بشكلٍ فردى، مثل دعوة عضو كتلة تيار المستقبل فى البرلمان اللبنانى النائب خالد الضاهر، قوى" 14 آذار" إلى التسلح، معتبرا أن هذه القوى خسرت "عندما لم تستخدم السلاح نفسه الذى استخدمه حزب الله للدفاع عن نفسها".
طرابلس اللبنانية تنجح فى تجنيب البلاد لـ"فتنة" مع الجيش
السبت، 07 ديسمبر 2013 02:53 م