بعد نجاح الأمن فى القبض على جميع قيادات الصف الأول والثانى لجماعة الإخوان، أصبح طلاب الجماعة هم من يقودون حركة التظاهر ضد الدولة الآن فى عدد من الجامعات، وعلى رأسها جامعة الأزهر التى كنا نعتبرها المؤسسة الإسلامية الوسطية السمحة التى تخرج دعاة ومفكرين مجددين وبعيدين عن روح التعصب والتطرف، إلا أن أجواء وأفكار طلاب جامعة الأزهر تؤكد أن الجامعة تحولت إلى مصنع للتطرف من الإخوان والسلفيين الذين يروجون لخطاب تكفير الدولة والأقباط والليبراليين والأمن، وأن الحل هو العودة لشرع الله «الذى يعروفنه هم فقط»، تطاول طلاب الإخوان طال شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول فكر هؤلاء الطلاب بعد اخترق الإخوان والسلفيين المؤسسة الوسطية، وتأثير بعض الكتب والمناهج التى يدرسونها فى الترويج لهذه الأفكار المتطرفة.
«اليوم السابع» رصدت أراء كثير من الطلاب داخل جامعة الأزهر فرع مدينة نصر، والتى تضم أكثر من خمسين كلية، موزعة بين الكليات الشرعية أهمها: التربية والدعوة والدراسات الإسلامية وأخرى علمية، أهمها الطب والهندسة وطب أسنان وعلوم وحاسبات ومعلومات، الملاحظ فى الأمر أن الطلاب تحولوا مع كثرة الاعتقالات وحادث وفاة أحد زملائهم الطالب بكلية الطب، إلى المطالبة بالإفراج عنهم، بعد أن كانت مطالبهم سياسية بحتة تتمثل فى عودة نظام المعزول، وبتدقيق الأمر لوحظ أن الكليات الأكثر تفاعلا مع التظاهرات هى الكليات التى ستصير أكثر تفاعلا - فيما بعد - مع الجمهور وهى كليات: الدعوة والتربية والشريعة والقانون، والدراسات الإسلامية، بينما قل عدد المتظاهرين فى الكليات العملية، وخاصة علوم، وباستثناء كليتى الهندسة والطب واللتين تمثلان بؤراً لأفكار متطرفة لا تتسق مع مستوى التعليم الجامعى فى الكليتين.
الملاحظة الأخرى أن معظم الطلبة رفضوا التصوير وقال أحدهم صراحة: إنه يخاف الحديث مع الصحافة والإعلام لاعتقاده كونهم تابعين لرجال الأمن داخل الجامعة أو خارجها، وقام بعضهم، خاصة المعروف انتماؤهم للإخوان، بتصوير المحرر كنوع من الاطمئنان، حسب وصفهم، يضاف إلى ذلك، أن انشقاقات السياسة انسحبت إلى خريطة الطلاب، بحيث نجد تجمعات لأنصار حزب النور، وهؤلاء معظمهم ينتمون لمحافظات الصعيد، اعتادوا مؤازرة شباب الإخوان، رغم رفض الإخوان لهم، وإن كانوا يبطنون ذلك.
مناقشة عدد من طلاب الأزهر كشفت أن أفكارا مثل تكفير الأقباط والليبراليين، والنظرة الجنسية للمرأة، هى الأكثر سيطرة على عقول هؤلاء، بالإضافة إلى أن تردى مستوى أساتذة الجامعات الثقافى أسر سلباً على الطلبة بالضرورة.
«سامح.ع» رابعة هندسة مدنية، شعبة «أشغال»، من أبناء مدينة كفر الشيخ، سألناه: لماذا وصلنا إلى تلك المرحلة من الصدام، قال: إنه يرفض الحديث للإعلام والصحافة التى اعتادت الكذب والخداع، وبتكرار السؤال، قال: إن المظاهرات وإضراب طلبة هندسة على وجه الخصوص، جاءت بعد التحقيق مع زميلهم محمد ماجد، عضو اتحاد الطلبة والمشرف على النشاط الرياضى بالاتحاد، والذى يحقق معه، ومن المنتظر فصله - «يعقب ذلك بسب عميد الكلية ورئيس الجامعة» - وفصل معه 700 طالب لم تحدد أسماؤهم بعد، وبالسؤال عن حقيقة الرقم «اخبرنا بأنه رقم متداول بين الطلبة ولايعرف أصله»!!
يضيف سامح، أن الطلاب لن يشاركوا فى الامتحانات، ولن يدخلوا اللجان حتى يفرج عن زملائهم، وبالسؤال حول جدوى المظاهرات وخطورتها، قال سامح: إن الأمن لا يعرف «ربنا» وقاموا بقتل طالب فى سادسة طب، وبمواجهته بالحديث النبوى «القاتل والمقتول فى النار»، قال سامح: إن للحديث مغزى غير هذه الحالة، معللا ذلك بأن الطلبة، يرون أن قوات الشرطة ظالمة ويجب مقاومتها سلمياً.
بجوار سامح، وقف شاب ملتح يدعى «حسن. م» الفرقة الثالثة، هندسة، ينتمى لحزب النور، أخبرنا أن الطلاب مظلومون ويواجهون بالاعتقالات وبالقتل، وهذا خارج إطار الشريعة الإسلامية، ونهانا عنه رسول الله، مضيفا: الطلبة اليوم أكثر إصرارا من ذى قبل للإفراج عن زملائهم المعتقلين، وأخذ الثأر لصديقهم «عبدالغنى» المقتول غدراً.
أما محمود أحمد «أولى تربية» من محافظة البحيرة فيقول، ردا على سؤالنا: هل توافق على الخروج فى مظاهرات وترى أن ما حدث انقلاباً، وتكفر الأقباط وتخرج اتباع التيار المدنى من الإسلام؟ فكان رده صادماً، وسألنا هل أنت مسيحى يعنى «نصرانى»، فأخبرته «لماذا هذا السؤال»، فقال، إنه يرى أن كل من لا يتبع الدين الإسلامى «كافر»، ومنهم كل أتباع الديانات السماوية، وبمواجهته بالإشارة القرآنية بأنهم «أهل كتاب»، قال لنا «الشيخ ابن تيمية وابن القيم» اتفقا على تكفير غير المسلمين، ومن يحذو حذوهم، فسألناه تقصد الليبراللين والعلمانيين، قال: «نعم» هم خارجون عن الإسلام بصحيح الدين، وعلى الرغم من آراء محمود الصادمة رفض التصوير، بذريعة خوفه من الحديث معنا، حتى لا يتهم من قبل رجال الأمن ويتم تحويله للتأديب.
أمام مدرج كلية الحاسبات والمعلومات، التقينا «معوض.ح» والذى بادرنا بالسؤال عن حقيقة الإعلام الكاذب الذى يلفق الحقيقة ولا يوصلها للناس، وكيف أن قنوات بعينها هى التى تبث الحقيقة الكاملة دون غيرها.
معوض أخبرنا بأنه على الرغم من ذلك، فإنه يرى ضرورة عودة المصريين لدينهم الصحيح الذى أخبرنا به المولى عز وجل ورسوله الكريم، منبها المجتمع، «من يغفل عن الدين وينساه، فسينساه الله تعالى»، قائلاً: «مصر تعج بالفساد فى كل شىء، وهو دليل واضح على بعد الناس عن الدين وعن تطبيقه».
يجلس معوض ونادر وعلاء وهم طلبة فى إحدى الكليات النظرية فى جامعة الأزهر، بالقرب من مبنى الكلية، «نادر» يعتبر أكثرهم تفتحا، ويرى أن ما حدث فى مصر ثورة مكتملة، والجيش قام بحماية الشعب، ولكن الداخلية بطبعها القديم هى من كانت نقطة سيئة فى تاريخ الثورة، بينما يرى علاء ما حدث هو انقلاب على رئيس شرعى، وفى محاولة لإثبات صحة خروج المظاهرات قال إنها تخرج للمطالبة بحقوق الطلبة، وهو مانفاه زملاؤه، وجرافيتى حوائط الجامعة التى كتب عليها عبارات مسيئة للجيش ولشيخ الأزهر وللفريق أول السيسى، فما كان من علاء إلا أن قال: المظاهرات تطالب بالشرعية المنتخبة.
«وائل.ح» أحد طلاب جامعة الأزهر، من محافظة بنى سويف، يرى أن الإخوان أخطاوا بتكفير الناس، وبالانتساب إلى الدين زوراً، إلا أنه بالمناقشة يتضح من ثقافته العامة، أنها لا تتفق مع طالب جامعى أزهرى، فرغم اتفاقه على أن الإخوان لا يعلمون صحيح الدين، ويتاجرون به، فإنه مع سخونة الحديث، يقول نصاً: «شيخ الأزهر مجرد شخص تابع للسلطة وتوجهاته من توجهات السلطة الحاكمة»، ويضيف: «نساء مصر لو صلحن سيصلح حال مصر، لو احتشمن وابتعدن عن التبرج والتزمن بيوتهن، لقلت الفتنة»!!.
«عادل. ا» طالب فى رابعة دعوة، أحد أبناء محافظة القليوبية، يقول: هناك فى كتب الفقه ما يدعونا إلى عدم الخروج على الحاكم، وذلك حتى لو «كسر ظهرك»، معتبراً ما يفعله رجال الأمن، يقع فى إطار البطش واستخدام القوة المفرطة دون مبرر، ويجب الوقوف والتصدى له، وعلى الرغم من تأييده للفريق أول عبد الفتاح السيسى فى قراره فى حماية الشعب، فإنه يرى أن رجال الشرطة، لايراعون الله فى تعاملاتهم، وإن لم تردعهم قوة القانون الوضعى، فيجب إقامة الحد عليهم من قبل ولى الأمر، عادل الذى بدا شاحب الوجه، أصر على أن علماء الأمة هم الأولى بالحديث للناس عن كل السياسيين، حتى يعود العامة إلى حضن الدين بعد أن حاربهم العلمانيون. يجب إقامة الحد عليهم من قبل ولى الأمر.
