يحيى حسين عبد الهادى يكتب: سقطة لم يلتفت إليها أحد.. سفر نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين على الخطوط الجوية البريطانية رسالة سلبية وإهدار للمال العام.. لم نعرف مسؤولا أوروبيا سافر على غير خطوط بلاده

نقلا عن اليومى :

تعرّض الدكتور زياد بهاء الدين فى الفترة الأخيرة إلى كثيرٍ من الانتقادات، بعضها برىء وبعضها مغرض.. نتفق مع بعضها ونختلف مع البعض الآخر.. لكن الخطيئة الحقيقية التى لا لبس فيها ولم يلتفت إليها أحد، تكمن فى ثنايا الخبر التالى الذى نشرته الصحف بالأمس (سافر الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء إلى لندن على رأس وفدٍ من وزارة التعاون الدولى على متن طائرة الخطوط الجوية البريطانية). وفدٌ حكومىٌ كاملٌ على رأسه نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية يسافر على متن طائرةٍ غير طائرة الشركة الوطنية (مصر للطيران) المتوجهة لنفس البلد.. كيف فعلتها يا دكتور زياد؟ وما الرسالة السلبية التى ترسلها لبلدٍ أنت مسؤول عن إقامته من كبوته الاقتصادية من خلال دعم وتشجيع مؤسساته الوطنية؟ ولا أدرى كم مرةً تكررت هذه الفِعلة غير المسؤولة من الدكتور زياد ومن غيره من المسؤولين فى الفترة الأخيرة. لن أتحدث عن المخالفة القانونية الصريحة فيما جرى (فهناك قرارات جمهورية ووزارية سابقة لا زالت تُلزم الموظف العام فى المهام الرسمية باستخدام شركة الطيران الوطنية لأقصى نقطة تصل إليها فى مسار المهمة، شأننا فى ذلك شأن معظم بلدان العالم). أتحدث هنا عن المواءمة السياسية والقدوة الوطنية.. نذكر أن رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير عندما جاء لمصر فى رحلةٍ خاصةٍ على حسابه، جاء على طائرة الخطوط البريطانية وليس على غيرها.. فرغم أن من حقه قانوناً أن يختار أى شركة طيران طالما الرحلة على حسابه، إلا أنه كسياسىٍ يعرف أن ظهوره على متن شركة غير بريطانية كفيلٌ بالقضاء على مستقبله السياسى. أعرف مواطنين مصريين يغيّرون التذاكر المرسلة لهم من الدول الداعية للمؤتمرات الخارجية إلى تذاكر مصر للطيران بدافعٍ وطنىٍ رغم أنهم غيرُ مُلزمين بذلك. ولا زلتُ أتذكرُ مصرياً كان يعمل فى فرع شركةٍ عالمية فى دولةٍ خليجيةٍ شقيقة وهو يطلب تغيير تذكرته المحجوزة على شركة الطيران الخليجية المتميزة إلى شركة مصر للطيران (وقت أن كانت محل شكوانا جميعاً) فلما اندهش المسؤول الإدارى أجابه المواطن المصرى بأدبٍ رفيعٍ وفهمٍ راقٍ «إن أرضكم يتدفق منها المال كل صباحٍ دون جهدٍ ولن يضير شركة طيرانكم المتميزة أن تخسر ثمن تذكرتى، ولكننى أحد مُلاّك مصر للطيران، والمال الذى أدفعه لها رغم سوء خدمتها (وقتها) هو عائدٌ لجيبى وأسرتى وأهلى بشكلٍ أو آخر». وفى المقابل لا زلت أذكر يوم استقبلتُ الدكتور محمد البرادعى مع الآلاف فى مطار القاهرة فى مطلع 2010 ولاحظتُ أنه وصل على متن الطائرة النمساوية القادمة من فيينا.. يومها أسررتُ لمن معى بصدمتى فى الحس السياسى للرجل (رغم كامل احترامنا لدوره فى وجه مشروع التوريث).

أستبعد سوء القصد فيما فعله الدكتور زياد، رغم أن ما فعله (والوفد المرافق له) يُعد إهداراً للمال العام استفادت منه شركاتٌ أجنبية.. ولكن هل أكون مبالغاً إذا توقعتُ أن يُبادر الدكتور زياد أحمد بهاء الدين بالاعتذار للشعب المصرى وسداد قيمة تذكرته للشركة الوطنية مصر للطيران؟