"مورتيس برخر" أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة "ليدن" الهولندية: "الإخوان" فوجئوا بحكم مصر ولم يكن لديهم برنامج.. والإسلام السياسى لا يزال متواجدا بقوة..برخر: لدينا 450 مسجدا الآن

السبت، 14 ديسمبر 2013 01:06 م
"مورتيس برخر" أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة "ليدن" الهولندية: "الإخوان" فوجئوا بحكم مصر ولم يكن لديهم برنامج.. والإسلام السياسى لا يزال متواجدا بقوة..برخر: لدينا 450 مسجدا الآن مورتيس برخر
حوار- رباب فتحى تصوير- ماهر إسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد البروفيسور مورتيس برخر، أستاذ الإسلام السياسى والشريعة الإسلامية، بجامعة "ليدن" الهولندية، أن جماعة "الإخوان المسلمين" فوجئت بحكم مصر ولم يكن لديها برنامج كما كانوا يدعون، مضيفا أنه رغم عزلهم عن حكم مصر إلا أن الإسلام السياسى لا يزال متواجدا بقوة فى الساحة السياسية المصرية.

وتحدث برخر، الذى يعد أحد كبار الباحثين المشاركين فى المعهد الهولندى للعلاقات الدولية، والذى ألف العديد من الكتب التى دافع فيها عن تطبيق الشريعة الإسلامية فى الغرب خلال حوار خاص لـ"اليوم السابع" عن الإسلام فى أوربا وكيفية تقبل المجتمع الغربى له خاصة فى هولندا، كما تناول فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى لمصر، ومستقبل الإسلام السياسى عقب ثورة 30 يونيو.

وإليكم نص الحوار..

كيف ولماذا اخترت أن تكون باحثا فى مجال الشريعة الإسلامية؟ وما هى أبرز التحديات التى واجهتك أثناء تحقيق ذلك؟
حقيقة الأمر، كان طريقا طويلا، حيث درست القانون ودرست اللغة العربية، ولم يكن لدى أصدقاء عرب أو مسلمين، ولم أكن أعلم شيئا عن اللغة العربية، وكنت أحب أن أكتب الخط العربى الجميل، وبسبب دراسة اللغة العربية، تخصصت فى مجالين مختلفين وتعلمت الكثير عن التاريخ والفلسفة والأديان، ومن هنا بدأت دراسة الشريعة الإسلامية والقانون الإسلامى والقانون الرومانى والقانون الهولندى، وعملت كمحامٍ لفترة من الوقت، ولكنى أردت دراسة الشريعة الإسلامية كما ينبغى لذا ذهبت إلى الشرق الأوسط وبقيت هنا لمدة ثمانية أعوام. ودرست القانون الإسلامى كمحامٍ وبعدها أدركت كم التداخل السياسى، وكيف تتداخل الديمقراطية والرعاية الاجتماعية مع الإسلام.

وعندما عدت إلى هولندا عام 2002، وكان هذا بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة، وبعد مقتل واحد من أشهر السياسيين الهولنديين المعادين للإسلام فى الشارع، وليس على يد مسلم، قررت أن أعيش فى هولندا كما كنت أعيش فى مصر وهولندا لأكتشف كيف تتعامل هذه الدولة مع الإسلام. وكان هناك منصب فارغ فى الجامعة فى مجال الإسلام المعاصر وتقدمت وحصلت على هذه الوظيفة.

أما عن التحديات، فكانت ضخمة، ومن الطريف أنك تسألينى هذا السؤال، فقبل أيام، طلب منى ناشرى أن أكتب قصة العشرة أعوام الماضية، لأنها كانت مشابهة للعبة الأفعوانية. ولأعطيك مثالا على هذا، عندما عدت إلى هولندا، دعتنى منظمات إسلامية هولندية ومغربية لأحاضر عن الإسلام، قلت لهم حينها، هذا سوء تفاهم، أنا لست بمسلم لأحاضركم، فردوا قائلين أنت درست بالشرق الأوسط ودرست مع شيوخ فى المساجد، بينما هم لم يفعلوا ذلك، فكان هذا بالنسبة لهم بمثابة عالم أشبه بالحلم، وبعد مرور 10 أعوام، دعيت من قبل أحد طلابى، وهو إمام لمسجد فى أمستردام، وطلب منى أن أقدم محاضرة عن الانتخابات لاقتراب موعدها لحث المسلمين على المشاركة، ولم أنطق سوى خمسة كلمات، وقف عشرة شباب وصرخوا "كافر"، وكان الأمر سيئا للغاية، وكانوا من بين طلابى، فى منظمة تدعو "الشريعة من أجل هولندا"، فى بادئ الأمر، شعرت بالصدمة، ولكن بعد ذلك أدركت أن هذا ما حدث خلال العقد الأخير، فهم كانوا فى بادئ الأمر يطلبون من أناس مثلى أن يتحدثون ولكن بعد ذلك، بدأوا هم يقررون بأنفسهم ما هو المهم، لم يعد يريدون أن يقول لهم أى غريب ما الذى يجب أن يفعلوه، فالأمر أشبه بعملية تحرير، وكان يتوجب على أنا أيضا أن أجد طريقى فى خضم هذا.


عشت فى القاهرة ودمشق لمدة سبعة أعوام حيث عملت كصحفى وباحث، متى كان ذلك وكيف تجد مصر الآن بعد ما مرت به من أحداث خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، وبعد الإطاحة بنظامين؟
فى عام 2000 عشت فى القاهرة، وحقيقة الأمر، هناك تغيرات كثيرة، وعندما جئت من قبل عندما كنت طالبا فى 1989، وقتها كانت مصر تتبنى سياسات اقتصادية جديدة، وكان الوضع مختلفا كليا، ولم أكن مندهشا لما حدث فى 11 فبراير 2011، ولكن بالطبع تفاجأ الجميع بالتوقيت، فلم يكن بإمكان أحد التنبؤ بمتى سيحدث ذلك. وأجريت العديد من الدراسات والأبحاث عما يريده العرب والمسلمين وليس فقط المصريين، وحقيقة الأمر، هم يريدون ديمقراطية وإسلام، وهذان هما الاتجاهان اللذان يسيران جنبا إلى جنب، الاتجاه الأول هو الإسلام الذى يكتسب أهمية كبيرة سواء بالتقوى الشخصية والرعايا الاجتماعية وكل أبعاده، لهذا الربيع العربى لم يكن له علاقة بالإسلام ولم يكن أى من المتظاهرين يرفع شعارات إسلامية أو يصرخ باسم الإسلام، أما الاتجاه الثانى فكان الديمقراطية.


هل يمكنك أن تشرح لنا المزيد عن هذين الاتجاهين فى ضوء ما حدث فى الثورة المصرية وما أسفرت عنه من حكومة إسلامية لم يرض الجميع عن أدائها، فكانت الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيو، وفى ضوء دراستك للإسلام السياسى، كيف تقيم أداء حكومة الإخوان المسلمين؟
أعتقد أن ما حدث هو أن جماعة الإخوان المسلمين فوجئت، ورغم أنهم فازوا فى الانتخابات، إلا أنهم فازوا بها لأنهم كانوا الحركة الوحيدة المنظمة، وأتذكر دراسات من التسعينيات تقول إنهم كانوا الجماعة السياسية الوحيدة، ولكنهم لم يكن لديهم الفرصة للانخراط فى المشهد السياسى، على عكس القوميين والاشتراكيين، لذا انطلاقا من مدى تنظيمها، تمكنت من الفوز بالانتخابات ولكنهم كانوا تائهين، لأنهم لا يعرفون كيف يحكمون، لأنهم لم يمارسوا الحكم يوما، ولا أعتقد أنهم كان لديهم حقا برنامج، وأعتقد أنهم بدأوا بتطبيق الشعارات مثل "الإسلام هو الحل"، ولكن ترديد الشعارات لن يساعدك فى الوصول إلى أى مكان. أما الشىء الثانى، فيتعلق بالتقليد القانونى، الذى هو ربما أقوى تقليد يوجد بمصر، وتونس أيضا، فى كل الحكومات التى سبقت، كان النظام القضائى مستقلا، وهى مهنة يعتز بها أصحابها فى مصر بشكل كبير فى مصر، ورغم أننى أراقب الوضع من الخارج، إلا أن الانطباع السائد لدى حول الصراع فى مصر كان ينحصر على الخلاف بين السلطة القضائية والرئيس، والقضاة لم يكن ليستسلموا بسهولة، ولا يمكنك (كرئيس) أن تغير الدستور لأن هناك إطارا يدعم ذلك، وكان لدينا فى هولندا موقفا مشابها، إذ كان هناك حزب معادى للإسلام وحصل على أغلبية الأصوات وكانوا يحاولون تمرير جميع أنواع التشريعات، ولكنهم تعثروا. ويمكن للجميع أن يكون لهم فما كبيرا، ولكن فى نهاية المطاف، هناك منظومة تعمل من خلالها. أعتقد أن الخطأ الذى وقعوا فيه أن المرء يعتقد أنه عندما يكون لديه الأغلبية، فإنه بإمكانك أن تكون مثل الديكتاتور وأن تفعل ما تريد أن تفعله، ولكن ليس هكذا تدار الأمور. ولهذا أعتقد أن الأمر لم يكن مقبولا.


من وجهة نظركم، هل استطاع الإخوان المسلمين تطبيق الإسلام السياسى؟ وهل أساء المصريون إدراك معنى الإسلام السياسى، وهل سيؤثر خفوت نجمه على الدول الأخرى؟
أعتقد أن الإسلام السياسى لا يزال متواجدا بشكل قوى فى مصر ولكن بطرق مختلفة. أولا هناك ما أدعوه بالتدين الشخصى، وأغلبية المصريين هكذا، أشخاص متدينون للغاية، وهذا أمر شخصى. أما الوجه المقابل لهذا القطاع، فهو ذلك الذى يقول إن الإسلام يملى على السياسية ما ينبغى أن تكونه، وما بين هذا وذاك، وذلك ما كان مفقودا، ولم يدركه الإخوان المسلمين كذلك، هو أن الإسلام يمكن أن يكون إلهاما للسياسة، وهذا أمر مختلف كليا. وفى أوروبا مثلا كان لدينا تقليد للديمقراطية المسيحية، حيث لم تكن هناك إرشادات من الإنجيل، ورغم أن بعض الأحزاب كانت تقول إن الإنجيل هو الحقيقة المطلقة، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالسياسة، ينبغى أن يكون هناك إلهام، لأنه لا يمكن أنه يكون الدستور، لأنه لا ينص على كيفية الحكم.


كيف ترى مستقبل الإسلام السياسى إذا فى مصر بعد سقوط حكومة الرئيس السابق محمد مرسى؟
هناك اتجاهان كلاهما بغاية القوة والتماسك، الأول الإسلام والثانى الديمقراطية ولا يمكنك التخلص من إحداهما، لأنه لا يمكن أن تقبل بدكتاتورية علمانية، لن يقبل بها المنادون بالديمقراطية ولا من يرون الإسلام مهما للغاية، ومن ثم لن تصلح. لذا ينبغى العثور على طريق جديد، أما فيما يتعلق بالجانب الإسلامى، فسيكون عليه أن يتعافى لأنه بالطريقة التى تبناها قبل ذلك لم تنجح لأنه لم يكن مستعدا. ولكن الإسلام مهما للغاية لحياة معظم الناس، أما عن الديمقراطية، فينبغى التعرف على كيفية التعامل مع الآراء المختلفة على كل الأصعدة، وعلى الإخوان المسلمين أن يتعلموا أن يعيشوا مع من لا يوافقهم الرأى ومع غير المسلمين، ومع هؤلاء الذين لا يريدون أن يكونوا مسلمين. والعكس صحيح، إن تم انتخاب الإخوان فعلى الناس أن تتعامل مع ذلك أيضا. الديمقراطية عمل صعب، ولا تحدث من تلقاء نفسها، فهى ليست نظاما تضعه، ثم تسير الأمور وحدها وفقا له، وإنما عمل شاق.


هل تعتقد أن المصريين لم يدركوا بعد معنى الديمقراطية؟
بالطبع هم يعرفون، ولكنهم يناضلون الآن مع المعانى المختلفة، وإحداها الذى أطلق عليه معنى 50+، وهو أن يكون لديك أغلبية بفارق ضئيل، فإن كنت فائز بنسبة 1% لا يعنى أنك تستطيع أن تفعل ما يحلو لك، وأجد أنه فى الماضى كان التركيز على الديمقراطية حتى فى الغرب يكون عن طريق الانتخابات، إلا أن الانتخابات تمثل فقط بداية عملية الديمقراطية. وما يدعو للاهتمام فى مصر هو وجود الهيكل الكامل للديمقراطية على الأقل على الورق، ولكن كيف ستتعامل معه.


من وجهة نظركم، ماذا سيكون موقف الإسلاميين من الانتخابات المقبلة؟ هل تعتقد أن بإمكانهم أن يحققوا انتصارا؟
أعتقد أنه وفقا للوضع الحالى، سيتجنبون جذب الانتباه ولكن هذا سيكون وضعا مؤقتا، لأن ما يدافعون عنه ويفكرون فيه لا يمكن إيقافه ولكن ينبغى أن يتم إصلاحه بطرق معقولة. وأظن أنه كان هناك سوء فهم لما أرادته الحكومة الإسلامية وما توقعه الشعب الذى لم يكن ينتظر بالضرورة الديمقراطية وإنما التوظيف واقتصاد قوى، ولم يكن هذا جزءا مما كانت تتعامل معه الأحزاب الإسلامية فى هذا الوقت، وكان لدى انطباع بأن لديهم أجندة متعلقة بالسلطة وأجندة أخلاقية تقتضى أن يتصرف الناس بصورة معينة. وإن كنت فى مناخ ديمقراطى، وبدأت حكومة تقول للناس كيف يتصرفون، تصبح ديكتاتورية سواء أكانت هذه الحكومة علمانية أو دينية.

هل تعتقد أن الحكومات الإسلامية يمكنها أن تنجح فى الحكم، وهل هناك آلية لتحقيق ذلك؟
نعم، أعتقد أنها يمكن أن تنجح، فالسياسة والدين يمكنهما النجاح معا، ولكن يعتمد الأمر على كيفية عمل هذا، وإن خدم الدين كملهمٍ للسياسة، سينجح الأمر ولكن هناك شرطين، الأول عامل الدستور وحماية الحقوق حتى هؤلاء الذين تختلف معهم، أما الثانى، فلا يمكنك أبدا أن تقول للناس ما ينبغى أن يقوموا به.


فى كتابك "تطبيق الشريعة الإسلامية فى الغرب"، دافعت عن تطبيقها، هل يمكن أن تنجح فى الغرب؟
ما دافعت عنه هو أنه داخل المنظومات القانونية فى الغرب، هناك بعض الأشياء التى يمكن أن تفعلها وأخرى لا يمكن أن تفعلها وهناك حريات، وإن كنت تستطيع من خلال هذه الحريات أن ترتب الحياة بالطريقة التى تريدها، وحدث ذلك من خلال الشريعة، فلما لا. والمشكلة هو أنه عندما يسمع الناس كلمة "شريعة"، يفكرون دائما فى قطع الأيدى والرجم، وهذا يسمى قانون العقوبات، وقانون العقوبات لدينا دولى ولن يقبل بهذا، ولن يكون هناك أبدا مثلا إعدام عام فى ميدان. والشريعة لا تتطرق فقط للعبادات وإنما للعلاقات بين الناس، وكيفية تعاملهم مع بعض. وهناك توجه عام للمسلمين فى الغرب على سبيل المثال مع مشكلة الديون وفائدة البنوك، غير أن هناك بعض الترتيبات التى يمكن عملها، هذا شريعة. وهناك عدد قليل من المسلمين الذين ينبغى أن يفعلوا عملا جيدا فى التطوير والتنمية لمساعدة البلاد على النمو، وهذا أيضا جزء من الشريعة.

قانون الأسرة، ربما يكون الأكثر جدلا، وهنا أنا أتخذ موقفا ربما لا يوافق عليه الجميع، فنحن لسنا مثل مصر، حيث يوجد لدينا نظام قانون مدنى، وبداخل هذا القانون، يسمح لك أن تنظم علاقتك الزوجية وفقا للدين الذى تتبعه، وكان لدينا على مدار قرون محاكم يهودية، ومحاكم كاثوليكية، فلماذا لا يكون لدينا محاكم إسلامية، ما مشكلة تحقيق ذلك. وهناك مناقشات جيدة تعلل لماذا لا يمكن تحقيق ذلك، ولكن المشكلة الرئيسية هى لماذا لا نثق فى المسلمين الناضجين فى بلادنا، لماذا نعاملهم كأطفال ينبغى أن نهتم لهم.


كيف يتقبل الهولنديون والأوروبيون والغرب عموما أفكارك تلك عن الإسلام؟
كثير منهم لا يتقبلونها، هم يعتقدون أننى مدافع عن الشريعة، ولكن هذا غير صحيح، بالعكس، أنا ناقد للشريعة. وسؤالى هو، ما الذى نعنيه بالشريعة؟ وعندما أكتب مقالات عن ذلك، أحيانا يشعر الناس بالغضب، لأنهم لا يفهمون، ولكن هذا كان بالنسبة لى رسالة للمسلمين، وأقول لهم "إن كنتم تشعرون بالضيق تجاه القانون الهولندى، فأنتم تستطيعون التعامل مع 90% منه"، ومثلا هناك أزمة الفائدة،وفى بريطانيا، غيروا القانون لحلها، وتقول وزارة المالية، إن تحقيق ذلك صعب للغاية، وفيما يتعلق بقانون العقوبات، فمن المستحيل تطبيقه، وإن كان هناك ناضجون يريدون تطبيق أمر معين، فلماذا لا ندعهم يفعلون ذلك، فمثلا لماذا يتزوج الكاثوليك وهم يعلمون أنهم لن يحصلوا أبدا على الطلاق، فهذه حريتهم وهم يختارون هذا الطريق. ولكن ما يدعو للاهتمام هو وجود حماية القانون المدنى.


هل تعتقد أن المسلمين فى أوروبا يتم استغلالهم لتحقيق مكاسب سياسية، مثلما حدث فى الانتخابات الفرنسية الأخيرة، ومثلما يحدث مع اليمين فى هولندا؟
هذا أمر مثير للاهتمام، فالشباب المسلم فى هولندا، ودول غرب أوروبا يقولون، إنه لديهم حرية تعبير هنا أكثر من عدد من الدول الأخرى، والمشكلة ليست فى حرية الدين، وإنما حرية التعبير، تلك الحرية التى تمنحنا حق انتقاد الكثير بما يشمل الدين، وأرى أننا فى هولندا عشنا ما يقرب من 10 أعوام فى ظل انتقاد الإسلام، والمجتمعات الإسلامية اضطرت أن تتحمل ذلك، فلم يكونوا مؤهلين لفظيا أو فكريا لمواجهة ذلك، لذا كانوا غاضبين. بعض الآراء تقول، إننا ينبغى أن نعاملهم بلطف، ولكنى لا أرى ذلك، فأنا على سبيل المثال مع طلابى ونصفهم من المسلمين، أحاول تأهيلهم، أعلمهم كيفية الكتابة، فبعدها يستطيع أن يكتب مقالا غاضبا فى جريدة، ليس مقالا يتباكى فيها، وإنما مقال جيد يعبر فيها عن غضبه، فأنا أعلمهم عن النظام نفسه، وكيف أن يبدأوا حزبا سياسيا خاصا بهم، وأن يعملوا تحت مظلة المنظومة. والجيل الشاب الآن فى أوروبا يعيش فى عالمين، فهم مثقفون ومتعلمون على عكس الجيل الأول من المسلمين. وأنا أتعاطف معهم.

والبعض يتساءل عما حدث للتسامح الهولندى والأوروبى بوجه عام، ولكنى أحاول أن أعطى المسلمين وجهة النظر الأخرى، فعلى سبيل المثال، المكان الذى ترعرعت فيه بات يعرف الآن بالمغرب الصغيرة، وعندما يذهب أبواى لشراء الخبز، لا يستطيعان فهم كلمة واحدة مما يقوله الناس هناك، يشعرون كأنهم خارج البلاد. وهناك أمر لا يفهمه الكثيرون، فالهجرة إلى أوروبا لم تكن تدريجية، الأمر الذى غير المجتمع كليا.

والفارق بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، هو أن الأخيرة لم تعتد الهجرة، بينما اعتنقتها الأولى، فبالنسبة لنا الأمر جديد، فهو حرفى تغير فى اللون.

هل تعتقد أن هذا الوضع ساهم فيه بشكل جزئى ما يسمى بالإسكان الحلال، حيث يختار مجموعة من المسلمين حيا لهم ويقومون ببنائه بالطريقة التى تناسب طقوسهم ويبنون مدارسهم الخاصة ومساجدهم؟
فى هولندا، يقول الناس إنها كذلك، وإذا قارنا ذلك بالولايات المتحدة، فهذا لا يمثل أى جزء من المشكلة. ولطالما كان لدينا هذه السياسة فى هولندا التى تحاول مزج الجميع، ويوجد هناك 450 مسجدا بعد أن كان مسجدا واحد فقط قبل 50 عاما، وبالفعل هناك تغير كبير تجاه الإسلام من جانب الهولنديين، وبعض تلك المساجد ضخم للغاية، ونحن لدينا أكبر مساجد فى دول غرب أوروبا.









مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة