لن يجد السيد عمرو موسى خاتمة لحياته السياسية خيراً من رئاسته للجنة الخمسين، وإنجاز دستور يعتبر بشهادة الكثيرين من أفضل الدساتير فى تاريخ مصر، إن لم يكن الأفضل على الإطلاق. وربما لم يتوقع عمرو موسى نفسه هذه الخاتمة السياسية الرائعة التى سوف تظل عالقة بأذهان الناس لفترة طويلة، فى قيادته وإدارته للجنة الدستور بهدوء وثقة وحكمة وحرفية سياسية فائقة فى ظل ظروف سياسية بالغة الصعوبة والتعقيد، وبدا مثل ربان السفينة التى تسير وسط العواصف والأمواج العاتية.
اكتشف عمرو موسى أثناء رئاسته للجنة الدستور، قدرات ومهارات أخرى إلى جانب مهاراته وخبراته فى العمل الدبلوماسى التى اكتسبها طوال أكثر من نصف قرن، منذ التحاقه بالسلك الدبلوماسى فى الخارجية المصرية عام 58، وحتى تنصيبه أمينا عاما لجامعة الدولة العربية حتى عام 2011 عاصر رؤساء وملوكا وأحداثا داخلية وخارجية كثيرة، ورأى فيه الناس أثناء توليه وزراة خارجية مصر، بقايا من عصر سياسى مضى، يغضب فيه المسؤولون ضد من يحاول التطاول على مصر، وحلم الكثيرون أن يكون رئيس مصر فى وقت ما. خبرة رئاسة وقيادة لجنة تضم أطيافا سياسية وثقافية ودينية مختلفة، عملية ليست سهلة، وتحتاج إلى مهارة رجل بقيمة وحجم عمرو موسى، الذى رأيته ذات يوم فى منتصف الثمانيينات فى كلية السياسة والاقتصاد، يلقى محاضرة بديعة، وكان وقتها يشغل مديرا لإحد الإدارات بوزارة الخارجية، وتمنيته وقتها وزيرا لخارجية مصر، وقد حدث بعدها بسنوات قليلة. هناك من راهن على فشل وعدم قدرة موسى على إنجاز المهمة، لكن اختياره وفوزه فى انتخاب رئيس اللجنة على نقيب المحامين سامح عاشور، كان اختيارا موفقا للغاية، رغم انتقاد البعض لذلك وإعادة انتاج كلمات فارغة جوفاء، استغلها الإخوان ضده فى انتخابات الرئاسة.
يستحق السيد عمرو موسى التحية والتقدير على هذا الإنجاز الذى يفوق أى مناصب أخرى تولاها من وجهة نظرى، لأنه قاد لجنة إعداد دستور ثورة مصر الحقيقية فى 30 يونيو، وهو دستور المستقبل الحقيقى الذى توافق عليه الجميع، ورضيت عنه كل القوى السياسية والوطنية، ماعدا الظلاميين وأعداء هذا الوطن. والتحية أيضا لأعضاء اللجنة الذين كان أغلبهم على قدر المسؤولية الوطنية للعبور بمصر من مأزقها الراهن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة