الأمم المتحدة تنتقد أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.. تدعوها لزيادة الاستثمار فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. وتزعم: الإدارات المتعاقبة بعد الثورة فشلت فى معالجة انعدام العدالة وانتهكت الالتزامات الدولية

الأربعاء، 11 ديسمبر 2013 04:28 م
الأمم المتحدة تنتقد أوضاع حقوق الإنسان فى مصر.. تدعوها لزيادة الاستثمار فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. وتزعم: الإدارات المتعاقبة بعد الثورة فشلت فى معالجة انعدام العدالة وانتهكت الالتزامات الدولية رئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى
كتب عبد اللطيف صبح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مُثِّلَت مصر، للمرة الأولى منذ قرابة العشر سنوات، أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة، المختصة بمراجعة التزام الدول الموقعة على العهد الدولى.

وأصدرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، نتائج استعراضها لسجل مصر فى مجال حقوق الإنسان الأسبوع الماضى.

وقامت اللجنة بتسجيل مجموعة من الهواجس المتعلقة بالتمتع بهذه الحقوق داخل مصر، بدءاً من ارتفاع معدلات البطالة، وازدياد النقص فى الأمن الغذائى، وعدم توفّر السكن بأسعار معقولة، ووصولاً إلى الانخفاض فى تغطية التأمين الصحى، وعدم كفاية برامج المساعدة الاجتماعية.

ومن القضايا الرئيسية التى شملتها هذه المخاوف، ضعف الحماية القانونية لحقوق الإنسان فى مصر، والنقص فى الاستثمارات طويلة الأمد فى القطاعات الاجتماعية الهامة، واستبعاد المجتمع المدنى والمجتمعات المحلية من عملية صنع السياسات.

وقالت اللجنة، إن مصر لا تستثمر فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشكلٍ كافٍ، وأعربت عن قلقها إزاء التفاوتات الواسعة فى توفر الخدمات الأساسية.

كما لاحظت أن مخصصات الميزانية تنخفض باستمرار، خاصة فى مجال الصحة والتعليم والسكن والمياه والصرف الصحى والضمان الاجتماعى، مما "أدى إلى التراجع فى التمتع الفعلى بالحقوق المنصوص عليها فى العهد الدولى، الذى يؤثر بشكل غير متناسب على الأفراد والجماعات المحرومة والمهمشة".

وانتقدت أيضا التخفيضات فى دعم المواد الغذائية و"تزايد اللجوء إلى الضرائب غير المباشرة، من دون تقييم مسبق لآثارها على حقوق الإنسان التى يحتمل أن تكون شديدة ومن دون دراسة متأنية للبدائل الأكثر إنصافا لتحصيل الإيرادات".

فى ضوء ذلك، أوصت اللجنة بأن تقوم مصر بتعزيز تشريعاتها الرامية إلى مكافحة الفساد، مع الأخذ بعين الاعتبار التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان عند التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، من أجل ضمان عدم تعرّض حقوق الإنسان للأذى، وخاصة للفئات الأكثر فقرًا.

وحددت اللجنة وفق زعمها مجموعة متنوعة من الحقوق التى لا تتمتّع بالحماية القانونية الكافية بموجب القانون المصرى، وفى معرض انتقادها لقانون العمل فى مصر، الذى يحد من حرية التكوين، والتعددية للجمعيات والنقابات، واتحاداتها، ويفرض قيودًا على الحق فى الإضراب، طلبت اللجنة من مصر أن تقوم بتعديل قانون العمل وقانون النقابات، على سبيل المثال لا الحصر.

كما أعربت عن قلقها من أن انخفاض "الحد الأدنى للأجور فى القانون لا يشكّل ضمانة لمستوى معيشى لائق وهو غير مرتبط بمعدلات التضخم»، و«لا ينطبق سوى على القطاع العام"، مشيرة أيضاً إلى عدم وجود ضمانات كافية لتنظيم أحوال الأعداد الكبيرة من العاملين فى القطاع غير الرسمى.

كما طلبت اللجنة من مصر أن تشرّع حقاً قانونياً لضمان الحيازة، لمكافحة الممارسة «واسعة النطاق» لعمليات الإخلاء القسرى، ومن أجل توفير التعويض المادى والمعنوى للأفراد والأسر التى تعرضت لهذه الممارسة، على حد زعمها.

بالإضافة إلى ذلك، قامت اللجنة بالإشارة إلى مكامن الخلل فى تنفيذ التشريعات، ووضعت توصية بأن تقوم مصر بضمان تحسين إنفاذ العقوبات القانونية لمعالجة ارتفاع نسبة عمالة الأطفال، والعنف ضد المرأة، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، على سبيل المثال.

وأثارت اللجنة هاجساً إضافياً على حد زعمها يتعلّق بالفشل فى حماية أماكن العبادة، ولاسيما الكنائس القبطية.

وانتقدت اللجنة بشدة التمييز الواسع والمنتشر ضد المرأة وتحديدا فى مجالات التمثيل السياسى وانخفاض الأجر وانحصار أغلب فرص العمل فى القطاع غير المنظم، وانتقدت اللجنة أيضا التمييز ضد المرأة فى قوانين الأحوال الشخصية.

وأوصت اللجنة الحكومة المصرية باتخاذ حزمة من الإجراءات التشريعية المؤقتة لضمان المساواة بين الرجل والمرأة فى مجالات عدة، لاسيما فى المساواة فى العمل والمشاركة السياسية بما فى ذلك عضوية مجلس النواب.

وأوصت بأن تتاح للمجتمع المدنى قنوات للمشاركة فى صنع وصياغة الميزانية والسياسات العامة بشكلٍ جاد، كما دعت إلى تحسين عملية جمع البيانات المفصلة المتعلقة برصد تنفيذ القوانين والسياسات ذات الصلة.

وحثت اللجنة مصر على "تطوير سياسة سوق متماسكة لمعالجة البطالة، وذلك بالتشاور مع المجتمع المدنى"، ولاسيما تلك التى تستهدف النساء والشباب.

جاءت توصيات اللجنة بعد فحصها للتقارير الدورية التى قدمتها الحكومة المصرية (من التقرير الثانى إلى الرابع والمقدمين بشكل مشترك) وبعد حوارها مع الوفد المصرى الرسمى، يوم ١٤ نوفمبر، الذى ضم عدداً من الدبلوماسيين من البعثة المصرية فى جنيف، وممثلين عن وزارات الصحة والتعليم والتعاون الدولى، وكان برئاسة مساعد نائب وزير الشؤون الخارجية لحقوق الإنسان والمجتمع المدنى.

وانتقدت اللجنة الوفد الذى لم يوفر أحدث المعلومات عن الحالة التى وصلت إليها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفى هذا الإطار، استفاد أعضاء اللجنة من التحليل المفصل الوارد فى تقرير المجتمع المدنى المشترك، الذى أقرّه ائتلاف واسع يتشكّل من ٥٨ منظمة مجتمع مدنى وطنية، من ضمنها المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ودولية، وتم تقديمه إلى اللجنة قبل إجراء الحوار.

وأكدت النتائج التى توصلت إليها اللجنة أن فشل الإدارات المتعاقبة بعد الثورة باتخاذ خطوات ناجحة لمعالجة غياب العدالة الاجتماعية الذى أشعل الثورة – وانعدام العدالة فى العمل والسكن والرعاية الصحية والتعليم ومستويات المعيشة – يُعَد انتهاك التزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان على حد زعمها، قائلة إن هناك حاجة لتدابير ملموسة، مثل الإصلاح التدريجى للسياسات المالية، للتمكن من مواجهة الظلم الاجتماعى الراسخ الذى تميّز به عهد مبارك.

وأشارت إلى أن تنفيذ توصيات اللجنة ستكون خطوة هامة نحو تحقيق هذه الإصلاحات الأساسية، وللسير على مسار تحقيق مطالب الشعب المصرى بالعيش والكرامة والعدالة الاجتماعية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة