على أنغام البيانولا كان يغنى "أنا دبت وجزمتى كعبها داب.. من كتر التدوير ع الأحباب.. يا سلملم لو أعتر فى حبيب.. دنا أرقص من كتر الإعجاب.. واتنطط واتعفرت واترقص..كدهوه كدهوه كدهوه" ولم يكن الرقص غريبا على طفل مصر الأبدى "صلاح جاهين"، الذى تمر اليوم الذكرى الثالثة والثمانون على ميلاده، فهو صاحب الروح الأخف والقلب الأنقى والصوت الأوضح من بين أصوات شعراء مصر، لم يشغل باله الوجه الظاهر من البشر بينما نظر إلى ما هو أبعد من ذلك فنظر إلى الأعماق، بحث فى الداخل فكتب شعرا عن نفسه نقرأه اليوم فنشعر أننا نقرأ عن أنفسنا وكأن جاهين كتب هذا الكلام لكل منا فقط.
ذات يوم سألوه ماذا كنت تريد أن تصبح فرد بمنتهى السرعة راقص باليه"، كانت أمنيته رغم سمانة جسده، لكنه كان خفيف الروح والجسد أيضا فقال عن نفسه "أنا اللى بالأمر المحال اغتوى.. شفت القمر نطيت لفوق فى الهوا.. طلته مطلتوش إيه يهمنى وليه مادام بالنشوى قلبى ارتوى".، فكان يرتوى قلبه بالنشوى، كما كان يروى قلوب كل من حوله فوصف قلبه قائلا "أنا قلبى مزيكا بمفاتيح .. من لمسة يغنيلك تفاريح .. مع إنى ما فطرتش وجعان.. ومعذب ومتيم وجريح... باتنطط واتعفرت واترقص... كدهوه كدهوه كدهوه".
استطاع صلاح جاهين أن يكتشف ما بداخلنا ويبهرنا بوصفه، يعلم متى نفرح ومتى نحزن ومتى ننكسر ومتى نحتار، كان يرى فى روح الإنسان فراشة تسطيع التحليق والطيران لتحيا وتفرح وترقص، فتحولت روحه إلى قوة استطاع من خلالها أن يؤثر فى كل من حوله وهنا كتب عن نفسه "أنا قلبى كان شخشيخة أصبح جرس.. جلجلت بيه صحيوا الخدم والحرس.. أنا المهرج.. قمتوا ليه خفتوا ليه؟.. لا فى إيدى سيف ولا تحت منى فرس وعجبى!!، وهنا لا يمكن وصف صلاح جاهين بأنه شاعر ساخر بل كان ساحرا فكان لا يرى فى السخرية ضحك على النفس أو محاولة للتصدى للقهر والاستبداد والاستعمار بل كان يرى أن السخرية محاولة للتعالى الإنسانى على الألم وكل ما قد يسبب ألما أو قهرا أوذلا، فما كان يعنيه هو الإنسان فقط، لذلك بقى حيا بيننا حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة