سؤال يراود الكثيرين من المتابعين للشأن العام بالقاهرة وكذلك المتألمون كل يوم من زحام السكن والمواصلات فى عاصمة مصر، التى يقطنها ما يقارب خمس سكان المحروسة.. لماذا كل هذا العدد من البشر فى هذه البقعة الصغيرة؟ ولماذا يهاجر كل هذا العدد من البشر من محافظات الصعيد والدلتا للقاهرة؟ وهل تفريغ القاهرة من سكانها المغتربين ممكن أم مستحيل؟
ظاهرة هجرة الصعايدة الى القاهرة معروفة منذ زمن بعيد وتم رصدها فى العصر الحديث منذ تعداد السكان الأول لمصر عام 1897.. ويمكن أن نفرق بين فترتين أساسيتين مرت بهما الهجرة الى القاهرة الأولى ما قبل ثورة يوليو 1952 والثانية ما بعدها.
وتميزت فترة ما قبل الثورة بهجرة ضعيفة لكنها كانت مستقرة وكانت الهجرة للقاهرة فى مجملها تتم بحثا عن فرص تعليم أفضل للأبناء، أو الحصول على خدمات صحية وثقافية، لم تكن موجودة فى الصعيد فى ذلك الوقت وانعكس ذلك على نوعية المهاجرين الذين كانوا أفضل حالا من غير المهاجرين، وأكثر منهم طموحا وثقافة وربما أفضل من الناحية الاقتصادية أيضا ومع الزيادة السكانية الرهيبة، وترهل الجهاز الإدارى للدولة وانتشار البطالة وتدهور التعليم والأحوال الاجتماعية فى الريف وفى محافظات مصر المختلفة، وتقلص الرقعة الزراعية فضلا عن انحسار فرص الهجرة للخارج استمرت الهجرة إلى مدينة القاهرة ولكن اختلفت نوعية المهاجرين اختلافاً تاماً فبدلا من استقبالها لصفوة أبناء الريف الذين كانوا يقصدونها لتلقى العلم فى جامعاتها لوحظ خلال العقدين الماضيين، أنه حدث تحول كبير فى نوعية هؤلاء المهاجرين حيث أصبحت القاهرة تستقبل سيلاً من العاطلين من الأميين، وحملة الشهادات المتوسطة وبعض حملة المؤهلات العليا للعمل فى الأعمال الدنيا التى يوفرها القطاع غير الرسمى فى اقتصاد العاصمة.
وتتركز أعمال هؤلاء المهاجرين فى مجالات العمالة غير الماهرة فى قطاع المقاولات والباعة الجائلين وعمال المقاهى والعديد من الأعمال الأخرى الهامشية.
وتؤكد أرقام تقرير التنمية البشرية لعام 2008 أن الفقر يستوطن الصعيد بشكل أساسى حيث توجد 762 قرية فى محافظات المنيا وسوهاج وأسيوط، من بين أفقر 1000 قرية فى مصر وتوجد 59 قرية منها فى محافظة سوهاج وحدها.
وهناك دراسات أخرى تؤكد أن كل 10 فقراء فى مصر بينهم 7 ينتمون إلى الوجه القبلى ويعيش فيه نحو 66% من الفقراء.
ومن الأسباب المهمة وراء هذه الهجرة هى السياسات الحكومية منذ عشرات السنين من خلال جعل القاهرة هى صاحبة الحق الحصرى فى احتضان جميع الوزارات، والمؤسسات والهيئات الحكومية.. وقلدها فى ذلك القطاع الخاص.. فنجد مثلا مواطنا يريد أن يسافر إلى الخارج لابد له من السفر للقاهرة للكشف عن الفيروسات، واستلام شهادة صحية من الحجر الصحى بوزارة الصحة بالقاهرة.
وكذلك إذا أراد موظفا فى وحدة صحية بأقصى الصعيد أو محافظات الدلتا عليه أن يبحث عن مسئول قابع فى القاهرة.
ويتساءل الخبراء وأنا معهم.. لماذا تتواجد وزارة الزراعة ذات المساحة الهائلة والموظفين المكتظين فى القاهرة، ولماذا لا تكون فى إحدى المحافظات الزراعية كالشرقية أو أسيوط مثلا؟. . ولماذا لا تنقل وزارتا الثقافة والآثار للأقصر التى تمتلك ثلثى آثار مصر؟ ولماذا لا تنقل وزارة الرى إلى أسوان حيث السد العالى؟ وأيضا يمكن نقل كل الوزارات للمحافظات التى تلائمها؟ ولماذا تتكدس المؤسسات الصحفية والإعلامية بالقاهرة رغم أن فى كل دول العالم تتوزع الصحف على مناطق الدولة المختلفة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
الحل الوحيد بناء عاصمة جديدة فى الصحراء
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
لابد من عاصمة جديدة...وتعلموا من الهند والبرازيل وغيرها...