نقلاً عن اليومى...
عندما أطلقت الجماعة الإسلامية مبادرتها للمراجعات الفكرية ووقف العنف خلال سنوات النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى، ثار جدل واسع بشأنها، ورآها فريق مقدمة لإنهاء الصراع الدموى بين الجماعات الإسلامية والدولة المصرية، ورآها آخرون خدعة من الإسلاميين لإنهاء سنوات سجنهم، لتثير المواجهات الحالية بين جماعة الإخوان والدولة المصرية أيضا سؤالا حول مصير تلك المواجهات، وهل تنتهى هى الأخرى بمراجعات فكرية من قبل الإخوان وأنصارهم؟
سألنا الدكتور ناجح إبراهيم أحد أبرز القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية وصاحب صياغة مبادرتها لوقف العنف: لماذا لا يجرى الإخوان وأنصارهم مراجعات فكرية لوقف العنف؟، ورأى فى حواره لـ«اليوم السابع» أن هناك خطوات لابد أن تتخذها الجماعة أولا حتى تنجح أى مبادرة للمصالحة بينهم وبين الدولة، كما اعتبر أيضا أن المناخ الحالى أفضل كثيرا لإجراء تلك المصالحة عنه وقت طرح مبادرة الجماعة الإسلامية.. وإلى تفاصيل الحوار:
فى رأيك ما الذى يمنع التيار الإسلامى اليوم من إجراء مراجعات فكرية على غرار تلك التى أجرتها الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد من قبل؟
- المراجعات تحتاج إلى شجاعة أدبية واعتراف بالخطأ وأن يكون الإنسان لديه استعداد أن يضحى بجاهه وحظوته لدى الناس من أجل مصلحة الوطن ومصلحة الإسلام وما خلصت إليه من تجربتى أن قرار المراجعة والاتجاه للعمل السلمى يحتاج إلى شجاعة أكثر من شجاعة قرار الحرب لأنه لا أحد يعلم إلى أين ستؤدى نتيجة المراجعات، ومن ناحية أخرى فى السلم يشتمك الجميع حتى لو كنت صائبا وفى الحرب يتملقك الجميع حتى لو كنت مخطئا، والدليل أن الحسن بن على شتم والسادات شتم، والملك فاروق أيضا شتم عندما ترك الحكم بكامل إرادته، لكن المشكلة أننا نعانى اليوم من غياب الشجاعة وتقديم مصلحة الفصيل السياسى على مصلحة الوطن.
وفى ظل الوضع الحالى هل يمكن أن تتخذ التيارات الإسلامية قرارا بإجراء مراجعات؟
- دعنى أضرب لك مثالا.. فى اعتصام أنصار الرئيس «المعزول» برابعة العدوية كانت القيادات تعرف موعد فض الاعتصام وتعرف أنه سيتم فضه بالقوة، لكن لم يكن هناك قائد شجاع يمكن أن يبيع جاهه وحظوته لدى الناس ويطالبهم بالرحيل حتى لا يتعرضوا للخطر وحفاظا على دمائهم.. أنا لو كنت مكان صفوت حجازى ما كنت هربت وتركت الأطفال والنساء يقتلون بل كنت سأناشد الناس أن يرحلوا وسأطالب قوات الأمن بأن يتمهلوا، بل إننى أرى أنه ما كان ينبغى أن يستمر الاعتصام بعد عيد الفطر وكان لابد أن يخرج قيادات الاعتصام ليطالبوا الناس بالرحيل حفاظا على دمائهم وأرواحهم.
هل ترى ضرورة أن يتخلى الإخوان ومن معهم عن المطالبة بعودة ما يسمونه بـ«الشرعية» وأيضا تحكيم الشريعة؟
- الشرعية بشرية وغير مقدسة ومن الممكن أن يشوبها الخطأ والصواب ومن الممكن التنازل عنها لمصلحة الأمة والإسلام ولحقن الدماء ولتحقيق مصلحة أهم، أما الشريعة فهى مقدسة من عند الله وهى أمر الله ونهيه ولا تنازل عنها والشرعية جزء والشريعة كل ولا يمكن للجزء أن يمحو الكل.
كيف إذن تم إلصاق الشرعية بالشريعة؟
- حدث فى غفلة من الزمان أنهم ألصقوا الشرعية بالشريعة، وكأنه لا يمكن التنازل عن الشرعية التى هى وسيلة من أجل الشريعة التى هى غاية وفى سبيل ذلك يموت الآلاف ويحشر آلاف فى السجون ويدمر الوطن وتحرق الكنائس والأقسام ويضرب الجيش ثم بعد ذلك لا تعود الشرعية وأخشى أن يؤدى هذا الالتصاق إلى تهديد الشريعة نفسها.
كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
- الشريعة مهددة بالدوران حول الشرعية، وفى النهاية لا تعود الشرعية ولنا فى تجربة الجزائر أسوة حسنة ولذلك أرى أنهم لابد أن يؤمنوا بأن الشرعية هذه أمر عادى، ومن الممكن أن ينتهى وأن يركزوا على الوطن والشريعة لأنهم باقون أما الشرعية فهى فانية.
ما الذى يجب أن تفعله الدولة فى المقابل؟
- أى مبادرة لكى تنجح لابد أن يتوافر لها عدة عناصر بداية يعلن الطرف الذى يمارس العنف وقف الاقتتال والتحريض عليه بدون أى شروط والدولة فى المقابل تبدأ فى الإفراج التدريجى عن السياسيين والعناصر المحتجزة لديها ثم يتم إجراء مصالحة سياسية ثم إجراء مراجعات وإعادة الدمج فى المجتمع.
هل ترى أن جماعة الإخوان تواجه أزمة فى إجراء مراجعات فكرية؟
- المستشار حسن الهضيبى المرشد الثانى للإخوان والدكتور عمر التلمسانى المرشد الثالث هما أول من أجرى مراجعات فكرية، لكن خلال السنوات الأخيرة لم يصدر عن جماعة الإخوان أى مراجعات سوى مجهود بذله الشيخ يوسف القرضاوى وهو شاب وكان مستقلا تنظيميا عن الإخوان.
ما الذى ترى ضرورة مراجعته عند الإخوان؟
- أولا لابد من مراجعة خطاب رابعة العدوية وضرورة التفريق بين الجانب العقائدى الثابت والجانب السياسى المتغير، والتمييز بين فقه الدولة وفقه الدعوة وعدم الخلط بين الجماعة والدولة، لأنه لا يمكن لأى جماعة أن تبتلع دولة ولا يمكن لأى دولة أن تبتلع أمة، فعندما حاول محمد مرسى أن يبتلع الدولة فى جماعة الإخوان فشل لأنه كان كمن يريد أن «يدخل الفيل فى الإبريق» وأيضاً لابد من إجراء مراجعات حول استخدام العنف والعلاقة مع الجماعات التكفيرية.
هناك من يشكك فى صدق مراجعات الجماعة الإسلامية بسبب خطاب التحريض الذى صدر عن بعض قياداتها على منصة رابعة العدوية والنهضة؟
- الجماعة الإسلامية قطاع عريض وأصحاب هذا الخطاب لا يعبرون عنها حتى وإن كانوا هم الذين يقودون الآن، والبعض داخل الجماعة الإسلامية كان يتصور أنه بعد ثورة 25 يناير لم تعد هناك حاجة لمبادرة وقف العنف، لكننا قلنا إننا قمنا بالمبادرة لنحقن الدماء وليس لكى نخدع المجتمع، وأنه كانت لدينا أخطاء صوبناها والسلطة كانت لديها أخطاء وصوبت بعضها، ونحن لا يمكن أن نعود لأخطائنا مرة أخرى.
ما الذى أوصل التيار الإسلامى إلى هذا الوضع؟
- الجماعات الإسلامية الآن تقدم التنظيميين على المفكرين والدعاة، فأصبح كل المفكرين وأصحاب القرار والفكر الحر ينحون بأنفسهم جانبا من الجماعات.
هل هذا ما حدث معك فى الجماعة الإسلامية بعد ثورة يناير؟
- أنا الذى رحلت بنفسى، ولو كنت أريد أن أستمر لكنت بقيت لكنى كنت أريد أن أرحل وقدمت استقالتى من مجلس شورى الجماعة.
ناجح إبراهيم: قرار المراجعات الفكرية يحتاج إلى شجاعة أكثر من قرار الحرب .. قيادى الجماعة الإسلامية: أنصار الإخوان افتقدوا قائداً شجاعاً يفض اعتصام رابعة ويحفظ الدماء.. ولو كنت مكان صفوت حجازى ما هربت
السبت، 09 نوفمبر 2013 07:52 ص
ناجح إبراهيم
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
tarek
صدقت
لاول مره احس اننى مصدق واحد منهم
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر محمد
بارك الله فيك و نفعنا بعلمك يا دكتور ناجح
عدد الردود 0
بواسطة:
ئشن
دكتور ناجح انت صادق مع نفسك وربنا نور بصيرتك
عدد الردود 0
بواسطة:
ramzy
بارك الله في علمك
كلام عاقل يدعو الي نبذ العنف ووحده الوطن