معصوم مرزوق

ترويض وحوش الرأسمالية

الجمعة، 13 ديسمبر 2013 12:26 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هؤلاء لم ينتخبهم أحد، ولكن لديهم السلطة الأخيرة فى أغلب المجتمعات الحديثة، إنهم رجال الأعمال الذين دانت لهم السيطرة الكاملة على الحياة الاقتصادية وتسلل ذلك أيضاً بالضرورة إلى الحياة السياسية والاجتماعية، ولعل ذلك يذكرنا بأن دور الكنيسة فى أوروبا كمركز لتركز السلطة الدينية والدنيوية قد ركز أيضاً بين يديها خيوط الاقتصاد، وعندما ظهرت الدولة تقهقهر دور الكنيسة، والآن يتراجع دور الدولة التى أصبحت عاجزة عن سد كل الاحتياجات الأساسية المتزايدة للإنسان، وسيطرت العولمة من خلال الشركات الكبرى متعددة الجنسية، بحيث أصبحت ميزانية شركة متوسطة منها تعادل ميزانيات مجموعة دول فى العالم الثالث، لقد أثيرت مسألة مسؤولية الشركات الكبرى تجاه المجتمعات التى تعمل فيها، وكان المعروف أن هذه المسؤولية لا تتعدى تلك التى تخص العاملين فيها والمساهمين فى رأس مالها، وأن ذلك وحده هو الذى يؤدى إلى التنمية المستدامة، حيث أن نجاح كل شركة فى الوفاء بتلك المسؤوليات، يتيح أرباحاً تسهم فى إنعاش الأسواق، وخلق فرص عمل جديدة، وتحفيز إنشاء شركات منافسة جديدة، وهكذا يتطور المجتمع، ولأن أحداً لم ينتخبهم، فأنهم لا يحملون أى مسؤولية، ولا يخضعون لأى رقابة سوى تلك المحاسبية التى تحصى الضرائب والرسوم المفروضة، وربما تكون الرقابة الوحيدة المؤثرة هى رقابة الجمعيات العمومية للشركات التى تمثل المساهمين، وأولئك لا يهتمون فى الغالب سوى بنصيبهم فى الآرباح.
لا أريد الدخول حالياً فى تفاصيل الكتابات التى هاجمت بشدة تلك العولمة أو الاقتراحات المختلفة لتفادى آثارها المدمرة على المجتمعات وخاصة مجتمعات العالم الثالث، وإنما أردت فقط أن أسلط الضوء على المعضلة التى تواجه أحد أهم أهداف الثورة المصرية فى تحقيق العدالة الاجتماعية، لأن يستحيل تحقيق هذا الهدف طالما ظلت قواعد اللعبة على حالها، فلا يمكن لاقتصادنا المهيض جناحه أن يتصدى لمواجهة تيار عالمى كاسح يمثل بحق أسوأ أشكال الاستعمار الجديد، ولا محيص من تنسيق الخطط والتحرك الدبلوماسى مع الدول المتماثلة معنا بما يشبه حركة الاستقلال الوطنى فى النصف الثانى من القرن العشرين، ومن ناحية أخرى فإن المجتمع لا بد أن يكون متأهباً لتقديم بعض التضحيات بالتنازل مثلاً عن بعض السلع الاستهلاكية الترفيهية، وأن يتم تشجيع الرأسمالية الوطنية على النهوض بحركة تصنيع واعدة تستهدف تلبية الاحتياجات الضرورية للمجتمع بسعر منافس، وأن تتدخل الدولة الرشيدة فى إدارة الاقتصاد ولو لفترة محددة سلفاً، وبسياسة تقشفية تستهدف أولاً تطهير البيروقراطية المصرية العتيقة، وإغلاق منافذ الفساد، وسن تشريعات ضريبية تصاعدية مدروسة.
أن الإفلات من قيود النظام الاقتصادى الدولى الجديد لا يعنى الانعزال عن العالم، وإنما يعنى التحرك الذكى وخلق رأى عام دولى بين دول العالم الثالث، وإذا كانت الدول الكبرى تتجمع فى مجموعة الثمانية أو العشرين، أو حتى فى إطار الاتحاد الأوروبى كى تنسق سياساتها الاقتصادية، فإننا مطالبون بأن نسعى لخلق التجمع الموازى للدفاع عن مصالحنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

الدولة تحتاج الى حزم وشجاعة

عدد الردود 0

بواسطة:

امىره الازهرى

كلام ذكى

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد

لا توجد رأسمالية وطنية و لكن يوجد لصوص سرقوا موارد البلد و امتصوا دماء أبنائه

.

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد

في النظام الرأسمالي فان أي سياسة تقشفيه يتحملها الفقراء فقط

.

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد

من اعتادوا علي النهب لن يقدموا تضحيات بل تجب محاسبتهم أولا قبل أي شيء

.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة