يبدأ بالمدح عدة دقائق بقمة سلطنة تُسكرك، وتمهد لك الدخول والتحليق فى عالم ابن الفارض، حين تسمعه يشدو بشعر "سلطان العاشقين" فى حب آل البيت، تشعر أنه أحيا قلوباً مواتى كانت غريقة فى حب الدنيا، وذابت قلوب العاشقين حوله، رقت قلوبهم له وحنت، إنه عمدة المنشدين وشيخهم وقائدهم إلى قلوب العارفين، الشيخ ياسين التهامى، الذى أتم أمس الجمعة عامه 65، قضى معظمها فى خدمة فن الإنشاد الدينى، فهامت حوله القلوب، وجمعت حنجرته الذهبية آلاف المحبين، للنبى صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام.
قلبى يُحدّثُنى بأنّكَ مُتلِفى روحى فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذى لم أقضِ فيهِ أسى ومِثلى مَن يَفى
ما لى سِوى روحى، وباذِلُ نفسِهِ فى حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَنى يا خيبة المسعى إذا لمْ تسعفِ
عندما تستمع لمدائح "التهامى"، فى العشق الإلهى، وفى حب النبى الكريم، وآل بيته المطهرين، تشعر أنك انتقلت من عالم إلى عالم آخر موازى، فيه إدراك وحياة أخرى غير ما كانت عليه قبل استماعك، فالصوت العذب الذى يتغنى بأشعار المتصوف ابن الفارض، يجبرك على خوض رحلة إيمانية عميقة، وتشعر كأنك تودع العالم البائس لفترة من زمن وتحلق فى عالم الروح، وترى كل محتجب.
عيسى أخوك محمد، موسى أخوك محمد، ألم يكُ آدم واحدًا، أليس دين الله واحدا"، عندما يتغنى بهذه الكلمات عمدة المنشدين، وبلبل المداحين، تتسرب إليك معانى ورسالة الإمام الأكبر محيى الدين بن عربى السامية، "لقد صار قلبى قابلاً كل صورة، فمرعى لغزلان، وديرٌ لرهبان وبيتٌ لأوثان وكعبة طائف وألواح توراةٍ ومصحف قرآن، أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبُه فالحبّ دينى وإيمانى".
جاب ياسين التهامى، الأرض شرقاً وغرباً، ونشر ثقافة الإنشاد الدينى، وفاقت شهرته الآفاق، ولد يوم 6 ديسمبر عام 1949 فى قرية الحواتكة، مركز منفلوط، محافظة أسيوط، بدء مشواره كسائر المنشدين والمقرئين، وحاز شهرته من موالد الحسين والسيدة زينب والسيد البدوى، وكان والده الشيخ تهامى محمد حسانين، شيخ طريقة من عائلة عريقة تدعى الـ"حنيتر" وكان له أكثر من عم منهم الشيخ، عيون بلح، ومحمد بلح.
حفظ "التهامى"، القرآن الكريم كاملاً، بالرغم أنه لم يكمل تعليمه، واشتهر بتواضعه مع الناس وبكلماته وبصوته، حتى أطلق عليه بلبل الصعيد، تزوج ثلاث مرات، وله أبناء كثر مثل الشيخ محمود التهامى، فارس الإنشاد الدينى، اشتهر بالغناء للشاعر الصوفى الكبير، عمر بن الفارض، صاحب القصائد الرائعة فى العشق الإلهى، ومن أهم القصائد التى تغنى بها، "زدنى بفرط الحب" و"لغة القلوب" و"عيسى أخوك محمد" للمتصوف العملاق محيى الدين بن عربى، وبرغم من شهرته الطاغية فإنه غاية فى التواضع، يلقب نفسه دائماً بأنه "عبد ضعيف"، يتقرب دائما إلى الله ولا ينسى حقوقه عليه.
زار "التهامى"، العديد من البلدان الأوربية والعربية، وكانت حفلاته سببا فى إسلام 13 أوروبيا أثناء إحيائه حفلات، بينها حفلات فى الكنائس فى بريطانيا وإسبانيا، وبعض حفلاته فى أوروبا يحضرها نصف مليون وأحيانًا مليون، من أبرز حفلاته فى القارة حفلة فى كبرى كنائس مدريد بإسبانيا، وفاز بعدها بجائزة أفضل منشد فى العالم فى مهرجان القارات الذى أقيم عام 2006.
أمير المداحين ياسين التهامى يحتفل بعامه الـ65.. حفظ القرآن مبكرا وانطلقت شهرته من موالد السيدة والحسين.. جاب الأرض يشدو بحب آل البيت وقصائد العشق الإلهى.. وحصل على جائزة أفضل منشد بالعالم فى 2006
السبت، 07 ديسمبر 2013 03:26 ص