يدب النشاط فى المكان كما تتحرك خليه نحل.. هنا القصر الجمهورى ويتبقى دقائق على خطاب الرئيس للشعب، فريق عمل يبدأ فى إعداد "البدلة" الرئاسية، بمعنى آخر كيف ستظهر مصر اليوم فى صورة رئيس الجمهورية، كيف سيتم ضبط الكرافتة المناسبة للحدث ولصورة مصر مع درجة البدلة التى كلف شراؤها عشرات الآلاف من الجنيهات، تشير يد الرئيس إلى لون وتترك الآخر بينما يحمل اختياره دلالات كثيرة تفصح عن خبايا شخصيته.. هكذا تكرر الأمر 15 مرة مع مرسى فى 2013، هى عدد ظهوره فى الخطابات و4 مرات مع منصور، وأمام ملابسهما تقف العديد من الدلالات وعلامات الاستفهام والتعجب، إضافة إلى بعض المفاجآت.
الأمور تبدو ساذجة حتى نبدأ الرصد منذ استقبال الرئيس المعزول محمد مرسى للعام بتكرار نفس البدلة مع كرافتة متشابهة للغاية مرتين فى خطابة أثناء ذكرى 25 يناير وبعدها قمة منظمة المؤتمر الإسلامى بالقاهرة، ثم يحطم جميع قواعد البروتوكول بارتداء طاقية وروب أثناء خطاب منحة الدكتوراه الفخرية فى الفلسفة بباكستان، ليقدم بداية تنم عن عشوائية ظهرت فى كل مناحى تصرفاته خلال النصف الأول من عام 2013.
أما عن المستشار عدلى منصور، الرئيس المؤقت للبلاد، فظهر فى 4 خطابات فقط بدأ أولها عقب توليه الرئاسة، وآخرهم كان الدعوة للاستفتاء على الدستور، واستبدل فيها بدلتين فقط ورابطتى عنق وكرر كل منهما مرتين الأولى بدلة سوداء سادة مع رابطة عنق سوداء منقطة، والثانية بدلة كحلى مع رابطة عنق كحلى سادة، وهو ما يخالف بروتوكول حتى ظهور الفنانين الذى يفرض عليهم الظهور بشكل مختلف فى كل مرة مثلما تقول لنا مصممة الأزياء ماجدة داغر، والتى تشير إلى الكلاسيكية الشديدة والشخصية الحريصة لمنصور.
وفى عالم الأرقام وازن منصور بين الألوان، أما مرسى فأختار اللون الكحلى باكتساح 9 مرات والأسود 4 وكسر العادة فى مرتين ببدلة رصاصية فى لقائه مع قادة الجيش، وفى مرة الروب والبرنيطة الشهيرين حين أستلم الدكتوراه الفخرية فى الفلسفة، كما قام بخلع رابطة العنق مرة واحدة أثناء خطابه الذى قدمه من الحقول فى عيد الحصاد، وهو نفس الخطاب الذى غير فيه لون القميص من الأبيض إلى اللبنى، وأنهى ظهوره فى خطاب الشرعية باللون الأسود فى البدلة والكرافتة.
يوارى الحديث ويحاول الحفاظ على الكثير من أسرار الرجل الموجود الآن خلف القضبان بالبدلة البيضاء.. هذا خالد عبد العزيز مصمم الأزياء أو "الأستايلست" الشهير، الذى كان منوطاً به ضبط ملابس الرئيس محمد مرسى فى الثلاثة شهور الأخيرة من حكمه، لقاؤهما الأول بدأ بسؤال مرسى "رأيك أيه فى لبسى؟".. وجوابه "اللى جاى هيكون أحسن" فى إشارة إلى عدد كبير من الأخطاء التى كان يقع فيها مرسى.
"حاولت لكن ما لحقتش".. هكذا يصف "عبد العزيز" تجربته مع الرئيس المعزول محمد مرسى، ويقول: "مرسى كان بيلبس بدل أوسع من مقاسه دايما عشان الصلاة وظهره ميبنش ودى حاجة تحسب ليه، لكن ليها حل لأن الرئيس ما ينفعش يلبس حاجة مش مضبوطة.. ببساطة الرئيس هو البلد، أوباما مثلاً دايما ألوان بدلته والكرافتة بتتبدل بين الأزرق والأحمر اللى بيكونوا علم أمريكا، وفى إشارة إلى أن أمريكا هى اللى بتتكلم، ورغم كده عمره ما ظهر بنفس البدلة أو الكرافتة مرتين، والمقاس لازم يكون مضبوط بدون أى أخطاء ولو بسيطة، وهو ده اللى بيخلق الصور الذهنية لقوة البلد وقوة رئيسها".
ويتابع: "لبس الرئيس كان دايما بيدل على شخصيته، مرسى كان شخصية مندفعة وبيحاول يدور على حاجة تناسبه ويخلق لنفسه شخصية رئيس، وعشان كده هتلاقية غير بدل وألوان كثير جداً، ومعظمها كان مش موفق وكان بيحصل باستهتار وعلى أيد ناس مش متخصصة.. وده اللى كنت بحاول أغيره فى الوقت اللى أشتغلت فيه معاه لكن ببساطة تغيير شكل اللبس هو تغيير فى شخصية الشخص اللى بيلبس قبل أى حاجة، وده كان محتاج وقت أكبر، كنا بنحتاج وقت كبير عشان نقنعه أن الفرق الصغير بين الكرافتة بيفرق كثير، وأن البدلة لازم تيجى على مقاسه بالضبط، وهو كان بيسمع كويس ويناقش، لكن الوقت ما ادناش فرصة كبيرة نغير".
وعن أسعار بدلة مرسى يقول إنها تبلغ فى المتوسط حوالى عشرة آلاف جنيه، وهو- كما يراه- رقم ضعيف جداً مقارنة بملابس رؤساء الجمهورية أو حتى النجوم، ولا يقارن بالأسعار التى كان يدفعها الرئيس المخلوع مبارك، والذى كما يقول "كان يتعامل مع مصمم أزياء إيطالى خاص يصمم له تصميمات لم يرتدها أحد من قبل، وبخامات فى غاية العناية".
وقام عبد العزيز بإطلاع "اليوم السابع" على آخر تصميم قام بصنعه للرئيس المعزول متفادياً الأخطاء التى كانت موجودة فى بدلاته السابقة، وهو التصميم الذى كتب عليه من الداخل محمد مرسى، وكان بدرجة كحلى غامقة، ولكن لم يرتده الرئيس عقب موجة 30 يونيو الثورية التى أطاحت به.
أما عن تحليله لشخصية الرئيس عدلى منصور من ملابسه فى الخطابات وحتى الفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى ظهر ببدلة مرة واحدة، يقول إن عدلى منصور يبدو من ملابسه أنه شخصية كلاسيكية للغاية، ياقة القميص الذى يرتديه تعود موضتها للسبعينيات، ولذلك قام باختيار بدلتين للظهور أربع مرات، لأنه يخشى التغيير ويميل إلى ما يثق فيه بدلاً من البحث عن شىء جديد ربما يخطئ فيه، أما الفريق عبد الفتاح السيسى فكما يوضح، من الممكن أن يستغل هيئته الرياضية بشكل أفضل، خصوصاً أنه شخصياً كاريزميا، ولكنه حتى الآن فى ظهوره الوحيد كان يرتدى البدلة مثل البدلة الميرى التى تسيطر على شخصيته فى رفع البنطلون أكثر من اللازم وطول الجاكت بعض الشىء، وهذا قريب جداً من طريقة عبد الناصر الذى ظلت شخصيته العسكرية ملازمة له طوال حياته.
أما مصممة الأزياء الشهيرة ماجدة داغر، تؤكد أن مشكلة مرسى ومنصور فى هيئتهما تكمن فى افتقادهم "كاريزما اللبس"، وتقول "اللبس فى الأول والآخر كاريزما، مهما كنت بتغير أو بتختار لبسك بعناية ومعندكش كاريزما عمرك ما هتبان كويس ودى كانت مشكلة فى مرسى ومنصور، وكلنا شفنا الفريق السيسى لما لبس بدلة مرة واحدة قلب الدنيا، لأنه عنده الكاريزما اللى الاثنين فقدينها".
وتتابع "داغر"، أنه من ملابس مرسى ومنصور خلال هذا العام بدا واضحاً أنه لم يتواجد متخصصين للإشراف على اختيارهما للملابس التى يظهران بها فى الخطب الرسمية، وهى المشكلة التى تبدو أكثر وضوحاً عندما يقوم الرئيس بتكرار نفس ملابسه مرتين بنفس تفاصيلها قائلة "لما نجم بيكرر لبسه أكثر من مرة بتبقى مشكلة وكل الناس بتعلق عليه، فما بالك برئيس جمهورية مظهره هو واجهة لبلده، والتغيير هنا مش لازم يكون بألوان غريبة تضيع الوقار، لكن بلمسات بسيطة فيها شياكة وفى نفس الوقت وقار".
ملابس الرئيس تتعدى فكرة التعبير عن الشخصية وعن الدولة إلى مدى الالتزام بقواعد البروتوكول والإتيكيت، وعن مدى انضباط الظهور الرئاسى فى 2013 فى هذه الجوانب تقول خبيرة الإتيكيت شيماء محمد، إنه من البروتوكول أن يكون الرئيس بسيطاً ومهندماً فى نفس الوقت، فلا يجب أن يلتفت أحد إلى ملابس الرئيس مثل النجوم، ولكنه فى نفس الوقت لا يمكن أن يظهر ولو خطأ بسيط فى ملابسه، وتتابع، أن الألوان التى بدلها مرسى فى اختياراته بين الكحلى والأسود والرصاصى هى المفضلة فى إتيكيت الرؤساء، ولكنه أساء لشكله من جانب آخر، وهو تحركاته العفوية المبالغ فيها خلال خطابته.
وهو نفس ما أكده "أستايلست" الرئيس، بأنه حاول تجنبها بتعليمات واضحة أن "البدلة" مصممة للمواقف الرسمية ولا يمكن أن نرتديها ونقوم بحركات لا تتناسب معها، مشيراً إلى أنه قام بعرض عدد من الأخطاء التى وقع فيها الرئيس بحركات لا تليق مع البدلة مثل رفع يديه أكثر من المطلوب أمامه حتى لا تتكر، وهى الأخطاء التى كانت محل انتقاد كبير من الجميع.
وخالفت خبيرة الإتيكيت آراء "عبد العزيز" فى أوباما قائلة، إن الرئيس الأمريكى قام هو وزوجته بتحطيم قواعد الإتيكيت فى الملابس والتحركات أكثر من أى رؤساء آخرين هذا العام، مشيرة أنه ظهر فى أحد الحفلات برابطة عنق "ببيونة" وقميص أبيض وهو مخالفة صريحة لملابس الرؤساء.
وعلى صعيد الملابس تأتى زوجته فى المرتبة الأولى بظهورها بفساتين "كات" فى مناسبات رسمية لا تتناسب أبداً مع ملابسها أو تحركاتها حتى ولو كان هذا مقصوداً فللرئاسة قواعد صارمة لا يمكن التخلى عنها.
وعن الرئيس عدلى منصور فتقول إن أخطاءه فى الاتساق مع ملابسه أقل بكثير عن الرئيس مرسى الذى كان يحاول أن يبدو تلقائياً فيقع فى الأخطاء، مشيرة إلى أن منصور يحتاج لضبط شخصيته لتتسق مع الملابس بشكل أوضح بحيث ينظر إلى الكاميرا أكثر أثناء الخطابات، ويحاول رسم ابتسامة أفضل وهو يخاطب الجماهير ليشعر المشاهد بتواصل أكبر معه، وهو ما ينطبع بالتالى على هيئته العامة بشكل أفضل.
اقرأ أيضا..
ثروت الخرباوى: "بيت المقدس" و"كتائب الفرقان" فرعان لجماعة الإخوان
"استقلال المهندسين": المجلس الإخوانى صرف معاشات لقتلى رابعة والنهضة
ابن خلدون: نجل "أردوغان" يقود منظمات تركية لدعم الإخوان بمصر
2013 عام انهيار الإخوان وصعود النور.. الجماعة سيطرت على البلاد فى النصف الأول من العام وعادت للسجن بأمر الشعب فى الثانى.. والحزب السلفى تلاعب به نظام مرسى بمنتصف العام وشارك فى إسقاطه فى الثانى
سعد الدين الهلالى: سجود الشكر بغير طهارة أو استقبال للقبلة
بالفيديو.. "كايرودار" داخل منزل ريا وسكينة بالإسكندرية
بالفيديو..طالبات «إخوان» بالأزهر تهتفن: «يا أوسخ اسم فى الوجود»
"بِدَل" الرؤساء فى 2013.. مرسى ظهر فى 15 خطاباً منها 9 بـ"الكحلى" وكرر نفس البدلة فى أول خطابين.. وأبرز إطلالته كانت فى "طاقية وروب الفلسفة".. ومنصور ظهر أربع مرات بمظهرين فقط
الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013 08:17 ص
محمد مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال سامى
مرسى مكنش واجهة مشرفة لمصر
عدد الردود 0
بواسطة:
خديجه
lموضوع جدا خطير
عدد الردود 0
بواسطة:
مصر
اه ي بلد
عدد الردود 0
بواسطة:
خديجه
lموضوع جدا خطير