طارق سعيد يكتب: الإرهاب.. تفكير وتفجير

الإثنين، 30 ديسمبر 2013 06:25 ص
طارق سعيد يكتب: الإرهاب.. تفكير وتفجير انفجار المنصورة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد يستطيع الجزم بأن «الإخوان» هى من تقوم بالتفجيرات، لكن المؤكد أنها لعبت دورا مهما فى تهيئه الأجواء لهذه الخلايا الإرهابية.
الجماعة تريد إشاعة روح الانتقام والكراهية، وهو ما يجب أن نتنبه إليه لأنه يؤدى إلى السقوط، وهو ما تريده.

لا فرق بين أن تكون إرهابيا بالفكر، وأن تدوس على زناد لكى تفجر نفسك فى آخرين، فلن يقدم إرهابى على فعل ذلك إلا بعد أن يجد ما يبرر له فعلته ويصورها له على أنها عمل عظيم يدخله جنات الفردوس الأعلى لأنه سيموت شهيدا من أجل قضية عظيمة ألا وهى الدفاع عن الإسلام الذى يحاربه مجموعة الكفرة الذين يحكمون بغير شرع الله والذين يعيثون فى الأرض فسادا.

1 - كيف تصنع مناخا يساعد الخلايا الإرهابية ويشجعها ويجعلها تنمو وتنتشر كالخلايا السرطانية، وكيف تشجع السياسة الإرهاب ومن يمكن أن يكون المستفيد مما يحدث؟ أسئلة مشروعة تحتاج إجابات شافية عليها، ولا أتحدث هنا عن تحقيق جنائى لمعرفة الفاعل، فتلك مهمة أجهزة الأمن، أما ما نحن بصدده فهو الشق السياسى، قبل وصول جماعة الإخوان إلى السلطة، ومنذ أن بدا أن هناك شقاقا بين شركاء الميدان بدأت الجماعة فى استخدام سلاح الدين فى مواجهة من يختلف معها من أنصار التيار المدنى، كما بدأت فى البحث عن حلفاء جدد تحت زعم توحيد راية التيار الإسلامى فى مواجهة التيار العلمانى فبدت فى استدعاء المخزون الاستراتيجى من الجماعة الإسلاميه الأعلى صوتا والعائد توا من رحلة التوبة بعد سنوات من محاربة الدولة والتورط فى عمليات إرهابية عجزت فى النهاية عن هدم الدولة المصرية العتيدة.

2 - بعد تمكن جماعة الإخوان من الوصول إلى السلطة بعد انتخابات رئاسية جاءت بمحمد مرسى بفارق بسيط عن منافسه الفريق أحمد شفيق أدركت الجماعة أن شعبيتها آخذة فى التضاؤل وأنه يجب الإسراع بالسيطرة على مفاصل الدولة سريعا، ولم يكن أمامها من مفر إلا استخدام ما تجيده من حرق المنافسين وتطويع الدين وتكفير من يخالفهم فى الرأى، وحاولت الجماعة إشاعة جو من الإرهاب الفكرى مستعينة بالإرهابيين المعتزلين من قادة الجماعة الإسلاميه الذين رأوها فرصة للعودة إلى حلم السلطة القديم، فرأينا نماذج من أمثال عاصم عبد الماجد تتصدر المشهد وتتحدث باسم السلطة، كان كل ذلك مقصودا، فإشاعة جو من الفوضى فى ظل جماعة منظمة يعطيها فرصة أكبر لفرض سيطرتها.

3 - كان 6 أكتوبر 2012 يوما فاصلا فى توجه دولة الإخوان فى هذا اليوم، صممت الجماعة المشهد لكى تبدو أنها وضعت يدها على التاريخ بعد أن احتلت الجغرافيا، فالاحتفال الذى أقيم فى استاد القاهرة نظمته الجماعة دون القوات المسلحة صاحبة الاحتفال ودعى إليه قادة الجماعة وحلفاؤها السياسيون دون قادة القوات المسلحة وأبطال أكتوبر وقادة الحرب الذين ما زالوا على قيد الحياة، وظهر الرئيس مرسى كأنه أحد قادة الحرب، ولن ينسى المتابعون مشهد عاصم عبد الماجد الإرهابى المعتزل وهو يمسك بيد الرئيس ويرقص بالعصا وانتشرت وقتها مقولة إن الجماعة تحتفل بذكرى 6 أكتوبر 1981 وهو عام مقتل السادات وليس ذكرى أكتوبر 1973 كان المشهد دالا على أن الجماعة تنتقل من حكم الدولة إلى حكم القبيلة، وأنها اختارت الانحياز إلى معسكر الإرهاب رغم الكلام الذى تدعيه عن الحرية والديمقراطية.

4 - حاولت الجماعة قدر ما استطاعت تقسيم المجتمع إلى فسطاطين، واحد للإيمان تترأسه، وآخر للكفر يضم كل من يعارض توجهاتها السياسية وارتكب مرسى- الرئيس الذى يأتمر بأوامر مكتب الإرشاد- الخطيئة الكبرى عندما أصدر أوامر عفو رئاسية عن مساجين متهمين بتهم إرهابية خطيرة، بل وفتح لهم أبواب سيناء البعيدة عن حضن الدولة الأم ليؤسسوا دولتهم الجديدة برعاية الدولة الإخوانية وإشراف الرئيس الإخوانى، وكان المخطط أن تكون تلك الجماعات بمثابة الفزاعة التى تستخدمها الجماعة فى مواجهة كل أعدائها والمتربصين بها وهو نفس المنهج الذى انتهجه نظام مبارك من قبل، مع الفارق أن الجماعة كانت هى الفزاعة.

5 - تفجير المنصورة الإرهابى من الممكن ألا يكون الحادث الأخير وقد تتبعه حوادث أخرى فى أماكن متفرقة بغرض ترويع الناس وإشعارهم أنه لا أمن مع النظام الجديد، وأن أجهزه الأمن التى فشلت فى حماية نفسها لن تستطيع حماية الناس، هذه الرسائل وغيرها هو ما تريد هذه الجماعات الوظيفية أيا كانت تسمياتها أن ترسله لبث الرعب فى القلوب، والخوف هنا ليس فقط من التفجيرات، وإنما من ردة الفعل عليها وهو ما ظهر فى المنصورة، حيث قام مواطنون بالانتقام من الإخوان وقاموا بمطاردة بعضهم وإحراق ممتلكات البعض الآخر، وهو نذير خطر برد فعل مجتمعى انتقامى يدخل البلاد فى حالة من الفوضى وهو ما تريده جماعة الإخوان ومن يقف وراءها من منظمات إرهابية وقوى إقليمية ودولية تسعى إلى ذلك، ورأيى أن الانسياق وراء تلك الروح الانتقامية رغم تفهم دوافعها خطر على مصر، لأن المجتمعات التى تشيع فيها روح الانتقام والكراهية أكثر عرضة للسقوط، وهو ما تريده تلك القوى وهو ما يجب أن نتنبه إليه، حتى لا نعطى أعداءنا ما يريدون بحسن نية.

6 - الخلاصة.. لا أحد يستطيع الجزم بأن جماعة الإخوان هى من تقوم بشكل مباشر بالتفجيرات الإرهابية، لكن المؤكد أنها لعبت دورا مهما فى تهيئة الأجواء لهذه الخلايا الإرهابية بتحالفها مع الإرهابيين المعتزلين والإفراج عن عتاة الإرهابيين وإطلاق يدهم فى سيناء والاستعانة بهم فى أدوار سياسية، وقسمت المجتمع، ورفعت راية التكفير فى وجه كل من يخالفها، وغضت الطرف عن شيوخ التطرف والإرهاب الذين احتلوا شاشات الفضائيات، واعتلوا منابر المساجد، وما زالت حتى الآن تقدم غطاء سياسيا لكل أعمال العنف والإرهاب.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة