قال محمود فوزى عبد البارى، المستشار القانونى لوزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، إن الاضطرابات أمر طبيعى بعد الثورات الشعبية حتى يستقر النظام السياسى والدستورى.
وأضاف "عبد البارى"، خلال مؤتمر "نحو إطار قانونى شامل للعدالة الانتقالية فى مصر"، الذى عقد اليوم الثلاثاء، أنه تم تكليف المستشار محمد أمين المهدى، وزيراً للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى فى ظروف بالغة الدقة، مؤكداً أن هذا التوجه يعكس فهم هذه الحكومة مدى الحاجة إلى هذا المسار الناقل أو الانتقالى.
وتابع، قد يكون مصطلح العدالة الانتقالية غامضا بعض الشىء على العوام، مشيراً إلى أن الأدق أن نسميها العدالة الناقلة، أو عدالة الانتقال.
وأوضح المستشار القانونى لوزير العدالة الانتقالية، أن مفهوم العدالة الانتقالية يقوم على تبنى الدولة عدة آليات وإجراءات من خلال الأدوات التشريعية المختلفة، والتى تستهدف أساساً وقف انتهاكات حقوق المواطنين فى المراحل السابقة وتوثيقها، ومساءلة المسئولين والمحرضين الأساسيين عنها، وتعويض المضارين، ووضع حلول جذرية للمشاكل التى تسبب خلافا وشقاقا فى المجتمع بما يمنع وقوعها مستقبلاً فى إطار خطة الدولة لإصلاح وتطوير مؤسسى شامل.
وأشار إلى أن مفهوم العدالة الانتقالية لها عدة أركان، لا تتحقق إلا بها، وهى كشف الحقيقة والمصارحة، والمساءلة والمحاسبة، والعفو عما يمكن العفو عنه من جرائم، وتعويض المضارين والضحايا، والتطوير والإصلاح المؤسسى، والمصالحة الوطنية.
وشرح عبد البارى نوعية تلك التدابير وطبيعة تلك الإجراءات تختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً لطبيعة المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلد، واختلاف تحولاته السياسية، وهذا التباين يرجع بشكل أساسى لاختلاف ظروف كل مجتمع ولأسباب الثورات التى قامت فيه، وليس لها وصفة جاهزة، بل إن كل مجتمع يفرز ما يناسبه من إجراءات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، ولا يوجد فيها مقاس واحد يناسب الجميع، مؤكدا على ضرورة ان تبقى المسافة واضحة بين العدالة الجنائية والعدالة الانتقالية.
وأوضح "عبد البارى"، أن العدالة الجنائية تقوم على محاسبة كل من ارتكب جريمة بالإجراءات والآليات المعروفة أمام محكمة مختصة بنسبة فعل مجرم مهما كان قدره لشخص معين بوسائل الإثبات المعروفة من خلال سلطة الاتهام العام وهى النيابة العامة، فى حين أن العدالة الانتقالية، ونظرا للظروف الخاصة التى تحيط بالمجتمع الذى يتم تطبيقها فيه من وجود اضطرابات عامة واختلال واسع فى النظام فى فترة من الفترات، فتتم المحاسبة للمسئولين الرئيسيين والمحرضين دون صغار المشاركين وفى حدود جرائم معينة.
واستطرد "عبد البارى" قائلا: "فمن ذا الذى يقول بمحاسبة كل من انتمى إلى الحزب النازى الألمانى على سبيل المثال، وهل يقول عاقل بمحاسبة جميع أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الذى قامت ضد نظامه ثورة 25 من يناير، ولا يتصور أحد أن يتم وضع الإخوان المسلمين وجميع أنصار التيارات الإسلامية فى السجون لمجرد أنهم ضد بعض توجهات ثورة 30 من يونيو التصحيحية".
وأوضح أن حدود العدالة الانتقالية لا تقف عند المساءلة والمحاسبة، بل تمتد للمصارحة، للاعتراف بالأخطاء، والتعويض عنها ماديا وأدبياً، وهو ما يجعل العدالة الانتقالية ذات مفهوم اعم واشمل، وبالتالى فإن العدالة الجنائية هى جزء من العدالة الانتقالية وليس العكس.
وأشار إلى أن نيلسون مانديلا استخدم مفهوم المصالحة الوطنية فى جنوب أفريقيا عندما كان ما يزال قابعاً فى سجنه، إذ رأى أن من واجبه أن يضطلع بنفسه بقرار التفاوض حول مبدأ إجراء العفو العام، الذى سيتبع أولاً عودة منفيى المؤتمر الوطنى الإفريقى ويطمح إلى مصالحة وطنية، من دونها سيكون البلد عرضةً لمزيد من الاحتراق وإراقة الدماء التى سيقف وراءها الانتقام بكل تأكيد، مؤكدا أن المصالحة هى شكل من أشكال العدالة الانتقالية التى تكون ضرورية لإعادة تأسيس الأمة على أسس شرعية قانونية وتعددية وديمقراطية فى الوقت ذاته.
وأكد "عبد البارى" ضرورة الكشف عن الحقيقة وإدانة من ارتكب الجرائم فى حق الشعب، يمكن أن يتم من خلال لجان محايدة للمصارحة والحقيقة لتحديد الجناة، وتقديمهم للقضاء لإنزال حكم القانون وتحقيق العدل، مع الوضع فى الاعتبار أنه يمكن أن تواجهنا عدة صعوبات فى محاكمة مرتكبى الجرائم، لعدة أسباب منها صعوبة إيجاد دليل لإدانتهم، أو ملاحقتهم إذا ما تم إدانتهم، لكن ما يهم أن تتحقق العدالة وأن نتعامل بمساواة.
وشدد على أن تعويض أهالى الشهداء والمصابين، يعتبر من أعمدة العدالة الانتقالية، ويجب ان يكون جبر الضرر لهم فعالاً وسريعًا، وهو ما تم ويتم بالفعل، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن نختزل هذا التعويض فى الأموال فقط، وإنما يجب تقديم الاعتذارات الرسمية، وإقامة النصب التذكارية، ولا يمكن أن تساوى بين من قتلوا فى المظاهرات والخارجين على القانون.
واستكمل "عبد البارى"، أن التعويض عن تزوير الانتخابات مثلا لا يكون إلا بإصلاح تشكيل المؤسسات التشريعية، ومعالجة أوجه القصور فى إجراءات العملية الانتخابية، والسعى نحو الوصول لإرادة الناخبين الحرة بغير مؤثرات المال والدين وهو نوع من ضمانات عدم التكرار، وان الارتقاء بمستوى الخدمات العامة فى وقت محدد وبهذه النية فى مناطق معينة هو نوع من الجبر العام للضرر إن جاز التعبير.
وشدد "عبد البارى" على أن العدالة الانتقالية تحتاج فى المقام الأول إلى إرادة سياسية حقيقية وإرادة مجتمعية، مؤكدا أن تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية فى مصر أمراً لازماً وضرورياً لتحقيق المسار الديمقراطى وللانتقال من مراحل سبقت إلى مرحلة جديدة لبناء الوطن، وذلك بكتابة صفحة تقوم على مفاهيم المواطنة الحقة والمساواة وتكافؤ الفرص واحترام حقوق الانسان والإدارة الرشيدة.
وأكد أن الحكومة تدرك انه لا يمكن ان يكتب لهذا المسار النجاح أو أن يؤتى ثماره المرجوة إلا من خلال الرضاء والقبول المجتمعى.
وطالب بالتمييز بين مسارين لتحقيق المصالحة الوطنية، الأول، يتم تحت مظلة العدالة الانتقالية، والثانى: تضطلع به عادة الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة من خلال الحوار لبلوغ التوافق وتحقيق المصالحة بين التيارات السياسية المتنازعة.
وأكد أن تحقيق المصالحة لن يتم إلا بمشاركة أطياف المجتمع جميعا، دون إقصاء أى طرف، مع العمل الجاد على تحقيق العدالة، فلا استقرار دون سِلم، ولا سِلم دون عدالة.
وشدد على أنه من غير الممكن التوصل إلى المصالحة الوطنية إلا بعد أن تتم محاسبة المخططين والمحرضين الرئيسيين على الأحداث الجسام التى ضربت أرجاء الوطن، وأدت إلى صدام غير مسبوق بين أبناء الوطن والدين والدم الواحد.. ولبلوغ المصالحة، يجب على جميع الأطراف السياسية التمسك دائماً بتغليب المصلحة الوطنية، والنأى عن الأهواء الشخصية، مع مراعاة أن حالة التوتر وعدم الاستقرار التى تعقب الثورات قد تدفع بالقوى والتيارات السياسية إلى استغلال القواعد القانونية، لتحقيق أهداف سياسية، واستغلال مشاعر الناس الجياشة للانتقام من خصومهم السياسيين.
ودعا "عبد البارى" إلى عدم تسييس مفهوم العدالة الانتقالية أو اتخاذه ذريعة، لترويج أهداف سياسية لفصيل أو تيار سياسى بعينه، ومن المهم أن يكون الهدف الأسمى هو تحقيق المصالحة الوطنية، وبلوغ المسار الصحيح للديمقراطية.
وقال إن هناك مشكلات تؤثر على نسيج الوحدة الوطنية، مثل مشكلات أهل النوبة وبدو سيناء ومطروح وسكان العشوائيات وسكان المناطق الأكثر فقراً.
وأوضح "عبد البارى"، أن الوزارة قامت بالفعل بأولى الخطوات فى بناء الوزارة الجديدة باقتراح مشروع قرار جمهورى بتنظيم عمل الوزارة وقدمناه إلى مجلس الوزراء للنظر فى إصداره منذ الأسبوع الأول لتولى الوزير لمهام منصبه، كذلك إعداد دراسة شاملة وتصورات كاملة لاستراتيجيات تنظيم العدالة الانتقالية وإجراءاتها.
وأعلن أن لجنة الخمسين أدركت أن العدالة الانتقالية الحقة هى التى يضع إجراءاتها المجتمع نفسه، برضاء واسع، ومشاركة عريضة فلا تكون انتقائية أو انتقامية، مشيراً إلى أنها ألزمت فى مشروع الدستور (البرلمان المنتخب) فى المادة 241 من المشروع ان يضع قانونا فى أول دور تشريعى ينظم العدالة الانتقالية، يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أُطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية.
وطالب "عبد البارى" بالنظر إلى العدالة الانتقالية على أنها مفهوم، وليست مجرد نصوص، معتبراً أنه من اليسير جداً وضع أفضل النصوص، لكن ظروف المجتمع قد لا توجد لها مجالا عمليا للتطبيق.
خلال مؤتمر "العدالة الانتقالية"..المستشار القانونى للوزير: المصالحة طريق بناء دولة ديمقراطية..التعويضات المادية لا تكفى ولابد من اعتذار رسمى لأهالى الشهداء..الدستور أشرك المجتمع فى وضع إجراءات القانون
الثلاثاء، 03 ديسمبر 2013 07:03 م
المستشار محمد أمين المهدى، وزيراً للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed ali
مصالحه مع ارهابيين يحاربون الجيش الوطني ويدعون الغرب لغز البلاد !
فوق أنت وهو !
عدد الردود 0
بواسطة:
عمرو
الكابتن ده بيتكلم عن ماتش كوره ولاخلاف على حته ارض شكله مش من هنا؟
فوق