ما قبل ثورة يوليو وما بعدها حتى أوائل ستينيات القرن الماضى كانت أغلب بيوت مصر فى القرى والنجوع، وكثير من المدن أغلب من الغلب تضاء بلمبة جاز نمرة خمسة أو نمرة عشرة على أحسن تقدير، اللمبة صناعة مصرية مائة بالمائة، وفى سنوات قليلة إلى ما قبل حرب 67 حرصت الحكومات المتعاقبة على الاستمرار فى التصنيع، فكانت هناك عشرات المصانع نشأت بإرادة سياسية للنهوض بهذا البلد، فأنشئت المصانع الحربية وشركة الغلايات ومصانع النسيج والقومية للأسمنت والكيماويات ومشتقاتها ومع رحيل الإرادة السياسية ضعفت الإرادة، وتولى أمور هذه الأمة كل قادر على البيع وإحلال صناعة البسكويت والشيبسى محل الصناعات الثقيلة.
وتم بيع مئات المصانع وتسريح العمال ولم يبق لنا من تراث نهضتنا إلا السد العالى وبعض المصانع وذكريات بطولة كامنة فى صدورنا تتنتظر من يوقظها، أكثر من أربعين عامًا مضت من عمرنا هدرًا أهدرنا فيها ثرواتنا بفعل فاعل وحفنة من اللصوص والناس من حولنا تتقدم.
والدول تنهض وتنمو ونحن على العهد لا ننظر إلى الأمام يطاردنا شبح الماضى، ونقضى العمر فى صراع بين اللحية والجلباب والخلافة الإسلامية وإقامة الحدود من جانب وبين مدنية الدولة وديمقراطية زائفة من جانب آخر، وفى خضم الصراع يطرح السؤال نفسه: من منا على حق ومن يحتكر الحقيقة؟ كلنا نعيش فى وهم كبير بين الديمقراطية وبين الدين، لا الدين يقر ما نفعله بأنفسنا من ظلم وقهر وسرقة ونهب أدت فى النهاية إلى اندلاع ثورتين ولا نحن جديرون بالديمقراطية الحقة أو تلك التى نتشدق بها.
نحن فى حاجة إلى رجل منا يبعث فينا روح الدين يبعث فينا الحق والعدل والمساواة بين الناس، وتهيئة المجتمع ببث كل ما يدعو للفضيلة.. ليس على المنابر ولكن من خلال قرارات ثورية تحقق ما نادت به الأديان وما تدعوا له الديمقراطية، نريد نفر منا يحب هذا البلد الطيب بالأفعال لا بالأقوال، أدعو الله أن يخرج منا صاحب رسالة حق وعدل وإخاء ومساواة ونهضة. يجمع شمل الأمة ويبعد عنا شبح سد النهضة وشبح العودة إلى ما قبل الستينيات وأضواء لمبة الجاز نمرة خمسة.
محمود السيد يكتب: لمبة نمرة خمسة وحساب السنين!
الأربعاء، 11 ديسمبر 2013 02:03 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة