طبقاً للنص القانونى السليم فقد قامت لجنة الخمسين بتعديلات على دستور ٢٠١٢ المعطل "دستور الإخوان"، هذا ما تحمله الصفحة الأولى من نص المشروع المُسلم لرئيس الجمهورية المؤقت، مازال فى علم الغيب ما إذا كانت ستُطرح التعديلات على الشعب للاستفتاء كتعديلات على دستور ٢٠١٢ أم كوثيقة دستورية جديدة "دستور ٢٠١٣ "، لكننى لا أخفى تحيزى للوثيقة الجديدة بل أفخر بذلك الانحياز وأجهر به، وذلك بإطلاقى عليها مسمى "الدستور المصرى"، ليس مبررى فى انحيازى مساعدتى فى صياغة دستور بلادى، لكن لما تحتويه تلك الوثيقة الدستورية والتى ترتقى لأن تسمى بالدستور المصرى.
عبر سلسلة من المقالات سأحاول فيها جاهداً عقد مقارنة ما بين كلتا الوثيقتين الدستوريتين، واسمحوا لى بأن أبدأ بالمقارنة ما بين طريقة تشكيل كلتا اللجنتين التى قامتا بالصياغة، فمخطئ من يتخيل أن شرعية أى دستور تأتى فقط من جودة نصوصه أو الاستفتاء عليه بنعم، تلك فقط هى المرحلة الأخيرة من عملية بناء شرعية الوثيقة الدستورية داخل الأنظمة الديمقراطية الحديثة.
قديماً كانت الدساتير ما هى إلا هبة من الحاكم إلى شعبه لكن تلك الطريقة لا يمكن لها أبداً أن تؤسس لنظام حكم ديمقراطى غير استبدادى، أو أن تحافظ على كامل الحقوق والحريات العامة لأفراد المجتمع، لذا فاللبنة الأولى والرئيسية لشرعية الدستور هى فى طريقة تشكيل اللجنة المعنية بصياغة الدستور وجودة تمثيلها لكامل المجتمع والمؤسسات.
اللجنة التى كتبت دستور الإخوان كانت تتكون من ١٠٠ عضو تم تشكيلها بمبدأ المحاصصة الحزبية والسياسية بحيث كان ينتمى منها إلى الإخوان انتماءً تنظيمياً ٥٨ فردا، وسأتنازل الغرابة من الرقم إذا علمنا أن التصويت كان بأغلبية ٦٧ عضوا وإذا لم يتوفر فبأغلبية ٥٧ عضوا.
أما الآن فاللجنة مكونة من ٥٠ فردا روعى فى تشكيلها أن تختار كل مؤسسة وكل فئة داخل المجتمع ممثلها داخل اللجنة من دون تدخل من السلطة التنفيذية وعلى أرضية وطنية وبلا محاصصة حزبية، وأن يكون لكل تيار سياسى " ليبرالى- يسارى- قومى- إسلام سياسى" ممثل واحد فقط، نتج عن ذلك لجنة معبرة بدرجة معقولة عن جوهر المجتمع ولا يسيطر عليها أى حزب أو جماعة بعينها.
عادة ما تحتوى كل وثيقة دستورية على ديباجة فى مقدمتها، من المفترض أن تجيب تلك الديباجة على أسئلة من نحن؟ ولماذا نكتب هذا الدستور؟
حينما نطالع ديباجة دستور الإخوان نجد أنها تتحدث عن التمسك بأحد عشر مبدأ كأن الشعب مصدر السلطات، وأن نظام الحكم ديمقراطى وأن الدفاع عن الوطن شرف إلى آخره.
تلك المبادئ تكاد تكون مأخوذة نصياً من مواد بداخل الدستور لذا فلا جدوى دستورية أو قانونية أو أدبية من تكرارها.
يضاف إلى ذلك استهلال الديباجة بعبارة "هذا هو دستورنا وثيقة ثورة الخامس والعشرون من يناير "، أحمد الله أنه لا يمكن المزايدة على انتمائى لثورة ٢٥يناير٣٠يونيو، لكن هل تاريخ الأمة المصرية يمكن اختزاله فقط فى لحظة ثورة يناير؟!!، أم أن ذلك كان لسبب فى نفسهم بمسح كل ما سبق إن استطاعوا واستكمال اختزال ثورة يناير فى الإخوان؟
نأتى لديباجة الدستور الجديدة التى صاغها الشاعر سيد حجاب بلغة خفيفة معبرة ومهيبة أيضاً، والتى يتحدث فيها عن مصر العربية ذات عبقرية الموقع والتاريخ، على أرضها شب كليم الله موسى، احتوت وحمت العذراء مريم ومولودها عيسى عليه السلام، حين بعث خاتم المرسلين احتوينا نور الإسلام وكنا خير أجناد الأرض فى سبيل الله، ثم سرد بليغ لنضالنا الحديث وكل رموز العمل الوطنى منذ عصر محمد على إلى ثورة ٢٥يناير٣٠يونيو.
ثم يختتم بمبررات كتابة ذلك الدستور وما ننشده منه من نظام حكم رشيد وديمقراطى وعيش كريم وعادل لكل المصريين، أظن بالفعل تلك الديباجة تتحدث عن من نحن ولماذا نكتب هذا الدستور؟
فى المقال القادم بإذن الله سأتحدث عن الأبواب الثلاثة الأُول وهم باب الدولة، باب المقومات الأساسية للمجتمع، باب الحقوق والحريات والواجبات العامة.
عدد الردود 0
بواسطة:
إبراهيم
ليس الدستور المصري ، لكنه دستور الجيش !!!