كم أتألم، كم أتحسر، كم أتعجب، أتألم وأتحسر على حال بلادى، وأهل بلادى، من الخلاف الدائم، والضرب والقتل، والتخريب والتناحر.
وكم أتعجب من هذا المجتمع الذى أعيش فيه هنا، فى شبه القارة الصينية، مجتمع متناسق تمامًا، ومتفاهم تماما، ومتعايش مع بعضه البعض.
كل شخص يصنع ما يشاء، كل شخص يتصرف كما يحب، المهم هو القانون والنظام الذى يربطنا جميعًا، فلا أحد يهزأ من أحد، ولا أحد يضرب أحد، وإذا حدث فإن القانون فوق الجميع.
نحن أبناء قومية واحدة، ولغة واحدة، وأصل واحد، ودين واحد، وخلفية ثقافية واحدة، ومع ذلك نتفرق ونتقاتل ولا نتعايش، ولا يقبل بعضنا الآخر، ووصل الأمر إلى التقاتل، ومحاولة استئصال شأفة فصيل، لصالح فصيل آخر، لماذا؟ لمجرد الاختلاف فى الآراء، سحقًا لهذه الآراء، وسحقًا لأصحابها الذين لا يملكون التعايش والقدرة على التقارب واحتواء الآخر.
على الطرف الآخر من طرفى النقيض، تجد المجتمع الصينى، به ما يقارب 56 قومية مختلفة، تمام الاختلاف، اختلافًا كليًا وجزئيًا، فلكل منطقة لغة مختلفة تمامًا، وعادات متناقضة أحيانًا، وتقاليد غريبة أحيانًا أخرى، ولكن انظر اليهم فى الشوارع، وهم يسيرون، تشعر بأنهم من أسرة واحدة، ووحدت الحكومة بينهم فى اللغة، فالكل يتكلم لغة واحدة فى الأماكن العامة وفى المدارس، وفى الإعلام، وفى بلدك مع أسرتك يمكنك التحدث باللهجة الخاصة بك.
ومما أعجبنى أيضًا فى هذا المجتمع، أن كل شخص يفعل ما يشاء، دون خجل من أحد، ولا أحد ينظر إليه أو ينتقده، فمثلا: قد تجد امرأة عجوزة فوق الستين تغنى وترقص وتفعل ما تشاء، ولا أحد يعلق عليها، ولو حتى بنظرة، وتجد شابًا يحمل صديقته الحميمة فوق كتفه، ولا أحد ينظر إليهما، المهم أن يكون هذا العمل خاصًا بك، ولا يضر الآخرين.
ولكن فى بلادنا: إذا فكرت أن تلبس لباسًا رياضًيا وتجرى به فى الشوارع، أو فى الأماكن الخضراء، فكم ستجد من الانتقاد ونظرات التوبيخ.
إننى أحيى هذا الشعب الذى أعاد أمجاد أجداده القدماء، فكما يفخرون بحضارتهم القديمة، أصبحوا الآن يفخرون أيضا بحضارتهم الحديثة، فهم ثانى اقتصاد فى العالم بعد أمريكا، متفوقون على اليابان، أما نحن فما زلنا نفخر بحضارتنا القديمة، ونعيش على أنقاض تلك الحضارة، وسمعة أجدادنا القدماء.
أحترق من هذه الخواطر، كل يوم أرى فيها هذا المجتمع يسير بهذه الروح، أتمنى أن تتحول هذه الروح إلى بلادى، فأستيقظ على روح التسامح والتآخى بين أبناء بلادى. كما أتمنى أن أفخر بحضارة بلادى الحديثة كما نفخر بحضارتنا القديمة، اللهم أرنى هذا اليوم، وكحل عينى بالعيش فيه، والتنعم بمعايشته. اللهم آمين.
أحمد صابر يكتب: متى تعود روح التسامح بين أبناء بلادى؟
الأربعاء، 11 ديسمبر 2013 10:17 ص