قصصت فى المقالات السابقة كيف يمكن أن تكون حياة أطقم الضيافة باهرة وممتعة، غير أن الأمر لا يخلو من المخاطر الحقيقية التى قد تؤدى إلى كوارث، وهذا شىء حقيقى، غير أن ما اكتسبته كمضيف جوى بعد بضع مرات لاح فيها وجه الخطر الحقيقى هو روح المغامرة، التحدى العلمى والتقنى والاجتماعى الذى وصل إليه الإنسان فى مواجهة أخطار الطبيعة وفى مواجهة أن تكون على المحك.
فيما قام إنسان آخر بصناعته والأخطر أن تتواجد مع طاقم قد يكون خطئه هو سبب فى كارثة، وأقصد الطيارين، فإن معظم حوداث الطيران ترجع لأخطاء الطيارين، لكن ماذا لو كانت العوامل الطبيعية غير المتوقعة هى ما نواجه، هذا ما حدث فى أثناء طريقنا إلى لندن فوق البحر المتوسط.
بدءا وفى غرفة الاجتماعات حيث نناقش التفاصيل المختلفة للرحلة ونقوم باختبارات السلامة الشفوية، دخل قبطان الطائرة ومساعده فى شىء من الهدوء والثقة الكبيرة، كان إنجليزى الجنسية على ما اعتقد، طويل القامة أشيب الشعر، مما يدل على أنه خبرة فى هذا المجال، ولا أدرى من أين جاء هذا الهاتف فى داخلى أن غلطة الشاطر بألف، فقد كان مفعم بالثقة فى سرد تفاصيل الرحلة، وهنا استجمعت قواى النفسيه استعدادا لأى طارئ على غير العادة، فقد كانت معظم الرحلات تمر فى شىء من الابهاج، والعامل النفسى هو عامل مهم جدا فى حياة أى إنسان، كثير من حالات الوفيات فى الحوادث وغيرها تحدث بسبب الصدمه العصبية أو النفسية.
بعد الإقلاع بساعتين تقريبا، قام قائد الطائرة بتشغيل زر العودة إلى المقاعد نظرا لبعض المطبات الهوائية، وهو أمر روتينى ومعروف فى أجواء الطيران، فى الحقيقة بضع ثوان بعد هذا التوجيه، وقبل أن نقوم بتفقد الركاب لأتباع التعليمات، هوت الطائرة فجأة بضع الآف من الأقدام، هذا ما شعرنا به جميعا، وبدأت الطائرة فى الارتجاج بشدة فى كل الاتجاهات، وهذا ما دفعنى للاطمئنان داخليا فما دامت هناك اهتزازات وإن كانت عنيفة فإنها تعنى أن الأمور تحت السيطرة، وهذا أفضل من مراقبة الطائرة تهوى وأنت لا تدرى ماذا تفعل.
بالكاد استطعنا العودة إلى مقاعدنا وربط أحزمة الأمان، ولم نتمكن من تفقد الركاب، فحياتك أهم، وهذا أول درس عند حدوث أزمة، ساعد نفسك قبل أن تساعد الآخرين، وبدأ قائد الطائرة بتكرير العبارة بشكل دورى (على أطقم الطائرة العودة إلى مقاعدهم)، ومما دفعنى للقلق هو أن مشرفة الدرجة السياحية بجانبى بدأت بالصلاة على طريقتها الخاصه، فقد كانت من الفلبين، وبت أسترجع تلك الدقائق التى هل "بها علينا قبطان الطائرة والذى تحدث عن خبرته أكثر من 20 عاما، ومشرفة الطاقم بجوارى وخبرتها أكثر من سبع سنوات، ورحت فى الحقيقه أقوم برسم الكارثة التى سوف يحكى عنها لاحقا، قبطان الطائرة خبير وغلطته بألف! المشرفة بجوارى تقوم بالصلاة، نداءات القائد تتكرر أن نعود إلى المقاعد! بالتاكيد كنا سوف نعود إلى المقاعد، فمع كل هذه الاهتزازات يمينا ويسارا وفوقنا وتحتنا سوف نعود إلى المقاعد، فيما هذا النداء المتكرر إذن؟ وعندها علمت أنه هو أيضا فى مأزق نفسى، تماما كما تسأل أطفالك أين ذهبت الحلوى، فيبادر الطفل منكرا، أنا لم أكلها واضع الغلاف فى القمامة! عندها بدأ القلق يتزايد، خصوصا أنه لم يخبرنا قبل الرحلة عن أى مطبات هوائة متوقعة، والسماء بجانبى صافية ولا توجد أى سحب! واستسلمت للأمر الواقع أنه لن أستطيع فعل أى شىء، نحن فى الانتظار!.. فى المقال القادم أقص لكم ماذا كان هذا الشىء الذى كاد يهوى بالطائرة.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
بهاء اسماعيل
الحمد لله انك بخير
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed Mohamed
فى انتظار الجزء الثاني
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الكيلاني
كل شئ بقدر الله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمدوائل اصابر
محافظة الشرقية قرية ميت حمل
اا باب سافر 6في السعودي شعرفي رحلة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كمال
من الاخر إنت كنت راكب الوطنية إستحالة تكون british airways أو air france!!
فوق