الكثير منا، مازال يتذكر المشاهد التى تم تصويرها داخل حديقة الحيوان بالجيزة، فى فيلم "إسماعيل يس فى جنينة الحيوانات"، ذلك العمل الذى أوضح مدى الألفة، والعلاقة بين الحيوانات والحارس القائم عليها.
الزائر لحديقة الحيوانات، سوف يتمكن من رؤية تلك العلاقة الحميمة بين العامل بالحديقة وبين الحيوانات، ويرى الأشجار النادرة، والمبانى الأسمنتية الشاهقة، التى مهما تفنن القائمون على تنفيذها بإضفاء لمسات جمالية، تظل كيانات أسمنتية جوفاء تعلن عن الوجه القبيح للمدنية، لكن وسط هذه التلال تجد شريانًا للحياة لا يزال ينبض ويتنفس، قادرًا على إضفاء البسمة والنقاء.
"اليوم السابع" قام بجولة داخل حديقة الحيوانات بالجيزة، وتفقد خلالها مدى العلاقة بين العامل و الحيوان، و الأشجار النادرة، والأماكن الأثرية، فحديقة الحيوان منذ أن أمر بإنشائها الخديو إسماعيل وتأسست عام 1891 على مساحة ٨٠ فداناً، وهى تعتبر أكبر حديقة للحيوانات فى الشرق الأوسط.
أثناء تجولك داخل الحديقة، تلاحظ أن أمام كل قفص للحيوانات حارس أو اثنين مهمتهم هى الاعتناء بالحيوان، وتقديم المأكولات لهم، ولكن الملفت للنظر عندما تقف أمامهم تلاحظ مدى المودة والألفة بينهم من المداعبة التى تتم بين الحارس والحيوان، واللعب، وشرب الشاى، والعصائر سويا، ولكن ما أن تصل إلى القفص الذى به الأسد و الثعابين، والزواحف تلاحظ اختلاف المعاملة بين الحارس وتلك الحيوانات .
فأمام قفص الشمبانزى، يقف الكثير من الزائرين ليشاهدون مدى المداعبة بين الحارس، والقرد من لعب ومرح أثناء تناوله الطعام، وفى هذا السياق قال وحيد محمد الحارس "أعمل فى الحديقة منذ 27 عامًا، أعامل الشمبانزى كأنه بنى أدم، لأنه شبيه جدا بالإنسان، وذكى جدا، "لما بكون مضايق بيداعبنى من أجل التخفيف عنى، ولما يكون الشمبانزى يكون متضايق بعرف سبب ضيقه من خلال حركاته وعينه ".
وأضاف وحيد، فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الشمبانزى يكون سعيداً جدا عندما يجد إقبالاً كثيفاً من الزوار، مشيراً إلى أن حالته النفسية تدهورت خلال اعتصام الإخوان بميدان النهضة، مؤكداً أن الحيوانات أخلص من البنى أدم، لأنها لا تغدر بالحارس الذى يقوم بتقديم المأكولات والمشروبات، مستطرداً " بحكيله كل أسرارى لأنه كتوم ".
وقال خيرى فؤاد، الحارس القائم على الفيل، "أعمل بالحديقة منذ 13 عامًا، مهمتى هى الاعتناء بالفيل وتقديم الأكل فى الموعد المحدد له، بفطر الحيوان قبل ما أفطر، ولازم أطمن عليه الأول، وأنظف له المكان"، ومشيراً إلى أن حالته النفسية تؤثر على الفيل وأنه "بيزعل لزعله، ويحاول إرضائه بمداعبته من خلال زلومته أو اللف حوله".
وأشار محمد على، حارس الدب إلى أن المعاملة الطيبة هى الأفضل لدى الحيوانات، وأن الحيوان يشعر بالشخص الذى يقوم على حراسته، لافتا إلى أن الحيوان يتعلم الاسم الذى يطلقه الحارس عليه، من خلال متابعته للحارس ومن كثرة النداء له بالاسم .
الأمر يختلف كثيرا أمام "ملك الغابة"، حيث تلاحظ قفصًا حديديًا مغلقًا بعدة أقفال، وبداخله عدد من الأسود الذين يتناولون اللحوم، وحول ذلك تابع "أحمد محمد" أحد الحراس القائمين على الأسود، أن معاملة الأسد تختلف عن معاملة أى حيوان أخر نظراً لشراسته، وأردف أنه تعلم كيفية التعامل مع الأسود ممن هم أقدم منه فى المهنة، ولكنه على الرغم من قضاء 17 سنة فى هذه المهنة إلا أن معاملته مع الأسد تكون من خارج القفص.
وذكر "أحمد" أن الأسود يتناولون أربعة أيام لحوم الحمير، ويومين لحوم البقر، وذلك من أجل توفير الطبيعة لهم، أما يوم الجمعة الذى يعد راحة للمعدة الخاصة بهم يتناولون المشروبات من اللبن و المياه، مشيرا إلى أن بعض الزوار أطلق على أحد الأسود اسم "حسين فهمى" بسبب لون عينيه .
وإلى جانب أقفاص الحيوانات، تجد أيضا العديد من المبانى، والمناطق الأثرية التى يربو عمر بعضها عن 140 عامًا والتى من بينها "قلعة الجبلاية"، حيث تلاحظ أثناء دخولك الجبلاية أن المدخل مكون من الزلط الصغير الملون، والمصفوف على أشكال الزهور، وعندما تصل لمنتصف الجبلاية تجد مقعدا فريدا مصنوعا من الشعاب المرجانية، وموضوعا على حافة بحيرة صغيرة .
ومن جانبه، نوه مصطفى عبد الله، أحد أفراد الأمن المتواجدة داخل الجبلاية، إلى أن الجبلاية أنشئت عام 1861، وصممت على هيئة قلعة مغطاة بالشعب المرجانية من البحر الأحمر، وبداخلها قاعة مكيفة الهواء، ويوجد فوقها مزرعة بأنوع نادرة من الصبار، وبها شلالات صغيرة تصب فى بحيرة كبيرة .
وواصل "عبد الله"، أن الخديوى إسماعيل هو الذى أمر بإنشاء هذا المكان لاستقبال الوفد الفرنسى و المهندسين الذين افتتحوا قناة السويس، مشيرا إلى أن درجة الحرارة داخل الجبلاية 25 درجة تقريبًا فى الصيف و الشتاء، و أنهم يستخدموا حركة تيارات الهواء فى الشتاء، عن طريق فتحات معينة فى المكان، أما فى الصيف يتم فتح مخر مائى من أعلى المكان لأسفل، للتبريد .
الحديقة، تضم أيضا إلى جانب آلاف الأنواع من الحيوانات، والأشجار بعض المنشآت المتميزة مثل الكوبرى المعلق المتواجد بمنتصف الحديقة، والذى أمر بإنشائه الخديوى إسماعيل، وقام على تصميمه المهندس إيفل، الذى صمم برج إيفل بفرنسا، وتم إنشاء الكوبرى من أجل تسهيل وصول الخديوى إلى ممر الحريم الخاصة به .
120 عامًا من صناعة الترفيه.. حكايات من داخل حديقة الحيوان.. اعتصام الإخوان بالنهضة أثر سلبًا على نفسية الحيوانات.. وقفص الأسد "ممنوع الاقتراب".. والحراس يروون مشاهد من علاقات يفتقدها البشر
الأربعاء، 04 ديسمبر 2013 09:53 ص
جانب من جولة اليوم السابع بحديقة الحيوانات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة