محمد منير

على من أذرف الدموع؟

الإثنين، 30 ديسمبر 2013 06:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعترف وأقر أنا كاتب هذه الكلمات أن عام 2013 هو العام الذى اهتزت خلاله مشاعر حبى لبلدى، وتشكك وجدانى فى عشقى لترابها. ثلاثون عاما وأنا أعيش تحت مظلة وراية النضال والجهاد من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وطوال هذا الوقت، ورغم كل الحروب الشرسة التى خضتها أنا وفريق صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه، ورغم كل العقبات والضغوط المعيشية وغير المعيشية، لم تهتز مشاعرنا ولا يقيننا بهذا الوطن الذى كان يرزح تحت حكم حفنة من الطغاة الفسدة الذى لم يستهدف فسادهم مجرد نهب خيرات هذا البلد، وإنما استهدف القضاء على صحة ووعى ومستقبل أبنائه وتمييع أى عقيدة أو قيمة عنده ليرسخوا بنية ثابته من الإنهيار تضمن القضاء النهائى على هذا الوطن الذى قاد حركة التحرر العالمى ونقل أمم كثيرة من حقبة الاستعمار والهوان إلى حقبة الاستقلال والكرامة.
وبعد ثلاثين عاما وبينما أنا وزملاء لى على مشارف نهايات العمر فعلتها مصر بشبابها وشيوخها، رجالها ونسائها وأطفالها، كسروا كل حواجز الضغط والطغيان ليصرخوا فى وجه حاكم ظالم مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وعاد الأمل مرة أخرى لنا لنرى مصر ولو فى مشهد أخير بالنسبة لنا وهى تنعم بالحرية والكرامة والعدالة فنغمض أعيننا فى راحة ونغادر دنيانا فى سلام بابتسامة واطمئنان على أبنائنا وأحفادنا.. ولكن قدرنا المؤلم كان أقوى.. فقد كسرنا حاجز الخوف وعبرنا نهر الظلم ونحن حاملين لكل أمراض زمن الظلم والطغيان فانتقلت معنا كل أوبئة عهود القهر، لنمارسها بأيدينا على أنفسنا، وانتقلت كرابيج التعذيب التى وحدت المصريين على طريق الثورة من يد الطاغية إلى أيدينا نعذب بها أنفسنا ونفرق بها وحدتنا ونفتح بها ثغرة ممهدة لعودة الطغاة ونقضى بها على الأمل الأخير لنا فى مشاهدة مصر حرة. لم تدمع عينى مرة واحدة من قهر وعذاب السنين وآلامها.. ولكنها سالت عندما مارس أبناء هذا الوطن والمقهورون كل ألوان العذاب على أنفسهم بنفس أدوات الطغاة.
على من أذرف الدموع.. على مصر التى تلقفت ثورتها أيدى جماعة ضيقة الأفق لتحل محل حاكم فاسد بحاكم متخلف تابع لجماعة فاشية، أم أذرفها على شعب قرر التخلص من فاشية، بفاشية أقوى وكأنه أدمن العبودية والتبعية. على من أذرف الدموع.. على أشلاء ودماء أبنائنا الذين تمزقت أجسادهم فى المنصورة وأنشاص، أم على المقتولين والمسحلوين من خيرة شباب مصر فى الجامعات وماتوا على غفلة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، أصبحنا قتلة ومقتولين فى وقت واحد.. فعلى من أذرف الدموع.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة