مجدى جورج يكتب: قانون التظاهر ويوميات متظاهر

الإثنين، 02 ديسمبر 2013 11:06 ص
مجدى جورج يكتب: قانون التظاهر ويوميات متظاهر صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ويومياتى كمتظاهر بدأت منذ حوالى ربع قرن، ولم تكن تظاهرة بالمعنى الصحيح، بل كانت ندوة فى مقر الحزب الناصرى بطلعت حرب تضامنًا مع ما فعلته منظمة ثورة مصر بقيادة ضابط المخابرات السابق محمود نور الدين، والتى كانت قد بدأت عملياتها عام 1984 باغتيال أحد أعضاء السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، وقد نظمت هذه الندوة تقريبًا فى 1987 تأييدًا لمحمود نور الدين وأصحابه الذين قبض عليهم فى هذا الوقت، وقد هتفنا فى مقر الحزب ضد الوجود الإسرائيلى بالقاهرة وقمنا بإخراج العلم الإسرائيلى من شباك المقر وحرقه، وهنا تدخل الأمن المركزى الذى كان يحاصر المقر وقذفنا بالقنابل المسيلة للدموع، ثم بعدها بعامين تقريبًا قام الأمن المركزى أيضًا بقذفنا بالقنابل المسيلة للدموع عندما حاولنا الخروج من مقر حزب التجمع بكريم الدولة تأييدًا للانتفاضة الفلسطينية، ثم بعدها بأكثر من خمسة عشر عامًا عندما شاركت فى مظاهرة حركة كفاية بميدان مجمع المحاكم بالمنيا وكنا بضع عشرات فى حضور مئات الجنود من قوات الأمن المركزى ولم يتعامل معنا الأمن بأى خشونة بل نبه علينا بإنهاء التظاهرة بعد وقفتتا الاحتجاجية ضد نظام مبارك.

هذا عن مصر حيث لم نكن نعرف ماهية قانون التظاهر ولم نفكر فيه ولكننى بدأت أدرك معنى وجود قانون للتظاهر ووجود قوات شرطة تحمينى كمتظاهر وتحمى المجتمع ولا تعطل شئون الناس، أدركت كل هذا عندما قدمت إلى فرنسا فى تسعينيات القرن الماضى، وبدأت طريق التظاهرات من أوله كمتظاهر يحمل شمعة بسيطة فى ساحة تريكاديرو احتجاجًا على مذبحة الكشح، ثم انتقلت من مجرد مشارك بسيط إلى موزع للمنشورات ثم كاتب لها وأخيرًا إلى المشاركة فى تنظيم هذه المظاهرات، ومع الوقت تغيرت نظرتنا وخرجنا من الحيز الضيق بدفاعنا فقط عن حقوق الأقباط إلى الحيز الأرحب وهو تبنى كل القضايا المصرية وتطورت مطالبنا من محاكمة المعتدين على الاقباط وإقالة حبيب العادلى ومن مطالبة مبارك بالتدخل لإنصاف الأقباط إلى المطالبة بإسقاط النظام ككل، وبعد أن كانت تظاهراتنا يغلب عليها المشاركة القبطية أصبحت تشمل جميع المصريين.

نظمنا وشاركنا فى عشرات التظاهرات وكانت كل الأمور تسير بيسر وسهولة حتى عندما نظمنا مظاهرة ضخمة ضمت أكثر من خمسة عشر ألفًا واخترقت الشوارع الباريسية احتجاجًا على ما حدث لدير أبو فانا، فقد كانت الشرطة تحمينا وتغلق بعض الشوارع أو أجزاء من الشوارع لتيسير مرورنا بها ولعدم تعطيل حركة السيارات فى نفس الوقت.

ومن واقع معاش هنا بباريس فإن أى تظاهرة كنا تنظمها لابد أن تتوفر لها شروط عدة لنتمكن من الحصول على التصريح ومن هذه الشروط:

أولاً: ضرورة إبلاغ الشرطة قبلها بأسبوعين على أقصى تقدير أو ثلاثة أيام على أقل تقدير.

ثانيًا: لابد من تسجيل أسماء المنظمين ومعرفة الهدف من المظاهرة وتوقعاتنا بعدد من سيشارك بها.

ثالثًا: لابد من تحديد مكان التظاهرة مع حقهم فى رفض المكان المقترح واقتراحهم لأماكن بديلة حيث إن هناك أماكن كثيرة محظور فيها التظاهرات.

رابعًا: لابد من تحديد ماذا سنحمل بالضبط هل ستكون هناك طبول أو يافطات أو ميكروفونات أو صافرات؟

خامسًا: لابد من تحديد مواعيد بدء التظاهرة ومواعيد انتهائها وكانت كل وقفاتنا تنتهى تقريبًا الساعة السادسة مساء.

وطبعًا هناك متابعة منهم وهناك قوات تحيط بالتظاهرة ولا يمكننا التعامل مع الشرطة إلا بكل احترام فهناك عقوبات صارمة لكل من يتعدى على الشرطة حتى بالقول، كما توجد أيضًا غرامات ضخمة حال المخالفات الأخرى وأيضًا لهم الحق فى عدم إعطاء أى تصريحات أخرى للمخالفين فيما بعد، ولو كان هناك استعمال للعنف فإنه من حق الشرطة التدخل بكل الوسائل بما فيها استعمال السلاح.

لم نكن عندما تظاهرنا فى مصر نهتم بوجود قانون للتظاهر لأن قوانين الطوارئ فى عهد مبارك كانت تمنع تجمهر أكثر من عشرة أفراد معًا، ولكننا أدركنا عندما قدمنا إلى فرنسا أهمية هذا القانون الذى لا يحرمنا من حقنا فى التظاهر أبدًا ولكنه ينظمه بحيث يحمى المتظاهرين ويحمى المجتمع ومنشآته العامة والخاصة ولا يعطل مصالح الناس.

لذا فإننى استغربت أيما استغراب عندما وجدت حجم الاستهجان والرفض لقانون التظاهر الجديد الذى أقرته حكومة الببلاوى ببلدى الحبيب مصر، وزاد استغرابى عندما لاحظت أن الرفض الأكبر لم يأت أساسًا من جماعة الإخوان ومن ولاها ولكنه للأسف أتى من قوى ثورية ومدنية وجمعيات حقوق إنسان تتشدق طوال الوقت بالدفاع عن حقوق المواطن، فهذه القوى كان يجب عليها مع الاهتمام بحقوق المتظاهرين أن تهتم أيضًا بحق المواطن العادى بحيث يستطيع أن يمارس حياته ويذهب إلى عمله بدون إزعاج ولا خوف ولا تعطيل.

كما استغربت من موقف أمين عام الأمم المتحدة بان كى مون وموقف بعض الدول الأخرى كالولايات المتحدة الأمريكية التى يوجد بها قانون للتظاهر بعض بنوده أشد قسوة من القانون المصرى.
يا سادة رحمة بمصر وبشعبها الذى عانى من كل صور الفوضى على مدى الثلاث سنوات السابقة وآن له ان تستقر أموره بعض الشىء، يا سادة قد نتفهم أنه قد يكون هناك خطأ فى توقيت إصدار القانون وقد نتفهم أيضًا أن هناك بعض البنود التى تحتاج إلى التعديل ولكن ما لا نتفهمه ولا نستوعبه هو مطالبة البعض بإلغاء القانون كليًا وأن نستمر فى هذه الفوضى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة