لتتعرف على أكثر المجتمعات قمعا، ابحث داخل السجون وبين كشوف المعتقلات على أسماء الصحفيين، بمجهود قليل، ستكتشف أن تركيا تتصدر للعام الثانى على التوالى قائمة الدول التى تسجن أكبر عدد من الصحفيين فى العالم، تليها بفارق بسيط إيران والصين، وذلك وفقًا لتقرير دولى نشرته لجنة حماية الصحفيين مؤخرًا.
الصدمة الأكبر، أن تركيا البلد التى استطاعت تحقيق مكاسب اقتصادية على مدار الأعوام الأخيرة، لدرجة تباهت معها بأنها أول بلد تحت حكم "السامى"، تستطيع سداد جميع ديونها، إلا أن الستار كان يخفى العيوب، وأولها القمع السياسى لرئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان للمعارضة التركية، لدرجة دفعته لاستخدام العنف لمواجه الاحتجاجات فى الشارع.
بعدما كان ينظر العالم العربى لشخص أردوغان، بأنه الزعيم القدوة، تحديدًا بعد الربيع العربى، حيث كانت التجربة التركية هى أفضل آنذاك لنحذو حذوه، تحديدًا بعد سداد تركيا ديونها كاملة، فضلا عن إعلانها دولة علمانية، والتشدق بالحفاظ على الحقوق التركية، والارتقاء بالفن، والثقافة، والعلوم، والتباهى بحماية حقوق الأقليات التركية، إلا أن كل عوامل الإبهار السابقة تحطمت على صخرة سقوط النظم الإسلامية، تحديدا فى مصر، ليظهر الوجه الآخر لشخص أردوغان.
بعد سقوط النظام المصرى الإسلامى، الذى كان يتزعمه الدكتور محمد مرسى، صاحب الأيدلوجية الإسلامية، التى ينتمى لها رئيس الوزراء التركى وحزبه الحاكم، بدأت شعبية أردوغان تتساقط، داخل تركيا، وعلى المستوى الدولى، ففى البداية اكتسب عداوة المجتمع العربى، بسبب تصريحاته المناهضة لثورة 30 يونيو، وتأييده لنظام جماعة الإخوان المسلمين، ووقوفه بتصريحاته ضد إرادة الشعب المصرى، ثم استضافته لاجتماعات التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا، ومؤخرا سماح نظامه بإطلاق قناة إخوانية من تركيا.
تزايد معدل انخفاض أسهم النظام التركى داخليًا، بعد استخدام نظام أردوغان لجميع وسائل القمع ضد المحتجين الأتراك، وزيادة اضطهاده للفئة الكردية التركية، الأمر الذى أسفر عنه سقوط عشرات المصابين، واعتقال المئات، ليستمر القمع التركى لدرجة وصلت لإشعال مواطن النار فى جسده، وذلك فى ذكرى استشهاد المواطن التونسى بوعزيزى.
كما كان للموقف التركى تجاه أزمة اللاجئين السورين العديد من السقطات، حيث بدأ النظام مؤخرًا بعد الاهتمام بهم، لدرجه أدت لارتفاع حالات الوفيات بين اللاجئين بسبب عدم توفير الخدمات اللازمة لحماية السورين من تقلبات الطقس السيئ، على حساب دعم أردوغان للمعارضة فى سوريا بالسلاح.
يأتى أخيرًا، تقرير لجنة حماية الصحفيين، بتصدر تركيا للعام الثانى على التوالى أكثر البلاد قمعًا للصحفيين، حيث قالت اللجنة، وهى منظمة دولية مستقلة معنية بحماية حرية الصحافة فى العالم، ومقرها نيويورك فى بيان نشرته اليوم، يتضمن إحصاءاتها السنوية للصحفيين السجناء فى العالم، إن بقية الدول التى ظهرت على قائمة أسوأ 10 دول من حيث سجن الصحفيين، فهى إريتريا، وفيتنام، وسوريا، وأذربيجان، وإثيوبيا، ومصر، وأوزبكستان.
وأضاف البيان، أنه كان يوجد فى الإجمالى 211 صحفياً خلف القضبان فى أول ديسمبر 2013، ولا تشمل قائمة لجنة حماية الصحفيين العدد الكبير من الصحفيين الذين سجنوا ثم أفرج عنهم على امتداد العام، مشيرا إلى أن عدد الصحفيين الذين تم سجنهم من قبل حكومة بشار الأسد فى سوريا، تقلص من 15 فى العام الماضى، إلى 12 فى العام الحالى، إلا أن هذا الإحصاء لا يشمل عشرات المراسلين الصحفيين الذين جرى اختطافهم، أو الذين يُعتَقَد أنهم مُحتَجَزون من قِبَل جماعات المعارضة المسلحة، وبحلول نهاية عام 2013 بلغ عدد الصحفيين المفقودين فى سوريا نحو 30 صحفياً.
وأشارت المنظمة المستقلة، إلى عدة تغييرات بارزة فى توزيع الصحفيين السجناء فى هذا العام، موضحة أن عددهم فى فيتنام بلغ 18 صحفيًا مرتفعًا عن العدد فى العام الماضى الذى بلغ 14 صحفياً، وذلك لتصاعد القمع الذى تمارسه السلطات ضد المدونين.
تقرير دولى يكشف تربُع تركيا على عرش قمع الحريات.. تركيا الأكثر سجنًا للصحفيين للعام الثانى على التوالى.. تزايد وتيرة الاحتجاجات الشعبية.. وارتفاع المؤشر سنويًّا يهدد مستقبل "أردوغان" بالداخل
الأربعاء، 18 ديسمبر 2013 02:41 م