يرى الشاعر عبد الستار سليم أو شاعر فن الواو كما يلقبه البعض، رغم أنه قدم القصيدة العامية والفصحى، أن فن الواو لعب دوراً بارزاً فى ثورتى 25يناير و30يونيه، كونه استطاع أن يرصدها إبداعياً بالتناغم مع فرقة الربابة للفنون الشعبية، مشيراً إلى ضرورة أن نطلق على هذا الفن "قوال" لافتًا إلى أن من ابتدعوه كانوا أميين.
"اليوم السابع" كان لها هذا الحوار معه..
بداية.. لماذا يرتكز فن الواو فى الصعيد؟
فن الواو فن قولى، نشأ وتربى وترعرع فى صعيد مصر "الصعيد الجوانى "- كما يسمونه – وهو أحد الفنون القولية الشعرية الشفاهية، فالذين ابتدعوه كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون ولهذا فأنا اقترح أن نسميه "قوّال" كونه يُقال باللهجة الصعيدية المحلية، أما عن سر تركزه فى منطقة الصعيد، فهو تأثر القوالين الجنوبيين بالقصيدة العربية الفصحى التى وفدت مع الفتح العربى الإسلامى لمصر. وكذلك تأثرهم بالفن القولى الوافد مع الحجاج المسلمين- المغاربة والأندلسيين- الذين كانوا يأتون لأداء فريضة الحج، حيث كان جنوب الصعيد هو طريقهم إلى الأراضى المقدسة وأقدم من أنشأ نظام التربيع هو "ابن قزمان" المولود فى " قرطبة".
تعرضت للسرقة الأدبية، فكيف تنظر إلى هذا الموضوع لا سيما مع إقرار قانون حماية الملكية الفكرية مؤخراً؟
لقد تعرضت للسرقة الأدبية عدة مرات، بعضهم انتحل إحدى قصائدى من شعر العامية- ونسبها إلى نفسه بأحد البرامج وآخر نشر إحدى قصائدى باسمه فى مجلة "أدب ونقد"، وأشهر سرقتين أدبيتين، كانتا التعدى على ديوان "واو.. عبد الستار سليم" وهما قضيتان مشهورتان، عُــرضتا فى ساحات المحاكم، وتم الحكم لصالح الديوان المذكور، وللأسف الشديد عدم وجود قوانين رادعة هو الذى جـرأ محترفو السطو على أن يتمادوا فى غيّهم، وهم واثقون بأن لا أحد سوف يحاسبهم، خصوصا أن التقاضى يستغرق وقتاً طويلاً جداً، مما يكلف المبدع جهدا ووقتاً ومالاً، فضلاً عن أنه يصرفه- بالقطع- عن مزاولة العملية الإبداعية، التى هى همه الأول والأخير.
كيف تجلى دور فن الواو فى توثيق ثورتى 25يناير و30يونيه؟
"فن الواو " فى بدايته كان مهتماً بغرض شعرى بعينه، ألا وهو الشكوى من الزمان وغدر الخلان وبعض الحِــكـَـم، ولكن نستطيع أن نقول الآن أنه تم تطويعه بدور أكبر، فقد أصبح يغطى كل الأغراض الشعرية التى كانت للقصيدة التقليدية، من وصف، وغزل، ومدح، وهجاء، وسياسة واجتماعيات، وهذا ما فعلته فى ديوان "واو.. عبدالستار سليم"، كما انتهيت من ديوان ينتمى لفن الواو عن ثورة 30 يونيه، على غرار الديوان السابق له، الذى رصد ثورة 25 يناير، وكان بعنوان "حكاية ثورة.. على الربابة" والذى قامت القناة الثانية بإنتاجه وإذاعته، ابتداءً من رمضان قبل الفائت، فى برنامج أسبوعى، وسوف تقوم بإنتاج الديوان الثانى عن ثورة 30 يونيه، وعليه فإننا نقول إن "فن الواو" كان له الدور البارز فى التفاعل مع الأحداث الجارية، واستطاع- فنياً- أن يرصدها رصداً إبداعياً بالتناغم مع فرقة الربابة للفنون الشعبية، التى تقوم بدور فنى فاعل وجدّى فى العودة بالمشاهد والمستمع إلى الجذور الشعبية، بعيداً عن البهرجة وبرامج "التوك شو " وبرامج التسلية الفجة وبرامج ملء وقت الفراغ.
ما وجه الشبه والاختلاف بين فن الواو ورباعيات جاهين؟
وجه الشبه هو أن فن الواو ورباعيات جاهين، يشتركان فى أن كلاً منهما مصاغ فى قالب "التربيع"، ذلك القالب الذى استهوى الفنان التلقائى من البداية، وذلك لحبه للشكل البنائى القصير والمركز، لسرعة التعبير من المبدع وسرعة الاستيعاب من المتلقى، فكل من "فن الواو والرباعية" يتكون من أربعة أشطر ويسمونها أربعة أقفال أحياناً. والمربع والرباعية كل منهما يقول قضية كاملة لا تحتاج إلى ما قبلها أو ما بعدها، أى أن كل مربع مستقل بذاته من جهة المضمون، وكذلك الرباعية، أما أوجه الاختلاف، فتتمثل فى أمرين: البحر الشعرى، وطريقة التقفية للشطرات أو الأقفال، فـفن الواو يُصاغ على بحر شعرى معين، هو بحر المجتث، الذى لا يأتى إلا مجزوءاً، أى بتفعيلتين اثنتين فى كل شطر والأصل فيه: ثلاث تفعيلات فى كل شطر، وتُـقـفـّـى صدور الأبيات معاً أى الأشطر الأولى وتقفى أعجاز الأبيات معاً أى الأشطر الثانية.
كما تـُـحلـٰٓــى القوافى- أحياناً بالجناس التام أو الناقص، التام فى اللغة هو اتفاق الكلمتين فى الأحرف الثلاثة الأخيرة من الكلمة، ترتيباً وتشكيلاً )، ومن "فن الواو " لى مربع يقول :
أول كـــــــلامـى ح ا صــــلـِّـــــــى
ع الـلـــى الــغـــــزالـــة مـَــشَـــت لـُــه
و ا حــــــكى عـــلى اللـى حـٓصل لـى
و ز ر ع هــمـــو مــى فْ مــشــا تـــلُــه
أما فى رباعيات "جاهين" فإن الصياغة الشعرية تكون على بحر شعرى مختلف، وهو "بحر السريع" وتفعيلاته مستفعلن مستفعلن مفعولات والتى تأتى تفعيلته الأخيرة بعد أن يُجرى عليها التغيير- الذى يسمونه الزحاف- على فاعلن، أما عن نظام التقفية فى الرباعية فهو يعتمد على تقفية الشطرين الأولين بقافيتن متشابهتين ثم تأتى قافية الشطر الثالث حرة، ويعود ويقفى الشطر الرابع بنفس قافية الشطرين الأولين. . ثم ينهى الرباعية دائما ب "لازمة " ثابتة، وهى كلمة "عجبى" تقول إحدى مربعات صلاح جاهين لــٓيــٓه يـا حـٓبــيــبــــتى ما بـيــنـّـــا- دايماً- سـَـــفَـــر
د ا الـبُــٓعـــد ذ نْــــــب كـْــــــبــير لا يُـــغــْـــٓتــفَـــر
لـــيـــه يـا حــٓبــيـــبــتى ما بـــيـــنّــا- دايماً- بــحـــور
أ عَــــدّ ى بــحــــٓر أ لا قــــــى غــــيـرُ ه ا تـْـــحــفَــــر
عجبى. .!!