لا تكذب ولا تتجمل لاتتحرك ولا تصمت بل تقف وتتكلم فحركتها فى سكونها وكلماتها فى صمتها صمتًا تفهمه فقط العيون، رغم أنها تخترق الآذان بصمتها وتُدمع العيون بنظراتها. . فما هى؟
هى من يصدقك الحديث هى من لا يتبادل ولا يتلون هى من يعطيك ما تستحق وما أنت عليه وإن خدعت العالم لا تستطيع خداعها، وإن حاولت أن تضحك حتى على نفسك فهى وحدها تكشفك وتعرفك.
هى من يظهر لك الحقيقة وهى من يصدقك يصحح لك الطريق ويوضح لك المعانى ويفهم ما بداخلك ويشرحه ويدلل عليه بالأمثلة والتذكرة، فيمر عليك شريط الأحداث والمواقف لتكتشف منه الحقائق التى لا تقبل النقاش ولا الجدال، وإن أردت إلا أن تكتشف حقيقتك عليك تزيغ عينيك بعيدًا عن عينيها!
هل عرفتها واكتشفتها أم مازالت فى حيرتك تبحث وتنقب عنها وتملائك الأسئلة؟!
هى نعمة من نعم الهنا والآلاء من آلاء ربنا التى لا تعد ولا تحصى، فهى "المـرآة" التى تقف أمامها ترى وجهك كما هو، فتكتشف حالك كما هو عليه بلا لعب بالتفاصيل ولا فوتو شوب يغير ملامح الوجوه، هكذا يجب أن يكون الحبيب القريب والصديق الحميم والأخ الكريم ينير لك الطريق ينصحك يوجهك يصارحك بعيوبك ويحدثك عن أخطائك ولكن بنفس فكرة "المرآة" فى هدوئها واحتوائها، لا يجب أن ينهرك أو يعنفك أو يبدأ حديثه قائلًا يا ظالم أو يا فاشل أو مشكلتك هى كذا وكذا، فوقتها لن يكون هو الصديق الذى يوجهك للطريق بل سيزيد عندك، وربما ظلمك أو فشلك فيأتى ليلعب دورًا إلا صديق.
يأيها المرآة ويأيها الصديق تذكر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم، عندما قال "عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن مرآة أخيه"
فلنتعلم ممن أعطى جوامع الكلم بخواتمه، عندما اختار "المرآة" لتكون لها هذا الدور فى حياة الإنسان..
فالمرآة السليمة المستقيمة تعطيك الحقيقة ويكون حوارها بينك وبينها لا يسمعه إلا أنت وهى، فذلك هو أصل النصح السليم يكون فى الخفاء وليس فى العلن.. فالنصيحة كما نعلم فى العلن هى أشد أنواع الفضيحة.. وتحدثنى نفسى الآن قائلة:
ألا توجد مرآة مكعبة أو مقعرة تظهر الكبير صغير والصغير كبير والبعيد قريب والقريب بعيد، فلا تظهر سوى عكس الحقيقة.
فكيف لنا أن نقول أن المرآة هى وجه الحقيقة المستنيرة؟
أجيب على نفسى قائلًا صدقتى يا نفسى، ولكنك لم تستطع أن ترى كل الحقيقة لأنكى قاصرة، فالكمال لله جل شأنه والعصمة للنبى وحده، فالمرآة كما قلتى نصًا منها المكعب ومنها المقعر، ولكن السؤال هل هذا هو الأصل فى المرآة؟ بالطبع لا؛ فالأصل فى المرآة هو الاستقامة والوضوح وإظهار الحقيقة.
وهكذا الصديق يظهر لصديقه كل الأمور بوضوح وبمنتهى الصراحة، كما أخبرنا من لا ينطق عن الهوى فما هو إلا وحيا يوحى، فالمرآة لا تفشى سرك ولا تفضحك فهى تريك العيوب ثم تراك فيما بعد جميلا لأنك أزلت العيوب ونظفت الإتساخ ولا تذكرك بما كنت عليه من قبل أن تنصحك، فهى تريد توجيهك لا توبيخك وتريد مصلحتك لا تأنيبك فلا تذلك بعيوبك ولا بماضيك ولا تحكم عليك بالافتراضات والتوقعات بل فقط بالحقائق والمؤكدات التى تظهر بالانتظار ولو لثوانٍ قليلة.
وأتذكر أبيات للإمام الشافعى تقول:
تعمدنى بنصحك فى انفرادٍ - وجنبنى النصيحة فى الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع - من التوبيخ لا أرضى استماعه
النصح واجب إنسانى ودينى فلتكن كما علمنا المعصوم صلى الله عليه وسلم مرآة لأخيك تحترمه تقدره تنصحه فى الخفاء لا تفضحه ولا تهينه وأيضا لا تخفى عنه عيوبه ولكن بينك وبينه بدون توبيخ، لأنه ليس لك غرض من وراء النصح غير الإصلاح والنوايا لا يعلمها إلا رب النفوس والقلوب.
د. أحمد كمال الدين يكتب: هى الصامتة الصادقة المخلصة
الجمعة، 06 ديسمبر 2013 02:07 م
د. أحمد كمال الدين "خبير التنمية البشرية والتدريب"
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر عامر
تسلم ايدك
عدد الردود 0
بواسطة:
Hema Hero
ممتاز
كلام ممتاز جدا الى الامام يا استااااذ يا متألق
عدد الردود 0
بواسطة:
د. أحمد كمال الدين
أشكركم