قالت وكالة رويترز الإخبارية عن تفجير مدير الأمن بمحافظة الدقهلية إنه لو كان هناك أى أمل بأن تخفف السلطات الحملة ضد المعارضة، فإن التفجير الانتحارى الذى ضرب مديرية أمن الدقهلية بالمنصورة أمس قد دمره.
وأضافت الوكالة فى تحليل لها أن مصر تدخل العام الجديد بانقسامات أعمق فى المجتمع ومزيد من إراقة الدماء فى شوارعها أكثر من أية مرحلة فى تاريخها الحديث، وتبدو آفاق الديمقراطية أكثر قتامة مع كل عملية تفجير وكل اعتقال.
وتقول الحكومة إنها ستعيد مصر إلى الديمقراطية، وتوضح أن الدولة هزمت المسلحين الإسلاميين عندما شنوا موجات من الهجمات فى التسعينيات، إلا أن هذه المرة لديهم أسلحة وأيديولوجيات أكثر تشددا، ومثال مرير على تجربة ديمقراطية فاشلة تدفعهم لجعل مواقفهم أكثر صرامة على كافة الأصعدة.
ومثل كثير من أعمال العنف الأخيرة، فإن التفجير الذى أودى بحياة 16 شخص أمس كان أكثر دموية، وأسوأ من هجمات التسعينيات، فتكتيك المفجرين الانتحاريين لضرب قوات الأمن شائع أكثر فى العراق أو سوريا عن مصر، التى برغم كل تاريخ الإرهاب فيها هى واحدة من دول عربية قليلة لم تشهد حربا أهلية حديثة.
وتتابع الوكالة قائلة إنه فى ظل دعم الكثير من الرأى العام لدعوات المطالبة للحكومة باقتلاع الإخوان، فإن الحديث عن تسوية ليس موجودا، ولا يرى المحللون فرصا كثيرة، أو أية فرصة لاتفاق سياسى من أجل إرساء الاستقرار فى مصر التى تشهد اضطرابا منذ سقوط حسنى مبارك عام 2011.
وهناك مؤشرات على مزيد من التصعيد مع تحويل المعزول محمد مرسى وقيادات إخوانية أخرى للمحاكمة على اتهامات قد تؤدى إلى إعدامهم، وبعد تفجير المنصورة، أعلن رئيس الوزراء حازم الببلاوى أن الإخوان منظمة إرهابية.
وفى الوقت نفسه، فإن وتيرة الهجمات تشير إلى أن المسلحين يتخذون مركز الصدارة داخل الحركة الإسلامية، ما زاد من تقليص الآمال بوصول الدولة إلى تسوية مع المعتدلين، ويعزز من موقف المتشددين أو الصقور فى الحكومة، على حد وصف رويترز، وأحد النتائج المحتملة هى زيادة فرص أن يصبح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، رئيسا للبلاد.
ونقلت الوكالة عن مصدر عسكرى قوله إن الفريق لم يقرر ما إذا كان سيترشح للرئاسة أم لا، ورغم أن السيسى سيفوز بشكل شبه مؤكد لو ترشح، إلا أن المصدر قال إنه متردد، والسبب فى ذلك يعود إلى حبل المشاكل التى تنتظر الرئيس القادم، غير أن المحللين يقولون إن زيادة العنف تجعل ثقة السيسى ومن حوله فى تولى أى شخص آخر لمقاليد الحكم أقل احتمالا.
ويقول مايكل وحيد حنا، الخبير بمؤسسة القرن الأمريكية، إنه كلما زاد الموقف سوءا، كلما قلت احتمالات ان يصبح مرشح مدنى آخر قادر على تولى المسئولية، وأضاف أن هذا النوع من التدهور فى الأوضاع سيزيد الضغط على السيسى للترشح.
وأشارت رويترز إلى أن الحشود التى تجمعت أمام مديرية أمن الدقهلية أمس لإبداء دعمهم لقوات الأمن لوحوا بصورة السيسى.
ومن ناحية أخرى، قالت الوكالة إن الدماء التى أريقت منذ عزل مرسى أثارت مقارنات من قبل البعض بين مصر والجزائر، ورفض البعض المقارنة وقالوا إن إخفاقات المسلحين فى مصر فى الماضى يجب أن تبعد الإسلاميين عن أن يسلكوا الطريق نفسه، ومع انتشار الهجمات خارج سيناء، تتعقد المخاطر بكميات الأسلحة الكبيرة المهربة من ليبيا.
ويقول مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إن تلك الحادثة تحديدا تدل على أن الجماعة التى تعمل فى المنصورة منظمة جيدا، ومسلحة جيدا وتمتلك القدرة، وهذا يشير إلى صعوبة أى نوع من التسوية بين الحكومة والجماعات الإسلامية.
ويعتقد محللون أن المؤسسة الأمنية تحكم قبضتها الآن على مسار الحكومة، وأعادت تأكيد نفوذها السياسى الذى تضاءل بعد ثورة يناير، فيقول ناثان براون، الخبير بمركز كارنيجى، لأن ما نراه الآن هو جهاز أمنى يبدو خارج السيطرة، على حد وصفه، يلاحق الأفراد والجماعات التى يحمل ضغينة منها، ويضيف: قد نسمع فى بعض الأحيان لغط بأن من يتولون القيادة يشعرون بالقلق من أن الإجراءات القاسية المفرطة ستجعل الانقسامات السياسية تزدادا سوءا، ويجب أن يكون هناك تقليل للحملة الأمنية، لكن تفجير المنصورة سيؤجل هذا الأمر.
من جانبه، يقول خالد داود، السياسى الليبرالى، إن موجة هجمات الإسلاميين ستجعل دعوات المصالحة أقل شعبية، وأضاف داود الذى ظل يدعو للتسوية حتى بعد تعرضه لاعتداء من جانب عناصر الإخوان فى أكتوبر الماضى، أنه فى أى بلد يشهد إرهابا، فإن آمال الديمقراطية والحريات العامة تعانى من تراجع، وهذا هو قانون الجاذبية.
رويترز: الإرهابيون فى مصر يمتلكون أسلحة أكثر وأيديولوجيتهم أكثر تشددا عن التسعينيات.. وتيرة الهجمات تشير أن المسلحين يتخذون مركز الصدارة داخل الحركة الإسلامية.. ومصدر عسكرى: السيسى متردد فى الترشح
الأربعاء، 25 ديسمبر 2013 07:53 م